الوضع السياسي في الصومال بين التهدئة والتصعيد

مقديشو (مركز مقديشو) رغم الإنتقادات اللاذعة التي وجهها رؤساء الولايات الإقليمية للحكومة الاتحادية وإعلانهم وقف كل أشكال التعاون معها، يبدو أن الوضع السياسي في الصومال لاينحدر  إلى منعطف خطير بناء على معطيات جديدة على الأرض، وأن الخلاف بين الطرفين  غير مستعص على الحل ويمكن تجاوزه عاجلا أم آجلا.

 دعوات الوحدة

دعا رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية  الأمة  إلى الوحدة والتعاون ، في محاولة لتهدئة الوضع السياسي في البلاد، و توجيه رسالة طمأنة لرؤساء الولايات.

وأكد الرئيس على أنه يتابع الانتقادات التي وجهها رؤساء الولايات الإقليمية عن كثب مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية والإدارات المحلية للقيام  بمسؤولياتها الدستورية وتحقيق تطلعات الشعب الصومالي.

وقال الرئيس “ أذكّر جميع قيادات البلاد سواء على الصعيد المحلي والفيدرالي أن الطريق الوحيد إلى تحقيق التعافي الكامل هو الوحدة، وتعزيز التنسيق انطلاقا من المصلحة  الوطنية العليا التي أقسمنا جميعا على العمل من أجلها”.

وأقر الرئيس بإمكانية وجود تقصير أوتجاوزات  حول العلاقة بين قيادات الوطن على اختلاف مستوياها، لكن ينبغي حلها عبر الطرق القانونية والدستورية، منوها إلى ثقته في قدرة المسؤولين على الانتقال إلى  الشراكة والتعاون  لتحقيق تطلعات وآمال الشعب .

ملف المصالحة

وفي هذا السياق أكد وزير الداخلية والمصالحة عبدي فارح جحا أن الحكومة تعطي الأولوية لملف الأمن والمصالحة ، معلنا استعداها بفتح حوار مع من يخالفها في الرأي

وأوضح عبدي جحا أن وزارته تواصل جهودها بشأن المصالحة ، منوها إلى تنوع الخلافات واختلاف مستوياتها ودرجاتها.

 وقال جحا إن أسباب الخلاف متعدد وتختلف مستوياته فهناك اشكاليات حول الصلاحيات وأخرى سياسية ودستورية بينما هناك خلافات  تتعلق بتوزيع الثروة، مشيرا إلى أن تجاوز الأزمة بحاجة لبعض الوقت.

 وشدد حجا أن الوطن ملك للجميع، وأن أبواب الحكومة مفتوحة لكل من يريد تحقيق الوفاق والوئام.

الضجة السياسية

لكن رئيس  الوزراء حسن علي خيري استخدم نبرة محتلفة ، وأعلن  ردا على نتائج مؤتمر  رؤساء الولايات الإقليمية في كسمايو عن رفضه للانتقادات الموجهة لحكومته، ودعا الشعب إلى عدم السماح بتمرير انتقادات تهدف إلى تحقيق أجندات خاصة .

 جاء ذلك في كلمة له بمناسبة يوم العلم التي عقدت في ملعب كرة السلة بمقديشو، معبرا عن أسفه إزاء النويا الكامنة وراء هذه الانتقادات التي لا تهدف سوى منع بزوغ فجر جديد للأمة بحسب رئيس الوزراء.

قال حسن علي خيري “يجب ألا نقبل من أحد توجيه انتقادات للحكومة هدفها تمرير أجندات خاصة ووأد بصيص الأمل الذي لاح للشعب الصومالي، مطمئنا الشعب، أن عصر الإنهزام  السياسي واختفاء القيادات خلف الأبواب الموصدة قد إنتهى.

وأضاف خيري أن الضجة السياسية المثارة لن تستمر طويلا ، وستتلاشى سريعا، وفرص نجاحها محدودة، مؤكدا بقاء الحكومة على عهدها حتى النهاية.

وأوضح خيري أن الصومال ماضية إلى  الأمام ولا سبيل للعودة إلى الوراء، لافتا النظر إلى الانجازات التي تحققت  في الفترة الماضية.

الفيدرالية لم تتعد الكلام

ومن جهة أخرى، يوصل بعض رؤساء الولايات الإقليمية تصعيدهم ضد الحكومة الإتحادية، حيث جدد  رئيس جنوب غرب الصومال، شريف حسن آدم انتقاداته للحكومة المركزية.

وطالب شريف حسن الحكومة الاتحادية بتطبيق  النظام الفيدرالي بشكل عملي وعدم التنصل من إلتزاماتها تجاه هذه المسؤولية ، مشيرا إلى التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب في إرساء هذا النظام .

وقال شريف نؤمن أن النظام الفيدرالي لم يتعد طور الكلام وأن الواقع السياسي للفيدرالية مختلف عن الواقع العملي، وطالب الحكومة الاتحادية بالالتزام بروح الدستور الفيدرالي.

وأضاف أن هذا الالتزام هو الطريق الوحيد لتجاوز العقبات الراهنة وخصوصا المتعلق بالفدرالية.

خلاف عابر

فالتراشقات الكلامية بين السياسين الصومالين أمر اعتيادي ولا يعبر عن حقيقة ما يجري على الأرض، وبالتالي رغم وجود خلاف حقيقي بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية مرده النزاع حول تقاسم السلطة والثروة الا أنه خلاف عابر لن يتحول سريعا إلى الفصام وخلق فوضى سياسية تدخل البلاد في فراغ دستوري.

زر الذهاب إلى الأعلى