المنحة السعودية للصومال.. الدلالات وردود الافعال

أعلنت الحكومة الصومالية يوم أمس تلقيها منحة مالية بـ 50 مليون دولار من المملكة العربية السعودية لتنفق على دفع  رواتب الجيش وشراء مؤن غذائية لأفراد القوات المسلحة.وجاء إعلان المساعدة المالية بعد يومين من عودة الرئيس محمد فرماجو في زيارة رسمية قام بها إلى المملكة العربية السعودية التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين ومسؤولين كبار في الحكومة السعودية.

اعلان الحكومة الصومالية وعلى لسان أعلى مسؤولييها المنحة السعودية عكس المنح التي كانت تتلقاها الحكومات السابقة من الخارج يحمل دلالات عدة. أولا:الإعلان موجه للرأي العام الصومالي، ويأتي في إطار سياسة الحكومة بانتهاج الشفافية في إدارة أموال الدولة، ويهدف إلى إعلام الشعب مصادر الأموال التي تتلقاها الحكومة وطرق صرفها لمنع أي شائعات قد تفتح الباب على مصراعيه لإتهام الحكومة بالفساد، واستخدام تلك الأموال لأهداف شخصية أو فئوية.

ثانيا: يحمل الاعلان ايضا رسالة مفادها أن الحكومة الصومالية تلقت تلك الأموال من المملكة العربية، دون التخلي عن موقفها الحيادي من الأزمة الخليجية، وأن المنحة المالية تأتي ضمن حرص المملكة العربية السعودية على مساعدة الصومال للخروج من محنته بعيدا عن المواقف السياسية لكلا الدولتين في القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما أكده وزير الإعلام عبدالرحمن يريسو عندما قال إن المنحة ليست مشروطة بتغيير الحكومة الصومالية موقفها من الأزمة الخليجية.

ولكن يرى بعض المحللين أن المنحة تمثل أحد إرهاصات تغيير الحكومة موقفها الحيادي من الأزمة السياسية قائلين إن الحياد في الأزمة الخليجية يعني الإنحياز لقطر، وبالتالي من المستبعد أن تقدم المملكة منحة مالية للحكومة الصومالية دون تغيير موقفها،حتى لا تشجع الدول التي لم تؤيد مواقف السعودية من الأزمة الخليجية في المضي قدما في سياساتها.

وفي المقابل يرى أنصار الحكومة أن المنحة السعودية تمثل انجازا للدبلوماسية الصومالية،  وتدل على أن الحياد في الأزمة الخليجية لا يعني انحيازا لقطر، بل هو موقف مشرف يأخذ في الحسبان العلاقات الأخوية بين الصومال وجميع الدول العربية، وهو ما كانت تحرص عليه الحكومة الصومالية منذ تفجر الأزمة الخليجية، وهو موقف ليس حكرا للصومال بل هناك دول أخرى اتخذت نفس الموقف وتربطها علاقة وطيدة مع المملكة العربية السعودية مثل السودان، حيث أخذت حكومة الرئيس عمر البشير موقفا محايدا من الأزمة الخليجية في وقت تشارك قواتها في الحرب الذي تقوده السعودية في اليمن، وتمتع بعلاقات جيدة مع  كل من السعودية والإمارات.

اضف إلى ذلك أن الحكومة الصومالية اكتسبت تأييدا شعبيا كبيرا في موقفها الحيادي من الأزمة الخليجية، وبالتالي يرون انصار الحكومة أن أي تغير في موقف الحكومة من الأزمة الخليجية يفقدها التأييد الشعبي الواسع الذي يحظى به الرئيس محمد فرماجو والذي سجل تراجعا ملحوظا في الأونة الأخيرة بسبب تسليم الحكومة الصومالية القيادي في الحركة الوطنية لتحرير أوغادين لأثيوبيا.

وعليه، تغيير الحكومة موقفها من الأزمة الخليجية وان كان مستبعدا يمثل مزيدا من التراجع في شعبيتها في وقت احدثت قضية تسليم عبدالكريم قلب طغح والمجزرة التي ارتكبتها القوات الأمريكية في قرية بريري شرخا كبيرا في الثقة بين الحكومة والشعب، وهو ما لا تقدم عليه الحكومة حفاظا على سمعتها وتأييدها في أوساط الشعب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى