العلاقة بين الصومال والإمارات أعمق من أن يفسدها خلاف سياسي عابر

من المتوقع قريبا أن تتسلم شركة مؤانئ دبي العالمية بإدارة وتوسعة ميناء بوصاصو بولاية بنت لاند بتكلفة قدرها 360 مليون دولار وفقا للإتفاق المبرم بين الشركة وحكومة ولاية بنت لاند، كما قامت نفس الشركة من قبل بالاستثمار في ميناء بربره في ولاية صوماليلاند بهدف إعادة بنائها وتوسعتها بغية تحسين جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين ورفع مساهمة الميناء في خزينة حكومة صوماليلاند. أضف إلى ذلك أن دولة الإمارات المتحدة تنفق بسخاء مشروع بناء وتدريب قوات خفر السواحل بولاية بونت لاند لتكون جاهزة في حماية المياه الصومالية من السفن الأجنبية التي تعتدي عليها، فضلا عن محاربة ظاهرة القرصنة البحرية التي شوهت سمعة الصومال و تشكل خطرا على حركة الملاحة البحرية العالمية.

أما على مستوى الحكومة الاتحادية ، تدير دولة الإمارات العربية المتحدة معسكر غوردون لتدريب القوات الصومالية في مقديشو. وهو معسكر مجهز بكل المعدات والوسائل اللازمة لتخريج قوات صومالية تتمتع بالكفاءة العالية لتحل محل القوات الأجنبية بعد انسحابها المرتقب من الصومال.كما لا يقتصر دور دولة الإمارات المتحدة على مجال تدريب القوات الصومالية بل يشمل المجال الاغاثي ومجال التعليم والصحة بالإضافة إلى إعادة بناء مؤسسات الحكومة الصومالية، وهو دور ترك بصمته الإيجابية في حياة المواطنين في كل الولايات الصومالية.

دولة الإمارات تضحي بالغالي والنفيس من أجل الصومال، و تتعرض لهجمة ممنهجة تستهدف النيل من سمعتها من بعض الدول والشخصيات التي لا تحب الخير للشعب الصومالي. ولكن من المؤسف جدا أن ينخدع بعض الصوماليين الحملة المسمومة التي تروجها بعض الجهات الداعمة للإرهاب الذي ينهش الجسم الصومالي، وهي حملة تهدف في نهاية المطاف إلى إيقاف المشاريع التنموية التي تنفذها دولة الإمارات في الصومال حتى لا يخرج الصومال من المستنقع المظلم الذي وقع فيه، وتقوية شوكة المنظمات الإرهابية التي تفننت في قتل احلام الصوماليين.

الخلاف الراهن بين الحكومة الفدرالية والولايات الإقليمية  هو خلاف سياسي عابر،و من إفرازات السياسية الصومالية، لأنه نابع من خلل دستوري في المقام الأول، لا سيما البنود التي تحدد العلاقة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات، وبالتالي من الطبيعي أن يؤدي هذا الخلل الدستوري بين الفينة والأخرى إلى خلافات سياسية حتى الانتهاء من كتابة الدستور التي تجري على قدم وساق حاليا في مقديشو.

وعليه، الخلاف السياسي بين المسؤولين في حكومات الولايات أو بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات لايمت بأي صلة بعلاقة الصومال مع الدول الخارجية،وهو ثمن الانتقال من مرحلة الفوضى والحروب الأهلية إلى مرحلة تطبيق النظام الفدرالي الذي اتفق عليه الصوماليون وما يصاحبه من احتكاكات، وهي فاتورة لابد من أن ندفعها حتى الوصول إلى مرحلة الاستقرار السياسي والأمني التي نصبو اليها. لذلك، أي محاولة لاتهام دول عربية شقيقة مثل الإمارات والسعودية ومصر بالوقوف وراء هذه الخلافات ما هي إلا محاولة يائسة لتعكير صفو العلاقة بين الصومال والدول العربية الشقيقة المعروفة بدعمها اللامحدود للشعب الصومالي.

ومهما يكن الأمر، فإن العلاقة بين دولة الإمارات والصومال متجذرة ولن تتأثر  بخلافات سياسية عابرة بين دول المنطقة العربية أو بين الأقطاب الصومالية.

زر الذهاب إلى الأعلى