إقالة القيادات الأمنية من منظور استراتيجي

جاء قرار  الحكومة بإقالة قائد الشرطة  اللواء عبد الحكيم طاهر ساعد، ورئيس جهاز الإستخبارات عبد الله محمد علي سمبلولشي بحسب تصريح لوزير الإعلام والثقافة  عبد الرحمن عمر يريسو “تفعيلا لمبدأ تحمل المسؤولية ومحاسبة المقصرين”، وهذا أمر جيد ومطلوب للردع وضروري لتدفع القيادات الأمنية الثمن نتيجة تقصيرها في مواجهة الهجوم  الارهابي الذي تعرض لفندق ناساهبلود 2 في مدينة مقديشو وأدى إلى مقتل أكثر 27 شخصا بينهم مسؤولون في الحكومة وضباط  كبار  في الأمن والمخابرات، والهجوم الدامي الذي شهدته المدينة في 14 من الشهر الجاري وراح ضحيته مالايقل عن ألف قتيل وجريح وفقا لتصريحات بعض المسؤولين.

 لكن فيما يبدو أن الخطوة  في إطارها العام وبناء على قرارت مماثلة اتخذتها حكومات سابقة لا تتعدى كونها  من أجل  امتصاص غضب الشارع وصرفهم عن التفكير حول ما حدث ، وهي دليل أيضا على أننا  لا نزال نشغل أنفسنا بمعالجة الأعراض بدلا من ايجاد حل جذري لأصل المشكلة المتمثلة في الأنظمة والسياسيات التي تعمل بها أجهزة الدولة المختلفة.

وبحسب خبراء أمنيين صوماليين لا بد من التأكيد على أن تغيير القيادات الأمنية جميعهم  دون وضع الإصبع على الجرح ودون أن يتم القضاء على الأسباب الحقيقية  وراء الحوادث الأمنية وقبل إعادة النظر في الاستراتيجيات العسكرية والسياسات الأمنية فلا شك أن الهجمات الإرهابية ستتكرر وستحصد  مزيدا من أرواح الأبرياء، وبالتالي يجب قبل فوات الأوان مراجعة الهيكل والنظام التي تعمل بها الحكومة وخصوصا المؤسسات الأمنية، ووضعية المسؤولين  العاملين فيها نفسيا وسيكولوجيا ، وطريقة عملهم اليومي، وطرق تدريب أفراد الأمن وإعداد الخطط الأمنية بهدف سد الثغرات ولإيجاد أساليب تعزز مفهوم الأمن الوقائي.

وبحسب الخبراء أن القيام بتغيير القيادات العسكرية والأمنية وخصوصا في مرحلة الحروب ليس أمرا هينا وقد يتسبب شكوكا داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية وبالتالي تتطلب مثل هذه الخطوات إلى مناقشات طويلة، وتفكير عميق، لأنها تعد من أصعب القرارات التي تتخذها القيادات العليا للدول وأنه يجب قبل الإقدام عليها وجود دراسة شاملة عن طبيعة العلاقة بين القيادات السياسية والأمنية والعسكرية فيما يتعلق بالخطط الأمنية، وظروف العمليات الميدانية وما تحقق من انجازات وانتصارات، ومدى قدرة القيادة الميدانية على تطبيق الأهداف المرسومة لسير العمليات.

 باتت إقالة القيادات الأمنية نتيجة التقصير  أمرا مألوفا  في الصومال وطرقا متبعا بعد كل حادثة أمنية تهز مشاعر الصوماليين، فقد أقيل خلال الأعوام الماضية عددا كبيرا من القيادات الأمنية ولم يساهم ذلك في تغيير الوضع الامني شيئا، بل عدد كبير من هذه القيادات أعيد تعينها لمناصب أمنية لتبرهن أن الإقالات السابقة لم  تبن على أساس مهني وسليم، ولم تكن سوى تكتيك سياسي وبالتالي أن اختيار الفكرة القديمة واستنساخ التكتيكات السابقة أمر محبط ولن يغير من الواقع شيئا.

وبناء على رؤى الخبراء العسكريين والأمنين الصوماليين، يجب- إذا ارادت الحكومة بالفعل تحقيق النصر والانتصار على حركة الشباب- أن تتوفر عددا من العوامل أبرزها وضوح الهدف، واستيعاب استراتيجيات الخصم واساليبه، وبذل أقصى جهد ممكنة لإعداد القوى الأمنية والعسكرية وتوجيهها نحو أسلوب مختلف عما سبق، والسعي  من أجل تحقيق التكامل بين الإجراءات السياسية والاقتصادية والأمنية لأن تردي الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد  لا يصب الا في مصلحة حركة الشباب.

إضافة إلى ذلك يجب تقوية المؤسسات الأمنية وإعدادها بشكل تعكس على حجم التحديات الأمنية الراهنة في البلاد وتعزيز علاقات التعاون مع  الولايات الاقليمية، والدول المعنية بالشأن الصومالي  ولاسيما دول الجوار للوصول إلى رؤى متطابعة تسهل عودة الاستقرار إلى البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى