الجدول الزمني للانتخابات

تنطلق، اليوم الأحد، فعاليات مؤتمر منتدى الوطني الاستشاري الصومالي، بمشاركة الرئيس حسن شيخ محمود ورؤساء الإدارات الاقليمية، بونت لاند، جلمدغ، جوبالاند، جنوب غرب الصومال، في القصر الرئاسي بالعاصمة مقديشو.

ويهدف المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام إلي حسم عدد من الملفات حول الانتخابات  البرلمانية المقررة اجراؤها في الصومال نهاية شهر أغسطس المقبل، ولإقرار البرتكول  الخاص المتعلق بالنموذج الإنتخابي والذي أعدته لجنة فنية مشتركة من الحكومة الاتحادية والإدارات الاقليمية .

ورغم أهمية هذا المؤتمر للعملية الانتخابية، لكن يبدي البعض مخاوفهم من عدم إدراج بند الجدول الزمني للانتخابات والذي يرونه ضروريا لإطلاق صافرة البداية للسباق الرئاسي والبرلماني ضمن القضايا التي يحسمها المؤتمر، اليوم الأحد.

تخضع كل الإنتخابات لجدول زمني يشمل على جميع التواريخ التي تحددها الضوابط التنظيمية. وتكمن أهمية المواعيد الانتخابية في أنها تطلق إشارة البدء لحملات الأحزاب السياسية والمرشحين سواء للبرلمان أو للرئاسة كي تتوائم برامجهم مع المواعيد، وبإعتبارها تثير نقاشات وحوارات حول الانتخابات وفرص وحظوظ المرشحين في وسائل الإعلام والمنتديات الإجتماعية، وبالتالي يتم تحديد التقويم الانتخابي عادة قبل الشروع في تنفيذ برنامج توعية الناخبين وانطلاق الحملات الانتخابية. 

حتى الآن لم يتفق أعضاء المنتدى الوطني الاستشاري على الجدول الزمنى للإنتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت لم يتبق من نهاية ولاية البرلمان الحالي سوى  أقل من ثلاثة أشهر ، وأن الأسباب الحقيقية لهذا التأخر غير واضحة وغير مفهومة، وخصوصا بعد إقرار النموذج الإنتخابي بمرسوم رئاسي صدر يوم الأحد الماضي نتيجة ضغط شديد مارسه المجتمع الدولي وبعثات الدول المعنية بالشأن الصومالي في مقديشو، على القيادات السياسية في البلاد وعلى رأسهم الرئيس حسن شيخ محمود،  ورئيس الوزراء عبد الرشيد شرماركي، ورئيس البرلمان محمد عثمان جواري.

إن تأخر إعلان مواعيد الانتخاباب ربما له أكثر من دوافع رسمية وغير رسمية:

أولها: أن الحكومة لم تتفرغ بعد من تشكيل إدارة هيران- شبيلي الوسطى والتي هي ضمن الإدارات الاقليمية التي تشارك في تنظيم الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهناك أنباء تتحدث عن أن الحكومة تخطط في استكمال عملية تشكيل الإدارة خلال 20 يوما ويتوقع أن تنتخب وفود العشائر  المؤتمرون في مدينة جوهر مركز محافظة شبيلي الوسطى، رئيس الإدارة أولا ليتسنى المشاركة في مداولات المنتدى الوطني الاستشاري ، وعلى أن يتم تعين أعضاء البرلمان في وقت لاحق من هذا العام.

ثانيها: عدم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات. صحيح أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنتين احداها على المستوى الفدرالي والأخرى على المستوى الاقليمي يضمّان أعضاء من الحكومة الفدرالية وأعضاء من الحكومات الاقليمية، لكن القيادات السياسية لم تتفق بعد على طبيعة أعضاء هذه اللجان واللوائح التي تنظمها.

ثالثها: هناك العديد من القضايا الفنية والإجرائية التي لم تحل بعد، بما في ذلك التزام منتدى القيادات الوطنية لحجز 30 في المائة من المقاعد في مجلسي البرلمان للنساء، وتشكيل هيئة تسوية المنازعات الانتخابية، وحصة العاصمة مقديشو من مجلس الشيوخ. 

رابعها: برأي البعض أن عدم الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية، فيه شيء من الذكاء؛ لأن هناك أطراف سياسية تعمل من وراء الكواليس، وتصل الليل بالنهار لفرض جدول زمني يفوت الفرصة على المنافسين الأقوياء، وأن تأخير إعلان الجدول الزمني سيكون لمصلحة تلك الأطراف.

خامسها: رغم تأكيد المجتمع الدولي على عدم قبوله بمزيد من التأخير لا يزال شبح تأجيل الانتخابات قائما، وأن عدم  إعلان الحكومة المواعيد الانتخابية حتى الآن يضفى لهذه الفرضية قدرا من المصداقية ؛ لأن الشهور الثلاثة المتبقية من موعد انتهاء فترة ولاية السلطة التشريعية ( البرلمان) تبدو غير كافية للقيام بجميع الاجراءت المطلوبة لتنظيم الانتخابات البرلمانية في موعدها.

فعدم إعلان الجدول الزمني لانتخابات المشهد الانتخابي أضفى حالة من الغموض وعدم وضوح الرؤية في العملية الانتخابية، وكل الأطراف السياسية تتحاشي عن كشف مرشحيها وخريطة عملها تفاديا لحدوث أي مفاجئات قد تخلط أوراق اللعبة .

رغم إقتراب موعد الإنتخابات حتى هذه اللحظة لم يعلن أحد من المرشحين المعتبرين ترشحه رسميا لرئاسة البلاد باستثاء الرئيس حسن شيخ محمود الذي أماط اللثام مؤخرا عن نيته الترشح لولاية ثانية أما المرشحين المحتملين يتفادون استباق الأحداث ولا يجرؤون  على إعلان ترشحهم لانتخابات الرئاسية المقبلة.

يجب على منتدى الوطني الاستشاري ليثبت جديته بشأن اجراء الانتخابات في موعدها، وعدم تأجيلها مهما يكن حجم العقبات أن يعلن الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبدء الإجراءت القانونية لانتخاب أعضاء غرفتي البرلمان المقبل، والشروع في تقديم المساعدات التقنية للعشائر لتمكينهم من تنصيب زعماء حقيقين تحظى بتأييد وموافقة جميع شرائح القبيلة لوضع حد للفوضى السياسية الراهنة هذه الأيام داخل القبائل الصومالية، وضمان حصول المرأة والشباب على حصصهم في البرلمان  المقبل.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى