التعليم يخسر أمام الجفاف في الصومال

عيل واق، الصومال – في هذه المدينة النائية في القرن الأفريقي، والتي تقع على بعد حوالي 270 ميلاً إلى الجنوب من العاصمة مقديشو، يعبث أطفال المدارس في الشوارع بحثاً عن الطعام.

قال محمد عظيم، 13 عاماً، وسط انشغاله بالبحث عن الماء والغذاء الذي توزعه الأمم المتحدة، “لا يمكنني الذهاب إلى المدرسة. أنا أشعر بالجوع. لم أتناول أي شيء منذ عدة أيام. لقد توقفت مدرستنا عن إعطاء وجبات الطعام لنا. فاضطررت إلى ترك المدرسة والبحث عن طريقة لإنقاذ حياتي.”

ترك عظيم والعديد من الأطفال الصوماليين الآخرين المدرسة بسبب الجفاف المستمر.

قالت فرح حسن، وهي مدرسة في مدرسة بورسار الابتدائية في بلدة عيل واق بإقليم جيدو، “ليس في إمكاننا إبقاء الطلاب في المدارس لأننا لن نتمكن من منحهم الطعام والماء. اضطر الكثيرون إلى ترك المدرسة بحثاً عن الماء والغذاء. فيما ذهب آخرون إلى المراكز الحضرية هرباً من الجفاف.”

وفي بيان لها، قالت غابرييلا وايجمان، المديرة الإقليمية للمجلس النرويجي للاجئين، إن حجم الأزمة مرعب. قالت “في المتوسط، يغادر عدد مذهل يقدر بـ 3500 شخص يومياً منازلهم بحثا عن الطعام والماء بهدف البقاء على قيد الحياة. نحن نشهد نزوحاً جماعياً من القرى الريفية لم نشاهد مثله منذ المجاعة المهلكة التي قتلت 260,000 شخص في عامي 2011 و2012.”

تسجل الصومال بالفعل أدنى معدل لالتحاق الأطفال في سن الدراسة الابتدائية بمدراسهم في العالم. واليوم، يواظب 30 في المئة فقط من طلاب المدارس الابتدائية و26 في المئة من طلاب المدارس الثانوية على حضور الفصول الدراسية بحسب الأمم المتحدة. ويبلغ عدد الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس ممّن تتراوح أعمارهم ما بين 6 و18 عام حوالي 3 ملايين، مقارنة مع 1.7 مليون طفل لم يحضروا الى المدرسة عام 2016.

في حزيران/ يونيو، أفادت منظمة الرؤية العالمية World Vision International، وهي منظمة بريطانية غير ربحية، أن ما يزيد عن 80,000 طفل في الصومال ممّن سبق لهم أن التحقوا بالمدارس قد أجبروا على ترك التعليم بسبب إغلاق المدارس أو بسبب هجرتهم برفقة أسرهم بسبب الجفاف.

قال زكريا إميجي، المستشار الاقليمي للشؤون الانسانية والطوارئ في شرق افريقيا، “في الكثير من الأماكن، يتنقل الاطفال بحثاً عن الأمن والغذاء. وفي المناطق المتضررة من الجفاف في الصومال وكينيا وإثيوبيا، سمعنا عن مدراس تغلق أبوابها لأن الأطفال لم يعودوا يحضرون لأنهم يبحثون عن الطعام أو الماء للبقاء على قيد الحياة.”

وأضاف إميجي، “سيتسرب المزيد من الأطفال فى الصومال من المدارس فى الشهور القادمة إذا ما استمرت ظروف الجفاف. ومن شأن هذا أن يحد من فرصهم في المستقبل ويزيد من خطر استغلالهم.

يتواجد معظم الأطفال المتسربين من المدارس في وسط وجنوب الصومال، المناطق غير الخاضعة للقانون نسبياً، بحسب منظمة الرؤية العالمية.

بيد أن بونتلاند، وهي دولة تتمتع بالحكم الذاتي في شمال شرقي الصومال، قد ضربها الجفاف بشدة أيضاً.

متحدية أشعة الشمس الحارقة والرمال الساخنة كالفرن، كانت حليمة دهول البالغة من العمر 16 عاماً مصممة على السير لمسافة 50 ميلاً بمحاذاة الساحل من ميناء قندالا في بونتلاند وصولاً إلى مخيم اللاجئين في بوساسو للحصول على الغذاء والماء موضحة أن التعليم ليس من أولوياتها.

قالت، وهي تعلق حقيبة مدرسية ممزقة بصورة غير مستقرة على ظهرها، “أنا متوجهة إلى المخيم الآن لكي أتمكن من الحصول على بعض الطعام لأتناوله. لقد طفح الكيل. لقد واظبت على الحضور إلى المدرسة بصبر، لكنني أجبرت في النهاية على التخلي عنها والبحث عن الطعام. لم أتناول أي شيء خلال الأسبوع الماضي.”

أغلقت عدة مدارس أبوابها في منطقة قندالا. فيما بقي عدد قليل من الطلاب لحضور الفصول الدراسية في المدارس التي لا تزال تعمل. ويقول عدد متزايد من أولياء الأمور إنهم على استعداد للتضحية بالتعليم وأبقاء أطفالهم خارج المدرسة إذا ما استمر الجفاف.

قال عبد الناصر حسين، أحد أولياء الأمور الذي قام بسحب اثنين من أطفاله من مدرسة سلامة الابتدائية في بونتلاند، “لا يمكننا أن نسمح بالتسبب في مقتل أطفالنا في المدارس لأننا نرغب في أن يحصلوا على التعليم. سنقوم بتسجيلهم مرة أخرى عندما تتحسن ظروف الجفاف. في الوقت الحالي، نحن مشغولون بالبحث عن الماء والغذاء.”

في عيل واق، وهي بلدة مقسمة على الحدود بين الصومال وكينيا، أشار المسؤولون إلى أن الجوع وغياب التلاميذ عن المدرسة من الأمور الرئيسية التي تسهم في انخفاض مستويات التعلم.

قال أحمد محمد، وهو مسؤول كبير في القرية عينته الحكومة، “مشكلة منطقتنا هي الفقر. يعتمد معظم السكان هنا على الثروة الحيوانية كمصدر للرزق. وعندما يضرب الجفاف المنطقة، فإنهم يجبرون أطفالهم على ترك المدرسة والذهاب للبحث عن مراعي لحيواناتهم.”

في هذه الأثناء، أطلقت منظمة Action Africa Help International، وهي منظمة إقليمية غير ربحية، برنامجاً تدريبياً لمساعدة المواطنين على مواجهة ندرة المياه، بما في ذلك تدريب النساء على الممارسات الزراعية الجيدة، والتعامل الآمن مع الحليب ومهارات أخرى.

قال إبراهيم عدن، المسؤول المحلي في عيل واق، “نحن نؤيد المشروع بشكل كامل لأن من شأنه تحسين سبل معيشة الناس لكي يتمكنوا من البقاء في المنطقة وضمان تطويرها وقدرة الأطفال على الذهاب إلى المدرسة”.

لكن التدريب لم يحفز عظيم وآخرين على البقاء في المدرسة. قال “سأعود إلى المدرسة عندما يكون هناك طعام فقط. في الوقت الراهن، أنا أبحث عن أي شيء يمكنني تناوله.”

المصدر: الفنار

 

زر الذهاب إلى الأعلى