السيناريوهات المحتملة للخروج من الأزمة السياسية في ولاية جلمدغ

مر أسبوع تقريبا منذ تفجر الأزمة السياسية في ولاية جلمذغ بعد قرار رئيس الولاية تأييد موقف الدول العربية المقاطعة لدولة قطر والذي واجهه نائب رئيس الولاية محمد حاشي بالرفض، مما ادى الى وضع نائب الرئيس ورئيس البرلمان تحت الإقامة الجبرية، كما صوت بعض النواب في برلمان الولاية بسحب الثقة من الرئيس أحمد دعالي حاف في اجتماع لهم بأحد فنادق مدينة عدادو، بينما رفضه نواب آخرون، معلنين عن وقوفهم الى جانب الرئيس، ما يعني أن أي من أطراف الخلاف في الولاية فشل في الإنتصار على الطرف الآخر.

ولكن الجديد أن وزارة الداخلية الاتحادية أصدرت يوم أمس بيانين متناقضين، عبر الأول الذي حمل توقيع وزير الدولة للشؤون الداخلية عن تأييد الوزارة بعزل رئيس الولاية، بينما نفى الثاني الذي أُصدر باسم وزير الداخلية تأييد الوزارة سحب النواب الثقة من الرئيس حاف، بل اعتبر البيان الثاني الأول بالمزور، لا يعبر عن موقف الوزارة والحكومة الصومالية.

بيانين متناقضين خلال يوم واحد من وزارة واحدة يخص بقضية حساسة مثل ولاية جلمدغ يضع الحكومة الفدرالية أمام اختبار صعب، لأنه يعطي مؤشرا بأن الخلاف الذي يعصف بولاية جلمذغ يمكن انتقاله إلى الحكومة الفدرالية، خاصة إذا أخذنا في الحسبان التحركات التي يقودها بعض النواب لشيطنة دول عربية شقيقة تمثل طرفا في الأزمة الخليجية التي تسببت في الخلاف السياسي بولاية جلمدغ.

الخلاف السياسي في ولاية جلمدغ خلاف حقيقي، والأطراف المتورطة فيه اقوياء ولهم مناصرون في الحكومة الصومالية وجهات خارجية، مما يتطلب الى الحكومة الفدرالية بعدم التسرع في موقفها. فقد عقد يوم أمس شيوخ ووجهاء عشائر من احدى العشائر المتنفذة في ولاية جلمدغ اجتماعا في مقديشو نددت فيه موقف الحكومة الفدرالية من الأزمة السياسية في الولاية. مطالبين الحكومة الفدرالية بوقف ضغوط قالوا إنها تمارس على الرئيس أحمد دعالي حاف.

ليست الحكومة الفدرالية وحدها المسؤولة على انهاء الخلاف في الولاية، بل كان من المفترض أن يقوم أعضاء البرلمان الفدرالي المنحدرين من الولاية بالقيام بدور الوسيط بين الأطراف المتخاصمة في الولاية، ويعتبر كثير من المراقبين أن البرلمانيين تقاعسوا عن هذا الدور، ما عدا بعض التصريحات الخجولة من النائب أحمد فقيه الذي تعود على كيل الاتهامات للحكومة الفدرالية.

أكد مقربون من الرئيس أحمد دعاله حاف أن الأخير مصمم بالدفاع عن منصبه والقتال حتى الرمق الأخير لكي لا يلقى مصير خلفه عبدالكريم جوليد، وهو ما دفعه بوضع نائبه ورئيس برلمان الولاية تحت الإقامة الجبرية بالاضافة الى اغلاق مقر البرلمان، ولن يتوانى عن اتخاذ خطوات تصعيدية أخرى مثل اعلانه عن قطع العلاقة مع الحكومة الفدرالية.أضف إلى ذلك أنه يحظى بتأييد أبناء عشيرته في الولاية وفي العاصمة مقديشو، ما يعني أن إسقاط الرئيس أحمد حاف صعب جدا إن لم يكن مستحيلا.

وعليه، نتوقع السيناريوهات التالية للخروج من الأزمة الراهنة في الولاية:

السيناريو الأول: أن ينجح الرئيس أحمد حاف في فرض رغباته على المسؤولين المعارضين له، اعتمادا على المال الذي حصل أو يتوقع حصوله من الدول العربية عن طريق شراء ذمم أعضاء البرلمان المعارضين له، واستخدام العنف ضد القيادات المتبقية مثل نائب رئيس الولاية ورئيس البرلمان، وعزلهم عن طريق البرلمان، فضلا عن الاعتماد على التأييد الذي يحظى به من عشيرته. وفي هذه الحالة يواجه الرئيس عقبة كأداء أمام عشائر نائب رئيس الولاية ورئيس البرلمان، ولهما نفوذهما في الساحة السياسية الصومالية، وهو ما قد يؤدي إلى سحب أبناء هاتين العشيرتين تأييدهما من الولاية، مما يضع على شرعية الرئيس أحمد حاف ومستقبل الولاية كمؤسسة على المحك.

السيناريو الثاني أن تتدخل الحكومة الفدرالية الخلاف السياسي في الولاية بصورة إيجابية، وتضع كل طاقاتها لرأب الصدع بين الأطراف المتخاصمة، عن طريق التقليل من تأثير التباين في وجهات النظر حول موقف الأطراف الصومالية من الأزمة الخليجية كونها معضلة تواجه كل الولايات الصومالية، على أمل أن يحل هذا الملف عبر حوار بين الحكومة الفدرالية ورؤساء الولايات.

هذا السيناريو الأخير هو الافضل والاقل تكلفة للحكومة الفدرالية والأطراف المتورطة في الخلاف السياسي بالولاية.ونتوقع أن تقوم الحكومة الفدرالية بتنفيذه بعد عودة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من زيارتهما في أمريكا والمملكة العربية السعودية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى