مأزق الحكومة في قضية الشيخ مختار روبو

الحكومة الصومالية في مازق حقيقي فيما يتعلق بقضية الشيخ مختار روبو أبو منصور. إذا ما قررت إطلاق سراحه فإنها ستواجه معارضة شرسة من شرائح من الشعب والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، بسبب دوره في الأعمال الوحشية التي ارتكبتها الحركة. وإذا ما قررت وضعه تحت الإقامة الجبرية فإنها حتما ستواجه معارضة من عشيرة الشيخ مختار روبو، والتي تتمتع بثقل سياسي في الساحة السياسية الصومالية.

بين هذين الموقفين تحتاج الحكومة الصومالية إلى حلول مبتكرة ترضي الجميع، حلول مبنية على إعلاء مصلحة الوطن على المصالح الفئوية والعشائرية. الشيخ مختار كان قياديا بارزا في حركة ارتكبت جرائم بحق مئات آلاف من الصوماليين من قتل وتشريد، والقيادات العليا للحركة هي التي تتحمل مسؤولية كل هذه الجريمة ، ومنهم الشيخ مختار، لذلك، ليس من الإنصاف إخلاء سبيله دون المساءلة بدوره في تلك الجرائم.

منظمة العفو الدولية ترى  أن القانون الدولي يحظر العفو عن مرتكبي الانتهاكات الجسيمة، و مختار روبو كان يحتل موقعا قياديا في الحركة عندما سجلتها المنظمة ارتكاب الحركة جرائم منها، هجمات عشوائية على المدنيين، وتجنيد قسري للأطفال، فضلا عن انتهاكات أخرى. وتحث المنظمة الحكومة الصومالية على التحقيق من أي دور محتمل للشيخ مختار روبو في انتهاكات لحقوق الإنسان، للتأكد من أن مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لا يفلتون من العقاب.

شهادة منظمة العفو الدولية تعطي مصداقية للرأي المطالب بعدم إصدار العفو للشيخ مختار روبو، وفتح التحقيق معه لمعرفة ما إذا كان له دورا في أي جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها الحركة أثناء شغله مناصب في الحركة. وهو إجراء من شأنه إرسال رسالة واضحة للقيادات الحالية للحركة بأنهم سيحاسبون على قراراتهم وأفعالهم يوما من الايام.

ولكن في المقابل، يتساءل آخرون لماذا يتم التركيز على الشيخ مختار روبو بينما لم تتم محاكمة قيادات سابقة في الحركة سلموا انفسهم للحكومة أمثال محمد سعيد اتم القيادي في الحركة في ولاية بنت لاند, والقيادي السابق في جهاز أمن الحركة زكريا. وهي شخصيات شغلت مناصب أمنية صدرت عنها أوامر بالتصفية و تنفيذ عمليات انتحارية. ويرى أصحاب هذا الرأي ان الشيخ مختار أعلن صراحة انسحابه من الحركة قبل خمس سنوات، وتنازل عن أفكار الحركة، وبالتالي إصدار العفو عنه تخدم لمصلحتين: أولا, ليشارك في الحكومة الصومالية بغية الاستفادة من خبرته في القتال بهدف تحرير حركة الشباب من المناطق التي تسيطر عليها. وثانيا: إرسال رسالة إلى قيادات حركة الشباب بأن مهما ارتكبوا من الجرائم فإن باب التوبة مفتوح لهم إذا ما قرر أحدهم التخلي عن الأفكار المتشددة, لطي صفحة حركة الشباب وإحلال السلام في البلد.

مصير الشيخ مختار روبو موضوع شائك، و يتعلق بجرائم ارتكبت بحق المدنيين باسم الدين، ويحتاج القرار الذي ستتخذه الحكومة بشأنه إلى التأني ودراسة جميع أبعاد ملف الشيخ أبو منصور, لان كيفية تعامل الحكومة مع هذا الملف سيكون له تداعيات على طريقة تعامل الحكومة مع أي قيادي آخر ينشق عن الحركة في المستقبل. لذلك، فعلى الحكومة تشكيل لجنة متخصصة تتكون من خبراء في الأمن والقانون لدراسة قضية مختار روبو لكي تتخذ القرار الصائب.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى