الإمارات وتركيا تتنافسان في الصومال

قال مركز ستراتفور المعني بالشؤون المخابراتية والأمنية الأمريكيَّة إن حصيلة منافسة دولة الإمارات لتركيا هي فوز الصومال بالاستثمارات.

وقال المركز الأمريكي، “مع وجود معسكر عسكري جديد في الصومال، تعزز تركيا علاقاتها مع الدولة الواقعة في شرق أفريقيا بينما توسع نطاقها كقوة إقليمية. ومن المتوقع أن تصل القوات التركية إلى المنشآت التي ظلت قيد البناء منذ حوالي عامين في وقت ما من هذا الشهر. ويأتي وصولهم بعد وقت قصير من نشر القوات التركية بقاعدة أكبر في قطر. وبينما تقوم أنقرة بتشغيل منشآت عسكرية شمالي العراق فان القاعدتين القطرية والصومالية هي الأولى من منشآتها العسكرية التي تستضيفها الدول المتحالفة معها. وبما أن تركيا تسعى إلى تحقيق مصالحها في جميع أنحاء المنطقة، فإنها ستدور بلا شك ضد بلدان تحاول الهيمنة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

وخلافا للقاعدة في قطر، سيبقى المرفق في مقديشو أساسا للتدريب العسكري، وتدريب الجنود الصوماليين بصفة خاصة. ولا تشمل الخطط الحالية نشر وحدة تركية قادرة على القيام بعمليات عسكرية. وبدلا من ذلك، سيقوم حوالي 200 جندي تركي بتدريب ما يصل إلى 10 الاف جندي من الجيش الوطني الصومالي.
ولكن العلاقة القائمة منذ فترة طويلة بين أنقرة ومقديشيو لا تستند فقط إلى الأعمال الخيرة التي تقوم بها تركيا. وقد أعطت جهود الإغاثة التركية وإقامة مستشفى تركي في مقديشو، وفرص التعليم للمدنيين الصوماليين، مكانا بارزا في مقديشو. لكن العلاقة بين تركيا والصومال ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصالح الاقتصادية للشركات التركية التي تسعى إلى تطوير وإدارة البنية التحتية في الصومال. فعلى سبيل المثال، تدير الشركة التركية البيرق ميناء مقديشو، وقدمت الشركات التركية عطاءات للقيام بنفس الشيء في مدينة كسمايو الساحلية الجنوبية.

التواجد الإماراتي
غير أن تركيا ليست البلد الوحيد الذي يتطلع إلى بناء هذا النوع من العلاقات مع الصومال؛ فما فتئت الإمارات العربية المتحدة تتبع نفس العقود. وتدرك كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة أن الصومال يجلس على بعض ممرات الشحن الرئيسية في العالم، ويرون فيها فرص لبناء الموانئ البحرية وغيرها من الهياكل الأساسية للنقل. وهذه العوامل، فضلا عن حاجة الحكومة الصومالية إلى المساعدة الخارجية، تجعلها هدفا منطقيا للتنمية من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا.
على سبيل المثال، تدير الشركة الإماراتية سكا للطيران والخدمات اللوجستية في مطار مقديشو، وتنافست شركات الإمارات العربية المتحدة لتطوير الميناء والمطار في كسمايو. والواقع أن دولة الإمارات العربية المتحدة سبقت تركيا في الصومال، وأنها كانت تشغل مركزا للتدريب العسكري في مقديشو منذ عام 2015. وتعتبر القوات الصومالية التي تدرسها الإمارات العربية المتحدة من أكثر القوات موثوقية ومدربة تدريبا جيدا في الجيش الوطني الصومالي النظامي، لذلك تم وضعهم لتحمل مسؤولية الأمن لمدينة مقديشو قبل عدة أشهر.

القواعد التركية والإماراتية في الخارج
وبطبيعة الحال، فإن المنافسة بين تركيا والإمارات العربية المتحدة لا تقتصر على الصومال. يذكر أن نشر حوالي 250 جنديا تركيا و30 عربة مدرعة ومدفعية إلى قطر يلعبون في الأزمة الإقليمية التي تشمل مجلس التعاون الخليجي. وقد دعمت تركيا، التي تنافس على مركز مهيمن مع الإمارات قطر ليس فقط بنشرها العسكري، بل أيضا من خلال الدعم الاقتصادي خلال الحظر التجاري الذي نفذه بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي. ولا يزال الانتشار التركي في قطر في مرحلة مبكرة، بيد أن بعض المسئولين الأتراك اقترحوا أن يصل عدد القوة العسكري إلى 3 الاف جندي وتشمل الطائرات المقاتلة والسفن البحرية. وإذا فعلت ذلك، فإن تركيا ستكون لها قدرة قتالية جديرة بالملاحظة في الخليج العربي.

الطموحات الإماراتية
وعلى الجانب الآخر من المملكة العربية السعودية، بدأت الإمارات العربية المتحدة في بناء عدة قواعد عسكرية دائمة بالقرب من مضيق باب المندب خلال العام الماضي. وكان الصراع في اليمن محفزا هاما لهذه الجهود، على الرغم من أن الكمية والطبيعة الدائمة للقواعد تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة أكثر تركيزا على موقفها الجيوسياسي على المدى الطويل من عملية عسكرية قصيرة الأجل.

وعلاوة على ذلك، تتواجد الإمارات بالفعل على قاعدة في إريتريا تعمل كمركز لوجستي للقوات البرية في اليمن، على الرغم من أن المنشآت تستضيف أيضا الطائرات وسوف تستضيف قريباً للسفن البحرية. وقد لوحظ أن الإمارات تشيد مرافق مماثلة في جزيرة بريم في مضيق باب المندب نفسه، وهناك خطط لإقامة قاعدة في بربرة، بأرض الصومال. ومن شأن هذه المواقف مجتمعة أن تمنح الإمارات ثلاث قواعد عسكرية كاملة في مضيق باب المندب أو بالقرب منه، مع توفير إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر وخليج عدن. وسيكمل مركز التدريب للإمارات في مقديشو ضمن هذه المميزات. حتى لو لم يكن لديها نفس القدرات العسكرية التركية.

ومع تطور تركيا والإمارات العربية المتحدة علاقاتهما العسكرية والاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، فمن المرجح أن تتفاقم منافساتهما العسكرية والاقتصادية. غير أن الوجود التركي في مقديشيو سيعزز على المدى القصير استقرار الصومال وقوات الأمن التي ساعدت الإمارات العربية المتحدة على بناءها.

المصدر: مركز الإمارات للدراسات

زر الذهاب إلى الأعلى