هل انتهى دور الإسلام السياسي في الصومال؟

 بعد أن تسلم مقاليد الحكم في الصومال رئيس غير إسلامي أو  ليس له علاقة بتيار الإسلام السياسي وجرى تشكيل حكومة خلت من وزراء ينتمون إلي التيارات إلاسلامية، لأول مرة منذ عام 2009 ، هل أصبح الإسلاميون خارج اللعبة السياسية في الصومال؟ وهل انتهى دورهم في العملية السياسية؟ هل هذا مؤشر على نهاية لحقبة طويلة كان الإسلاميون يتصدرون المشهد السياسي في هذا البلد المنهك بالحروب والأزمات؟

برز الإسلاميون كقوة سياسية في المسرح السياسي  الصومالي خلال عهد الرئيس السابق عبد القاسم صلاد (عام 2000) وكانت حكومته مدعومة من قبل شخصيات وتيارات اسلامية معروفة، وبلغ دور الإسلاميين أوجه عندما انتخب شيخ شريف شيخ أحمد زعيم المحاكم  الإسلامية و المنتمي إلى أحد التيارات الاسلامية البارزة في الساحة رئيسا للبلاد عام 2009 وخلفه في الحكم حسن شيخ محمود المقرب من التيار الإخواني عام 2012.

شكل انتخاب الرئيس الصومالي الجديد محمد عبد الله فرماجو صدمة للاسلاميين وأثار مخاوفهم، وبدأ البعض منهم يعبرون عن قلقهم ازاء  مستقبلهم  في العملية السياسية، لأن فرماجو والمحيطين به ورئيس وزرائه حسن علي خيري لا علاقة لهم بالإسلام السياسي، بل أنهم يحملون ثقافة مختلفة تكونت لديهم خلال الفترة التي عاشوها في الغرب، فقد درسوا في جامعاتها وعملوا في مؤسساتها السياسية والإجتماعية، وبالتالي من الصعب أن يتحالفوا مع التيارات الاسلامية ولاسيما بعد أن أثبتت فشلها في الحكم خلال السنوات الماضية.

لا شك أن للتيار الإسلامي سواء السفلية منها أو الإخوانية وجود حقيفي في الصومال وهو جزء مهم من التركيبة السياسية ومتوغل في مفاصل الدولة ومن الصعب أن يكون خارج اللعبة السياسية بشكل نهائي،  لكن لا نبالغ في الوقت ذاته إذا قلنا أن الاعتقاد الذي كان سائدا في الأعوام الماضية بأنه المنقذ والمهدي المنتظر أو أنه يملك الحل السحري ومفتاح الأزمة الصومالية قد انتهى خاصة بعد أن أثبت الاسلاميون فشلهم في إدارة البلاد وتحقيق شعاراتهم السياسية البراقة على أرض الواقع، إضافة  إلى ذلك فالمرحلة الحالية لا تقبل مشاركتهم في الحكم؛ لأن ربيع الاسلاميين في العالم العربي قد إنتهى إلى فشل ذريع وإلى كارثة ولم يعد نموذجا يحتدى به.

نظرا للظروف الراهنة في الصومال وفي العالم العربي ينبغي على التيارات الإسلامية أن تعترف احفاقاتها السياسية والفكرية وأن تحل نفسها بنفسها لتتمكن من الإنتقال من العمل السري إلى العمل العلني عبر تشكيل أحزاب سياسية وطنية جامعة لا تجعل الإسلام حكرا عليها دون بقية الأطراف السياسية أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة، وهذه الخطوة إن تحققت ستعتبر قرارا وطنيا شجاعا، وستساهم في بناء دولة مؤسساتية في الصومال لا تعطي ولائها لتيار معين أو لعشيرة معينة، بل للوطن وللمصلحة العليا للشعب.

منحت للجماعات الإسلامية في الصومال فرصة لحكم البلاد وتقلد أعضاء منها مناصب عليا في القطاعات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية الا أنهم ضيعوا الفرصة، وفشلوا في خدمة الشعب لدرجة كبيرة، ولدرجة بات لدى المواطن العادي والرأي العام واضحا  أن الاختلاف بين التنظيمات الاسلامية والتيارات الأخرى ليس الا الإسم، وأن استخدامهم سياسية دغدغة مشاعر المواطنين بمبادئ وقيم لا يحترمونها هم أنفسهم ليست الا مطية للوصول إلى الحكم ولخدمة مصالحهم الخاصة، بل كانت فترة الاسلاميين في الصومال التي إمتدت ما بين 2000-2016 من أكثر المراحل فسادا وإهدارا لممتلكات الدولة ومقدراتها.

زر الذهاب إلى الأعلى