التعاون الدفاعي بين تركيا والصومال .. طبيعته وتأثيره على العلاقات التّركية الإثيوبية

وقّع السيد عبدالقادر محمد نور، وزير الدّفاع الصومالي مع نظيره التّركي يشار غولر، اتّفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، وذلك عقب اجتماع ثنائي وآخر على مستوى الوفود، الخميس الماضي، في العاصمة التّركية “أنقرة”، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية.

ووفقا لوكالة الأنباء الصومالية والأناضول التّركية فإن البيان أشار إلى أن الجانبين (الصومال وتركيا) تبادلا الآراء حول قضايا دفاعية وأمنية ثنائية وإقليمية، فيما أكد غولر، أن الصومال يعد شريكا مهما لتركيا في إفريقيا.

من جانبه، أفاد وزير الدّفاع الصومالي بمحتويات الاتفاقية التي تشمل مكافحة ما يسمى بـ “الإرهاب” والتعاون المالي والعسكري، إلى جانب تعزيزها للعلاقات القائمة بين الوزارتين، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن يكون لهذه الاتّفاقية إسهامات كبيرة للصومال.

ويتزامن توقيع هذه الاتّفاقية مع وقت تشهد فيه العلاقات الإثيوبية الصومالية تدهورا ملحوظا، بسب مذكرة التّفاهم الباطلة الموقّعة مطلع العام الجديد 2024م، بين آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، وموسى بيحي عبده، رئيس إدارة “أرض الصومال” الانفصالية، والتي بموجبها تحصل إثيوبيا على مساحات من الساحل الصومالي لاستغلاله في أغراض تجارية وعسكرية، الأمر الّذي رفضته الحكومة الفيدرالية الصومالية، وبموجبه أصدر البرلمان الصومالي بمجلسيه الشيوخ والشعب قرارا بإلغاء هذه الاتّفاقية، وصادق عليه السيد حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية.

كما تأتي هذه الاتّفاقية، بعد أيام من نشر وكالة الأناضول التّركية مقالا للسيد عبدالقادر محمد نور جامع، وزير الدّفاع الصومالي بعنوان: معركة الدفاع عن الصومال.. لا تنازل ولو عن شبر واحد من أراضي الصومال، ذكر فيه بأن “الصومال، الذي طالما يزداد قوةً داخلياً وخارجياً مع مرور كل يوم، والذي يزيد من انسجامه مع شعبه ويتطلع إلى المستقبل بطموح، سيواصل قتاله بحزم ضد حركة الشباب كما فعل من قبل، وسيقف ضد الاحتلال الجامح من قبل إثيوبيا مهما كلف ذلك من ثمن“.

لفتت هذه الاتّفاقية انتباه الصحافة الإثيوبية، حيث علّقت صفحة إذاعة مستقبل أورميا للأخبار في الفيس بوك على الاتّفاقية بمزيج من عبارات التّرغيب والتّرهيب للاستثمارات التّركية في إثيوبيا، كونها -أي تركيا- ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين.

وعدّت الصفحة هذه الاتّفاقية في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة الصومالية لحشد الدّعم الدّبلوماسي لقضيتها العادلة ضدّ إثيوبيا، عندما حاولت الربط بين أسفار الرئيس الصومالي إلى كل من إرتيريا وجمهورية مصر العربية، وتوقيع هذه الاتّفاقية، بالقول في نهاية تعليقها على الاتفاقية: “جدير بالذكر أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود كان قد زار كلا من إرتيريا وجمهورية مصر العربية طالبا منهما تسليح الجيش الصومالي البالغ عدده 17 ألف جندي…

إن مما لا شكّ فيه أن تركيا تتمتع بعلاقات دافئة مع كل من الصومال وإثيوبيا، فإذا كانت تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين، فإن لها مصالح عسكرية واقتصادية ضخمة في الصومال التي يوجد فيها أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد، فضلا عن إدارة شركات تركية للميناء والمطار الرئيسين في العاصمة الصومالية “مقديشو” إلى جانب الوجود التركي الكبير في مجال الإغاثة الإنسانية والصحة والتّعليم بالصومال.

الجدير بالذّكر أن تركيا كانت من أوائل الدّول التي دعت بقوّة إلى احترام وحدة أراضي الصومال، الأمر الّذي رحّبت به الحكومة الفيدرالية وشكرت لتركيا على دعمها الثابت للحكومة الصومالية، وبالتّالي، فليس مستبعدا بتوقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدّفاعي مع الصومال، خاصة، وأنها تشارك في إعادة بناء الجيش الصومالي عبر تدريب الآلاف من الشباب الصوماليين للانضمام إلى الشرطة وإلى القوات المسلّحة الصومالية.

زر الذهاب إلى الأعلى