نص كلمة رئيس الجمهورية فى القمة العربية رقم 28 بالأردن

بسم الله الرحمن الرحيم

أًصحاب الجلالة والفخامة والسمو

أصحاب المعالي والسعادة

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية

السادة رؤساء الوفود

حضرات السادة والسيدات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستهل كلمتي بتوجيه الشكر والتقدير إلى المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ملكاً وحكومةً وشعباً وأخص بالشكر جلالة الملك عبد الله الثاني، رئيس الدورة الثامنة والعشرين للقمة العربية على دعوته الكريمة لنا للمشاركة في أعمال هذه القمة، وعلى حفاوة الإستقبال وكرم الضيافة، كما أتوجه بالشكر الجزيل والمستحق إلى فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، رئيس القمة السابقة الذي قاد سفينتها إلى بر الأمان بحكمة واقتدار.

– ولأننى أشارك لأول مرة في قمة عربية إسمحوا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ومعالى الأمين العام لجامعة الدول العربية لتهنئتهم وتبريكاتهم لنا بمناسبة إتنخابنا رئيساً لجمهورية الصومال الفيدرالية، وأؤكد لكم أنني سأبذل قصارى جهدى لأكون عضواً عاملاً ومساهماً فاعلاً في العمل العربي المشترك.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

كان من الطبيعي أن تنعقد القمم العربية دوماً والعالم العربي يمر عبر ظروف معينة، حيث كانت كل قمة تعالج الموضوعات والمسائل المطروحة أمامها وتصدر بشأنها القرارات المناسبة بحسب الظروف السائدة، وهذه القمة كغيرها من القمم العربية الأخرى تنعقد فى ظروف استثنائية وفي فترة حرجة ودقيقة يواجه العالم العربي فيها تحديات أمنية وسياسية واقتصادية وإنسانية تحتاج منّا إلى مزيد من العمل الجماعى وإلى توحيد الجهود والكلمة وإتخاذ القرارات المناسبة لمواجهتها وتجاوزها تأميناً لحاضرنا وحماية لمستقبل أوطاننا وشعوبنا.

– إن التحديات الأمنية والإنسانية من أخطر ما يواجه العالم العربي في الوقت الراهن وجاءت معظمها نتيجة للخلافات الداخلية، فعلى امتداد الوطن العربى تعاني شعوبنا في العراق وسوريا وليبيا واليمن مشكلة الإقتتال والحروب وعدم الأمن والإستقرار، لذلك ندعوهم جميعا إلى نبذ العنف وتوحيد صفوفهم ونقول لهم من واقع تجربتنا الطويلة والمريرة أن لا بديل عن الحوار والجلوس على مائدة المفاوضات، ثم الوقوف صفا واحداً أمام الإرهابيين الرافضين للسلام لأن الإرهاب يستهدف الجميع.

• كل الأزمات والتحديات التي تحدثنا عنها والتي تواجه عدداً من بلداننا العربية الشقيقة وتهدد الأخرى وتشعل النيران على أجزاء عزيزة من الجسم العربى، لايمكن أن تنتهي بضربة من عصا سحرية مالم تتخذ قمتنا هذه قرارات سياسية حاسمة تطفئ هذه النيران قبل أن يصل لهيبها إلى المناطق الآمنة نسبيا فيشتعل الجسم العربى بأكمله.

• إنني في هذا المقام أقدم النصح الأخوي للدول العربية التى تشهد خلافات وصراعات داخلية وأعمال عنف بأن يستفيدوا من التجربة والدرس الصومالى أنه لا بديل عن الحوار، فمهما طال أمد الحرب ومهما أريق من دماء فإن الفرقاء سيلجؤون فى نهاية المطاف إلى الحوار ولذلك عليهم حقن دمائهم.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

برغم الأزمات والتحديات التى تخيم على عالمنا العربى نزف إليكم البشرى من الصومال حيث جرت الإنتخابات في بلادنا بداية هذا العام فى أجواء سلمية غير مسبوقة وبصوة ديمقراطية حرة شفافة وتم بثها مباشرة على مرأى ومسمع كل العالم بدءاً بالانتخابات التشريعية التى انتخب الشعب الصومالي بمقتضاها أعضاء البرلمان الفيدرالى الذى يتكون من مجلس الشعب ومجلس الشيوخ، وأعقبتها الإنتخابات الرئاسية التي لم تكن أقل حماسة وحضوراً حيث قام أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ معا بأداء واجبهم الدستوري وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بطريقة تجاوبت مع رغبة الشعب الصومالي فى التغيير واستقبل الشعب الصومالى نتيجة الانتخابات بالترحيب والهتافات، ورحب بها وباركها المجتمع الدولى، وبهذه الانتخابات تم عبر صناديق الاقتراع الإنتقال السلمي للسلطة بين الرئيسين الجديد والسابق أمام حضور كثيف من المجتع الدولي وتحت بصر عدسات الإعلام المحلى والدولى، وعلى ضوء نتيجة الانتخابات ووفقا لما يقرره الدستور والنظام المعمول به في البلاد، قمنا بتعيين الأخ حسن علي خيري رئيسا جديدا للوزراء والذي نال ثقة البرلمان وقام يوم 21 مارس الحالى بتشكيل الحكومة الجديدة وقدّمها للبرلمان مرة أخرى لتنال ثقته.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

تواجه الحكومة الصومالية الجديدة جملة من التحديات التي تحتاج إلى التخطيط الواقعى وإلى دعم الأشقاء والأصدقاء لتجاوزها. التحديات كثيرة ومتعددة الأشكال ومن أسوئها:

1. خطر التطرف والإرهاب

إن الهجمات المستمرة والتفجيرات الإرهابية المتلاحقة التي تدمر ما بناه الصوماليون بجهدهم وعرقهم وتزهق أرواح الآلاف من الأبرياء العزل وتستنزف الطاقات البشرية والمادية، هي الخطر الرئيس الذي يقف عائقا أمام إعمار الصومال وإعادة الأمن والإستقرار فيه. صحيح أن الإرهاب بات وباءاً ينتشر في معظم قارات العالم، ولكننا عانينا من مصائبه لمدة غير قصيرة وأكثر من أية دولة أخرى، ومن واقع التجربة ندعو العالم لتوحيد مواقفه وتنسيق جهودة وتجميع موارده لمواجهة واستئصال طاعون الإرهاب الذى لا يستثنى أحداً .

2. موجة الجفاف والمجاعة:

الجفاف المتكرر في الصومال ناتج عن ظاهرة تغيير المناخ في العالم وإنقطاع الأمطار وجفاف الأنهار وغور مصادر المياه، مما يسبب المجاعة وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة لمايزيد عن ثلاثة ملايين من الأطفال والنساء والكهول الصوماليين الذين قد يتعرضون لخطر الموت ما لم يتم إسعافهم وتقديم المساعدات لهم، كما يسبب الجفاف أيضا نفوق ملايين الرؤوس من الثروة الحيوانية التي تعتبر من أهم دعائم الإقتصاد الصومالي. إن مواجهة خطر الجفاف تحتاج تحركاً عاجلاً وفاعلاً لإغاثة المتضررين وتحتاج تحركاً متوسط وبعيد المدى لإيجاد حلول مستدامة تكسر دورات الجفاف المتلاحقة وذلك بتوفير مصادر مياه دائمة وتوسيع رقعة الأراضى الزراعية.

3. محدودية الإمكانيات المادية:

لا شك أن أى بلد يتعرض لسلسلة من الحروب والإقتتال والإضطرابات لمدة ستة وعشرين عاما سينهار إقتصاده ويصل إلى حافة الإفلاس والفقر مهما عظمت إمكانياته وازدهر اقتصاده وهذه الحالة هى مايعانيها الشعب الصومالي في الوقت الراهن ويبذل جهوده لتجاوزها.

– يواجه الشعب الصومالى التحديات والمخاطر التى سردنا بتكاتف الجهود الرسمية والشعبية والوقوف صفا واحداً واضعين نصب أعيننا أولا وقبل كل شي مساعدة المتضررين بالجفاف حيث تم تسخير كافة إمكانياتنا المادية المحدودة لتوفير بعض الإحتياجات العاجلة من المواد الغذائية والطبية، إلا أن القليل الذي نملك لايفي بالهدف المنشود ولايسد حاجة المتضررين لذلك نناشد الإخوة الأشقاء في العالم العربي من الحكومات والمنظمات الخيرية والقطاع الخاص أن يهبّوا لإنقاذ ملايين الصوماليين المنكوبين بتوفير المعونات الإنسانية العاجلة من مواد غذائية وطبية ومياه صالحة للشرب وللزراعة وسقيا المواشى.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

إن المساعدات الوقتية والمعونات الإسعافية لايمكن أن تكون حلاً لما نعانيه من مشكلات اقتصادية ولا تحقق ما نتطلّع إليه من نمو اقتصادي وإعادة البنية التحتية ومحاربة الإرهاب والتطرف وتوفير الأمن للمواطنين لذلك نناشد أشقاءنا فى الدول العربية أن يخطوا خطوات عملية تتضمن:

1. الوقوف إلى جانب الحكومة الصومالية ودعمها في محاربة الإرهاب والتطرف وذلك عن طريق بناء الجيش الوطنى الصومالي والأجهزة الأمنية وتوفير المعدات والأسلحة الضرورية لهم والمساعدة فى تحسين أداء الأجهزة العدلية والقضاء.

2. مراجعة البنود الخاصة بدعم الصومال فى القرارات التي إتخذتها القمم العربية المتعاقبة حيث تعلق حكومة جمهورية الصومال الجديدة الآمال على تنفيذ بنود هذه القرارات، ونلتمس من قمتنا الحالية أن تصدر قرارت تدعو إلى تقديم مساعدات عالجة لمواجهة التحديات والمخاطر التى ذكرنا وإلى تفعيل وتنفيذ كل القرارات الخاصة بدعم الصومال، ونذكر منها قرار قمة شرم الشيخ الخاص بتقديم دعم مالى عاجل بمبلغ عشرة ملايين دولار شهرياً لموازنة الحكومة الصومالية ولمدة عام والقرار الخاص بعقد مؤتمر عربى لتنمية الصومال فى العام الحالى، وفى هذا الإطار أرجو أن أعبّر عن شكرنا الجزيل وامتناننا لقرار دولة الكويت الشقيقة باستضافة مؤتمر لدعم قطاع التعليم الصومالى آملين أن ينعقد بأسرع ما يتيسر ومتطلعين لمشاركة عربية واسعة وفاعلة فى هذا المؤتمر، فإصلاح قطاع التعليم من المقاربات المهمة لمعالجة مشاكل الصومال وفى مقدمتها مشكلة العنف وتوجه الشباب الصومالى للحركات الإرهابية والمتطرفة.

3. دعوة رجال الأعمال العرب والقطاع الخاص العربى إلى الإستثمار في الصومال وفتح مزيد من الأسواق العربية أمام المنتجات الصومالية .

4. تقديم ما يمكن من مساعدات مالية أوديون طويلة الأجل لمساعدة الصومال فى إستخراج الموارد المدفونة في باطن الأرض وفى أعماق البحار وتنمية الثروات الزراعية والحيوانية والسمكية.

ختاما: أجدد الشكر الجزيل لجلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ولكم الحضور الكريم سائلاً الله أن يكلل قمتنا بالتوفيق والنجاح.

شكراً لكم.

صونا

زر الذهاب إلى الأعلى