الولايات الفدرالية في الصومال (2)

مهددات الإدارات الاقليمية- 

 عندما ندرس عوامل بقاء وانهيار الإدارات الأقليمية في الصومال لا يمكن وضع جميع هذه الإدارات في قالب واحد أو تقيمها وفق معايير أو معطيات واحدة  لوجود إختلافات جوهرية بينها سواء من حيث الشرعية القانونية، أوالبنية التحتية،  أو قوة المؤسسات الإدارية فيها وضعفها، أو الحالة الاقتصادية أو الأمنية، فلكل إدارة من هذه الإدارات وضعية خاصة كانت سائدة قبل نشأتها أو تكونت حديثا ، وهذه العوامل يجب  يجب أن نضعها  في الاعتبار ونتخذ منها منطلقا لتقيمنا. 

فعلى سبيل الميثال لا على سبيل الحصر ، في الوقت الذي تتمتع بعض  الإدارات الاقاليمية بشرعية قانونية سليمة تحظى بتوافق سياسي واجتماعي تكونت وفق أطر دستورية متفقة عليها، تجد إدارات أخرى قد نشأت بفعل أمر الواقع ومقتضى الضرورة وساعدتها عوامل معنية كانت راهنة في هذا الاقليم ولا تعتمد على قواعد شعبية راسخة تحميها من الانهيار وتساعدها في مواجهة التحديات وتجاوز العقباب وهذا الأمر هو الذي يجعلها عرضة للاهتزار والانهيار في حال فقدان بعض أو  جميع العناصر التي ساعدت على انشائها وتكوينها.

وإذا نظرنا من الناحية المؤسساتية فهناك اختلاف كبير بين الإدارات الاقليمية الخمسة التي تتكون منها جمهورية الصومال الفدرالية وهناك تفاوت بينها على مستوى قوة المؤسسات الإدارية والمنظمات المجتمعية وعلى المستوى الاقتصادي والمعيشي في هذه الأقاليم.

لا يخفى على أحد أن بعض هذه الإدارات تمتلك مؤسسات حكومية حقيقية وموجودة على أرض الواقع ولها مصادر مالية  وامكانيات اقتصادية تمكنها من تغطية جزء كبير من احتياجاتها الضرورية وتسيير الأعمال اليومية للحكومة،  فلدى هذه الاقاليم مواني برية وبحرية وجوية  تستخدم عائداتها في تغطية جزء كبير من ميزانيتها السنوية وصرف رواتب موظفيها وبالتالي  لا يمكن أن تتساوى فرص بقائها أو انهيارها مع إدارة  تعاني من نقص في الموارد البشرية المدربة و قلة المداخيل  وضعف في المؤسسات ولا تستطيع حتى تأمين  نفقاتها اليومية، فالنوع الأخير  من هذه الاقاليم تواجه خطرا حقيقيا يهز عرشها ويهدد كيانها ولا يمكن أن تستمر  ما لم يتم اجراء  تعديلات حقيقية في استراتيجيتها وهيكالتها الإدراية ورؤيتها المستقبلية بشكل يتناسب مع متتطلبات الواقع وضرورات المستقبل.  

 أما الخطر الأمني في هذه المناطق رغم تفاوت حجم خطورته بالنسبة للإدارات الإقليمية يعد عاملا أساسيا من العوامل التي قد تتسبب في انهيار  هذه الإدارات مستقبلا  ويتمثل هذا الخطر في  ثلاثة أمور:

الأمر الأول:  الصراعات القبلية،

فالقبائل التي تعيش في هذه المناطق ليس لديها  تمثيل عادل في المؤسسات الإدارية في الاقاليم وأن بعضا منهم يشكون من التهميش والظلم السياسي، ويمكن أن يؤدى ذلك في نهاية المطاف إلى انفجار غضب هذه القبائل وأن يحمل أبنائها السلاح.

الامر التاني:  تهديدات حركة الشباب وتنظيم الدولة الاسلامية

 إن القاسم المشترك للإدارت الاقليمية يتمثل في تهديدات  الجماعات الاسلامية وخاصة حركة الشباب وتنظيم داعش ورغم وجود  هذا الخطر الأمني في كل الاقاليم الا أن هناك فروق جوهرية تتمثل في مستوى الخطورة، حيث يعد  فرص بقاء الولايات الفدرالية أمام تهديدات الحركات الاسلامية في حال انسحاب القوات الافريقية لحفظ السلام من البلاد قليلة ، وأنها ستنهار في اليوم التالي من الانسحاب، ما لم يتم ايجاد حلول للتحديات التي نذكرها.

 الامر الثاني: ضعف المؤسسات الأمنية

 لا تتمتع هذه الادارات بمؤسسات أمنية قوية  قادرة على تولي مسؤولية أمن مناطقها. يفتقر أفراد هذه المؤسسات إلى  العناية المطلوبة من التدريب والتسليح  الجيد ، وتحسين ظروفها المعيشية، وإعادة احياء روح العقيدة العسكرية الوطنية في نفوسها.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى