الصومال وتحدي عودة القرصنة

لسنوات، كان يبدو أن الجهود التي يبذلها العالم لمكافحة القرصنة مقابل سواحل الصومال قد أحرزت نجاحاً ملموساً. فقد انخفض عدد الهجمات التي يتم شنها على السفن. وكانت جهود قوات «الناتو» الرامية لمكافحة القرصنة ناجحة للغاية، حيث قرر المسؤولون عنها في شهر ديسمبر الماضي أنها لم تعد ضرورية. ولكن في مساء يوم الاثنين الماضي، أرسلت الناقلة «إيريس 13»، التي كانت تحمل وقوداً من جيبوتي إلى مقديشو، إشارة استغاثة. فقد تم الاستيلاء عليها من قبل مسلحين. وهذه هي أول مرة منذ عام 2012، تتعرض سفينة تجارية للهجوم من قبل قراصنة مقابل الساحل الصومالي. والآن، يحاول خبراء ومسؤولون معرفة ما الذي تنم عنه حادثة الاختطاف الأخيرة فيما يتعلق بالجهود المبذولة لتأمين واحدة من الطرق البحرية الأكثر خطورة في العالم. وحتى الآن، هناك شيء واحد يبدو واضحاً: ما زالت كل من الأساطيل البحرية الغربية وشركات الشحن التجارية تقلل من شأن التهديد الذي يشكله القراصنة في الساحل الصومالي. لقد اندفعت الناقلة «إيريس 13» تجاه الساحل الصومالي بالقرب من الطرف الشرقي الأقصى من أفريقيا، ربما في محاولة لتوفير الوقت، بحسب ما ذكر «جون ستيد»، الخبير في جرائم الملاحة في مؤسسة «محيطات ما وراء القرصنة»، وهي مؤسسة في كولورادو. وقد وضع هذا القرار طاقم السفينة في خطر كبير.

وما جعلها أكثر عرضة للخطر، أنه لم يكن على متنها حراس مسلحون، ولا يوجد أيضاً حاجز يمنع أي مهاجمين محتملين. وفيما تراجعت مخاطر القرصنة في السنوات الأخيرة، بدا أن العديد من السفن قد خففت من احتياطاتها الأمنية.

وفي هذا السياق قال «كريس ساكلينج»، الخبير في شركة «أي اتش إس ماركيت» المختصة في الصناعة البحرية: «إن واحدة من المشكلات الرئيسة فيما يتعلق بردع القرصنة هو أن نسبة 35– 40% فقط من السفن التجارية في المنطقة عالية المخاطر هي التي تحمل حراساً مسلحين على متنها».

ولعب انسحاب «الناتو» من الممر المائي دوراً أيضاً في انكشاف السفن أمام خطر القرصنة. وعلى الرغم من نشاط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مجال عمليات مكافحة القرصنة في خليج عدن، فإن «عملية درع المحيط» التي قادها «الناتو» كانت هي الرادع الأساس منذ عام 2009 وحتى شهر ديسمبر الماضي.

و«ذلك الحضور القوي لهذه القوة البحرية الدولية نجح في ردع القراصنة عن مواصلة أنشطتهم، وساهم في كبح القرصنة في المنطقة»، وفقاً لما ورد في بيان لـ«الناتو» العام الماضي. ولكن على الرغم من نجاح العملية البحرية، فإن الجهود على هذا الجزء من ساحل الصومال المشهور بالقرصنة، ما زالت سيئة، أو على الأقل غير كافية.

ويرى الخبير «كريس ساكلينج» أيضاً أن بعض القراصنة نقلوا تركيزهم إلى أنشطة أخرى غير مشروعة، مثل تهريب السلاح إلى اليمن. وأضاف أن إحدى النظريات تقول إن قبيلة معارضة لرئيس إقليم «بونتلاند» الصومالي قد شجعت الهجوم على السفية «إيريس 13» لتعزيز فكرة أن المنطقة سيئة الحكم. وأوضح أن «هناك تصوراً أن الدوافع اختلفت لتصبح سياسية بدلاً من كونها اقتصادية».

وكذلك قال صيادون صوماليون إن الهجوم على «إيريس 13» كان محاولة لوضع حد للصيد غير المشروع، ومعظمه من قبل سفن آسيوية، في المياه المحلية الصومالية. وقال «هراري أحمد محمد ماتان»، وهو صياد في «بونتلاند»، في مقابلة عبر الهاتف، إن «هذا ليس هجوم قراصنة، إنهم الصيادون الغاضبون الذين يحاولون حماية منطقتهم حتى يتسنى لهم الصيد». وأضاف: «لقد تعطل هذا المصدر من مصادر الرزق بسبب التهديدات المستمرة من قبل هذه السفن التي تصطاد بطريقة غير شرعية».

لم تكن الناقلة «إيريس 13» سفينة صيد، ولكن الصيادين الصوماليين أشاروا إلى أن اختطاف طاقمها من الممكن أن يكون وسيلة فعالة لجذب الانتباه إلى شكاواهم وردع قوارب الصيد الأجنبية. وقال الاتحاد الأوروبي إن القراصنة مهتمون بالتفاوض لطلب فدية. وكذلك ذكرت الحكومة السريلانكية أن ثمانية من مواطنيها كانوا على متن الناقلة. وفي مساء يوم الثلاثاء الماضي، ذُكر أن السفينة قد تم نقلها إلى مدينة «شابو» الساحلية.

المصدر- الاتحاد

زر الذهاب إلى الأعلى