هل باتت حرية التعبير في صوماليلاند على المحك؟

تتعرض الصحافة في صوماليلاند لعمليات ترهيب تتمثل في اعتقال الصحفين واغلاق اوسائل الاعلام المعارضة، وأصدر مركز حقوق الانسان في صوماليلاند نهاية العام الماضي، تقريرا مطولا عن واقع حريات التعبير في الإقليم، وذكر المركز الذي أسس في عام 2013 بأن العام الماضي يعتبر من أكثر الأعوام انتهاكا للحريات التعبير في صوماليلاند، وذلك نظرا للمضايقات التي شهدت المنطقة خلال لأعوام الماضية.

واشار المركز بأن العام الماضي شهدت صوماليلاند 28 حالة اعتقال للصحفيين، وتتراوح المدة السجن ما بين ساعات وشهر، وفي عام 2015 وصل عدد معتقلي لحرية الرأي 19 صحفياً، مما يدل على أن الرقم ارتفع بصورة ملحوظة في العام الماضي، ومن المحتمل ان يقفز العام الحالي إلى عدد اكبر من أعوام الماضية، إذا استمر الواقع الحاليّ لحرية التعبير والانتهاك الممنهج ضد الصحفيين. 

 وحرية الرأي في صوماليلاند التي تتمتع بأمن واستقرار لا تتوفر في المناطق الصومالية الأخرى  تبدو أنها أصبحت على محك، وأنها لا تقل سوءً من الأقاليم الجنوبية التي يعاني الصحفيين والصحافة عموماً بمضايقات واعتداءات سافرة من قبل الحكومة الصومالية والإدارات الاقليمية من جهة، وحركة الشباب من جهة أخرى، وقد قتل في عام الماضي وحده 30 صحفي كما يشير تقرير السنوي للمكتب (يونصوم) التابع للأمم المتحدة، ويوثق التقرير أيضا 120 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي لإعلاميين بين كانون الثاني/ يناير 2014 وتموز /يوليو 2016 في الصومال عموماً. 

ومن الأكثر الأسباب التي تأدي الى زج الصحفيين للسجن في صوماليلاند، هو تطرقهم عن الفساد الموجود في صوماليلاند، و تأييد الوحدة مع الشطر الجنوبي للجمهورية الصومال، كما حدث مع النشاط الاجتماعي عبد المالك علدون، الذي تم سجنه بعد ان زار مقديشو مؤخرا، وعبّر تأييده للرئيس الجديد (فرماجو)، وفور عودته إلى هرجيسا نقل الى السجن ولم يتحدث مسؤولوا صوماليلاند عن أساب الحقيقية للاعتقال علدون، وفي الأمس وجهت إدارة صوماليلاند للصحفيين والشخصيات السياسية تحذير ومنعهم من السفر إلى جنوب الصومال.

وقد وجد اعتقال علدون صدى كبير في أوساط المجتمع الصومالي، وتضامن معه رواد مواقع التوصل الاجتماعي بمختلف مناطقهم وانتماءاتهم على حدَ سواء، وناشد شخصيات مشهورة كداعي الصومالي الشهير/ محمد إدريس لإطلاق سراحه في صحفته على موقع الفيسبوك.

ومن المفارقات الغريبة ان صوماليلاند التي أعلنت الانفصال من جهة واحدة، والتي يقال عنها من ديمقراطيات الناشئة في الإقليم، تنتهج أسلوب قمع الصحفيين، ومصادرة حرياتهم، وإلغاء الأخر  وحتى اعتقاله كما حدث داخل البرلمان في الأسبوع الماضي، وهذا مؤشر قويّ على أن الانتقال السلس للسلطة والبيئة الديمقراطية لم يصل بعد إلى مستوى النضج السياسي المطلوب، وان شعارات البراقة لم يتم تحويلها إلى واقع ملموس. 

واقع حرية التعبير في هرجيسا لا تبشر بالخير، اذ ان الصحفيين يعيشون حالة من الرهب والخوف من سلطة الدولة، وبالتالي تلاشت أصوات الصحافة المعارضة، وصار الاعتقال جاهزا لك من خالف بأهواء الحكومة في صوماليلاند، فيجب إعادة النظر ملف حرية التعبير للإدارة في صوماليلاند، وافساح الطريق للصحفيين والمعارضة لكي يزالوا عملهم ومهنتهم بكل اريحية ومن دون مضايقات.

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى