مستقبل العلاقة بين الرئيس”فرماجو” ورؤساء الإدارات الإقليمية …توافق أم صدام ؟ 

تنتظر الرئيس الجديد محمد عبدالله فرماجو تحديات سياسية كبرى يمكن أن تشكل  عقبة في طريق تحقيق وعوده التي قطعها خلال الحملات الانتخابية وتحقيق تطلعات الشعب، أبرزها الدولة العميقة،  ورؤساء الإدارات الاقليمية، والقوى القبلية،  والدور الإقليمي في الشأن الصومالي، لكن العلاقة مع  رؤساء الإدارات الإقليمية  يعبتر البعض أنها  أكبر تحد سيظل مرافقا له طوال فترة حكمه والذي يصعب أيجاد حل جذري له  بسب ارتباطه بملفات أخرى محلية واقليمية شائكة.

في البداية لا بد أن نضع في الحسبان خمس حقائق لفهم طبيعة مستقبل العلاقة بين الرئيس “فرماجو” وحكام الإدارت الإقليمية، وهي:

أولا:  حكام الولايات الاقليمية يتمتعون بنفوذ قوي في السياسة الصومالية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي  ولديهم دور كبير في العملية  السياسية سواء  أكان هذا الدور ضمن الإطار الذي يحدده  الدستور أو خارجه  وهذا الدور  يمثل عائقا  أمام التغيير الشامل الذي  يأمله الصوماليون أن يحدث في بلادهم خلال السنوات الأربعة القادمة

ثانيا: ينظر  بعض حكام  الولايات دائما إلى الحكومة المركزية بعين الريبة والشك ويبدون مخاوفهم من أن تقلل نفوذهم السياسي وفرص تحقيق مصالحهم و علاقاتهم مع رئيس الجمهورية على مر السنوات الماضية  كانت متوترة وغير مستقرة على خلفية تباين مواقف الطرفين تجاه حجم ودور الإدارات الاقليمية في القرارات السياسية التي تتخذها الحكومة الاتحادية وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية وتوزيع المساعدات المالية التي تحصلها الدولة، وبتعبير أدق بسبب الصراع على تقاسم السلطة والثروة.

ثالثا: فحكام الإدارات الاقليمية تسعى دائما إلى الحصول على مزيد من النفوذ يمكنهم من التعامل مع العالم الخارجي بشكل مباشر وابرام اتفاقيات معه بعيدا عن الإطار القانوني الذي يسمحها الدستور الفدرالي أو عيون الحكومة الاتحادية بينما كانت الأخيرة تفعل كل ما في وسعها للحليولة دون حدوث ذلك أو على الأقل ليكون بالتنسيق معها.

رابعا: بالإضافة إلى ذلك تحتل تعيين رئيس مجلس الوزراء وتاليف الوزراء  على رأس أولويات رؤساء الإدارات الاقليمية وأنهم لا يترددون في محاولة فرض شروطهم على الرئيس ورئيس الوزراء أيضا من أجل تعين مقربين منهم لمناصب سيادية في الحكومة، لأن حكام الإدارات الإقليمية يهتمون لما يحدث في مقديشو أكثر من إهتمامهم لما يجري في عواصمهم ، بل أن البعض منهم يبقى فترة طويلة داخل مقديشو ، ولا يريد أن يكون بعيدا من مراكز صنع القرار.

خامسا:  أن حكام هذه الإدارات  لم تكن ترغب  في انتخاب “فرماجو” رئيسا للبلاد، وبعضهم وقفوا بقوة إلي جانب الرئيس السابق حسن شيخ محمود أو على الأقل لم يقفوا موقف الحياد باستثناء رئيس إدارة جوبالاند أحمد اسلان مدوي الذي لم يذهب إلى مقديشو لمساعدة مرشح بعينه كما فعله الحكام الآخرون.

لا نبالغ إذا قلنا إن بعض حكام  الأقاليم لايحظون بتأييد واسع من مواطنيهم، ويتخوفون من الشعبية الجارفة التي يتمتع بها الرئيس الجديد محمد عبد الله فرماجو وبالتالي لا يمكن استبعاد سناريو استخدام هؤلاء الرؤساء شتى السبل القانونية وغير القانونية والوسائل السياسية لعرقلة جهوده وخصوصا في حال شعورهم تهديدا قادما من مقديشو وأنهم سيستغلون علاقتهم القوية مع دول الجوار في تشتييت التفكير السياسي للرئيس وفتح جبهات متعددة حتى يذعن لإرادتهم أو على الاقل يتصالح معهم وإن  كان ذلك على حساب المصلحة العليا للشعب وعلى حساب المبادئ والقيم والافكار السياسية التي يؤمن بها الرئيس.

 لكن الشيء الايجابي هو أن حكام الولايات الخمسة ليسوا متحدين ولا يتبنون رؤية واحدة تجاه مستقبل البلاد والعلاقة مع الحكومة المركزية، بل أن مصالحهم في غالب الأحيان متناقضية ومتضادة وبالتالي يجب على الرئيس   الجديد أن يضع استراتيجية واضحة إزاء العلاقة مع هم سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أوالأمني وينبغي الا يتعامل معهم وفق معيار واحد واستراتيجية واحدة؛ لأن لكل إدارة لها وضعيتها الخاصة ويمكن تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول يضم بونت لاند وجوبالاند. فهذين الاقليمين يتمتعان بوضع  اقتصادي وأمني أفضل مقارنة بالأقاليم الأخرى وأن رؤساؤهما ناذرا ما يزوران العاصمة مقديشو من أجل وضع العصي في دواليب الحكومة وأن اهتماهما منصب فقط في الاحتفاظ على استقرار منطقتهم والحصول على هامش حرية في العلاقات مع العالم وبما لا يشكل خرقا كبيرا في الدستور والقوانيين.

القسم الثاني يضم إدارات جنوب غرب الصومال، وجلمدغ وهيرشبيلي الوليدة فهذه الإدارات حديثة العهد وتفتقر إلى  الامكانيات الاقتصادية وأنها تعتمد بشكل شبه كلي على مصادر دخل الحكومة الاتحادية، ولذلك يحتاج رؤساؤها إلي دعم الحكومة ويتطلعون إلي إمتيازات ومخصصات مالية لسد احتاجات إداراتهم وتغطية ميزانياتها وإن كان ذلك خارج ما يسمحه القانون نظرا لظروفهم الاقتصادية والمالية.

 من السابق لأونه أن نعرف بشكل قاطع ما ذا ستكون طبيعة العلاقة بين الرئيس فرماجو ورؤساء الإدارت الاقليمية لكن المؤكد أن بعض رؤساء هذه الإدارات رغم تهنئتهم للرئيس بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد يساورهم القلق، ويتخوفون منه ويعتقدون أن الباب مفتوح لجميع الاحتمالات وبدأوا يتخذون من يوم انتخابه كل الإحتياطات تأهبا لأي صراع محتمل، وعلى هذا الأساس لا بد أن ينزل الرئيس منازلهم ويخاطب تطلعاتهم لمحاولة التوفيق بين السلام والعدل وحتى يكون السلام قريب المنال.

زر الذهاب إلى الأعلى