قراءة حول كتاب: السعادة بين الوهم والحقيقة(1)

هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو عبارة عن رسالة لطيفة من تأليف الدكتور ناصر بن سليمان العمر من علماء المملكة العربية السعودية، وكان أصل هذه الرسالة محاضرة القاها الشيخ في أحد مساجد مدينة الرياض، وتم استفراغها من الأشرطة من قبل بعض طلاب العلم ومن ثم طبعت باذن منه، وتتمحور هذه الرسالة القصيرة التي لايتعدى عدد صفحاتها45 صفحة حول قضية مهمة للغاية وهي حقيقة السعادة.

وبعد المقدمة يستهل الكاتب برسالته سؤالا عن حقيقة السعادة مفاده هل السعادة وهم أم حقيقة؟ فيجبب عن هذا السؤال قائلا: نعم هناك سعادة وهمية وسعادة حقيقية، ثم يتطرق الى الأسباب الداعية الى الخوض في غمار هذا الموضوع وتقلب صفحاته، وذكر أسبابا منها:

1-كون كل انسان على وجه هذه البسيطة يسعى الى تحقيق السعادة رغم اختلاف مذاهبهم ومسالكم وطريقة عيشهم، دينهم وسلوكهم،الا أنهم متفقون على شيئ واحد وهو “طلب السعادة” بمعني أن الناس كلهم يطلبون السعادة لافرق في ذلك بين المؤمن والكافر،  والبر والفاجر، والذكر والأنثى.

2-أن كثيرا منهم يخطئون طريق السعادة، والقلة هي التي تسلك سبل السعادة.

3-إن كثيرا من المسلمين وخاصة الدعاة الى الله عندما يرون أصحاب السعادات الوهمية تعوق لهم عن الطريق الى الله،إضافة الى وجود عدد من الناس كانوا يعيشون السعادة الحقيقية ثم انتقلوا الى السعادة الوهمية.

ثم يعرّج الى تعريف السعادة التي يقول عنها: أنها ضد الشقاوة، ويذكر من التعاريف تعريف علماء النفس الذي يقول:هي ذلك الشعور المستمر بالغبطة، والطمانينة، والأريحية، والبهجة.

ثم يذكر أركان السعادة التي يخزلها بـ:

أ)خيرية الذات      ب)خيرية الحياة وهذا المهم    ج)خيرية المصير.

وبعد التعريف والأركان إن صح لنا تسمية محددات التعريف أركانا يتطرق الى بيان أوهام السعادة والتي يقف عندها طويلا كونها كما يقول الكاتب القضية الحاسمة والمهمة في تحديد مسيرة حياتنا وعن المفاهيم الخاطئة عن السعادة ويذكر منها:

السعادة في المال

يتسائل هل السعادة في تكديس الأموال  وجمع الثروات وبناء العقارات والقصور؟

عن الجواب يقول:كثير من الناس يتوهم ذلك ويقول فلان سعيد؛ لأنه يملك أرصدة في البنوك، وكذا من الأراضي ومن العقارات.

أقول: السعادة ليست جمع المال على حد قول الشاعر:

ولست أرى السعادة جمع مال   ——–   ولكن التقي هو السعيد

وجملة القول هنا ليس كل صاحب مال سعيد؛ لأن كثرا من أرباب المال يعيشون في تعاسة مستمرة. والسبب في ذلك يرتد الى أنهم يتعبون في:

1-جمعه   2- حفظه واستثماره       3- القلق والخوف من فوات هذا المال وزواله. هموم مستمرة قلق مستمر غم لا ينتهى، وقد يكون المال سببا لهلاكه، ثم إن هناك كثير من الناس زال ماله وعاش بقية حياته في تعاسة مستمرة. وذكر منها قصص ونماذج حية منها:قصة قارون الذي كان المال سببا لهلاكه وأمية بن خلف الذي يقول:ما اغنى عني ماليه، وبئس من مال لا يغنى صاحبه.

ثم ذكر الكاتب من تلك النماذج قصة كرستينا أوناسيس تلك الفتاة اليونانية التي كانت ابنت المليونير  المشهور:” أوناسيس” وكان والدها يملك الأساطيل يملك الجزر، وبعدوفاة والدها ظلت هي الوريثة الشرعية الوحيدة لتك الأموال الطائلة وورثت من والدها مايزيد على خمسة الآف مليون ريال سعودي، تصورا فتاة تملك جزرا كاملة تملك أسطولا بحريا،وتملك شركات طيران مع تلك المبالغ الضخمة فعلا يمكن أن يقال عنها إنها أسعد امرأة في العالم.

وخلاصة قصتها: هذه المرأة تزوجت في حياة والدها برجل امريكي وعاشت معه شهورا ثم طلقها، وبعد وفاة والدها تزوجت برجل يوناني فعاشت معه شهورا فطلقها أوطلقته، ثم انتظرت طويلا تبحث عن السعادة، تزوجت شيوعيا روسيا، وعندما سألها الصحفيون السر وراء زواجها لهذا الرجل الشيوعي أجابت بأنها”تبحث عن السعادة” وعاشت معه في روسيا سنة كانت تخدم لنفسها لأن النظام هناك لايسمح الخادمة ثم طلقها، وعندما سألها الصحفيون هل أنت اغنى امرأة فى العالم؟قالت أنا أغنى امراة في العالم ولكن أشقى امراة.

واخيرا وجدوها ميتتة في احدى مدن الأرجنتين.

إذاً المال وحد لا يكفى ولا يجلب السعادة.

ثم يتحدث عن السعادة في الشهرة كارياضة والفن، ويقول :إن الشهرة شقاء لا سعادة،وهذا ما لم ترتبط بتقوى الله سبحانه وتعالى.ثم يورد قصص مشاهير من أهل الرياضة والفن كانت نهايتهم مأساوية.

ثم يتكلم عن السعادة في الشهادات، هل السعادة في الحصول على شاهادات عالية في تخصصات مهمة ونادرة مثلا ثم يذكر قصة مؤلمة لطبيبة سعودية تصرخ بعد أن فاتها قطار الزواج وتقول: خذوا كل شهاداتي واعطوني زوجا.

وعن السعادة في المنصب يسرد  الكاتب قصصا لملوك ورؤساء دول زال ملكهم فعاشوا بقية حياتهم حياة تشرد وتعاسة منهم شاه ايران محمد رضا بهلويالذي مات مشردا وطريدا بعد ان زال ملكه وأفل نجمه ولم يحصل على دولة تؤويه، ورئيس الفلبين السابق ذلك الرجل الطاغية الذى أذاقه الله غصص التعاسة والشقاء في الدنيا قبل الآخرة على حد تعبير الكاتب.،ويذكر أمثلة اخرى لايتسع المقام لذكرها.

موانع السعادة

وتحت هذا العنوان يذكر الكاتب عددا من موانع السعادة والتي منها:

1- الكفربالله (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء)

2- عمل المعاصي والآثام والجرائم،لأن المجرم وصاحب المعاصي لايمكن أن يكون سعيدا أبداً

3- الحسد والغيرة هي أيضا من الأسباب المانعة للسعادة والبهجة والحبور.

4-الحقد والغل

5-الظلم لأن الظلم مرتعه وخيم ويذكر مثالا معاصرا وهو حمزة البسيوني ذلك السجّان الذي كان يعاقب السجناء في سجون مصر.

ومنها التعلق بغير الله وسوء الظن وإدمان المخدرات،التشاؤم والكبر وغيرها.

أنيسة صلاد عبده شيخ

خريجة كلية الشريعة -الجامعة الاسلامية بمقديشو، وطالبة الطب بجامعة بنادر
زر الذهاب إلى الأعلى