سعادة الرئيس: واجه قوى الشر بالتّحدي

في أواخر السنة الماضية شاركت في محاضرة للدكتور سيمون تاو الحاصل على الدكتوراه في علوم الإدارة ومسؤول في حكومة ويلز يتحدث فيها عن تجربته في إدارة القطاع العام.

وفي اثناء حديثه عن التحديات التي تواجهها حكومة ويلز كان من ضمنها الرقابة من الصحافة والشعب، خاصة الصحافة التي قال انها تقف لهم بالمرصاد وتتصيد اخطائهم حتي الصغيرة منها وتعالجها في مانشيتات  الصفحات الأولى ، ومع ذلك لم يبد أي عداء للصحافة مثل قياداتنا، بل قال انها تدفعهم بمزيد من الإتقان في العمل، ومضاعفة الجهود لتلبية رغبات الشعب.

وذكر الدكتور سيمون في محاضرته أن نجاح القائد يتحدد وفقا للبيئة التي يعمل فيها، وعناصر البيئة تلعب دورا مهما في نجاحه أو فشله. هذه النقطة بالتحديد ذكرتني نقاشات ساخنة دارت بيني وبين زميل لي تتعلق سبب فشل المثقفين الصوماليين من دول المهجر خاصة من خريجي أرقي الجامعات بشمال أمريكا وأوروبا في احداث تغيير ايجابي بعد توليهم مناصب تنفيدية في الحكومة الصومالية.

وانتهازا من هذه الفرصة الثمينة،بعد نهاية كلمته طرحت على الدكتور سيمون هذا السؤال: السيد سيمون، أنت تتحدث عن تجربتك الإدارية، والاهمية التي تمثلها البيئة في انجاح القائد أو افشاله، وفي ويلز عقد إجتماعي قوي يجعل البيئة المحيطة بالقائد ايجابية الى حد ما، ولكن هناك دولا البئية المحيطة بالقائد سلبية الى أبعد الحدود، ورأينا قيادات درست في أرقي الجامعات في العالم مثل جامعة هارفرد وتتأثر بالبيئة الفاسدة التي جاءت اليها رغبة أو رهبة بدلا من تأثيرها وبالتالي تخفق هذه القيادات في أداء المهام المنوطة بها ، فهل لك أي اقتراح لتجاوز هذه العقبة؟.

فأجاب الدكتور سيمون: يا سيدي أتفهم مثل هذه المواقف، وليس عندي اقتراح معين ولكن أقول لك، في مثل هذه الحالة فعلى المسؤول ان يتمسك بمبادئه ويطبقها ويرفض كل الإغراءات والتهديدات التي قد تثنيه عنها، والنتيجة ستكون إما ان ينجح في نشر القيم والمبادئ النبيلة التي جاء اليها بصورة تدريجية أو ان يفشل ويجبر على ترك منصبه ليكون قدوة حسنة لخلفائه الى ان تتحول البيئة موضع النقاش الى بيئة صالحة.

النقاش الذي دار بيني وبين زميلي يرجع الي أيام حكومة شيخ شريف حيث كان رؤساء الحكومات والوزراء يفشلون في تغيير الواقع رغم تمتعهم بجبرات وشهادات من ارقى الجامعات في العالم، فكان تفسير زميلي أن المشكلة تكمن في المجتمع، ولا بد من ان يتغير المجتمع لتتوفر للقائد البيئة المناسبة لانزال خططه وبرامجه علي أرض الواقع.
وفي المقابل كنت ارى أن البيئة الإيجابية تساعد القائد على تنفيذ مهامه ولكن لو لم تتوفر فهو المطلوب بتحدي الوضع القائم وتغييره عن طريق شحذ همم المرؤوسين والهامهم نحو رؤية جذابة توحدهم لخلق البيئة المناسبة للنجاح.

كنت أرى أن المثقفين الصوماليين الذين يتولون المناصب في الحكومة الصومالية يستسلمون للواقع المحيط بالحكومة عندما يرون أن العقبات أمامهم كبيرة، ويحاولون ارضاء قوى الشر في البيئة، ضاربين كل ما يومنون به أو العلوم التي تعلموها عرض الحائط بهدف البقاء في الحكم، بدلا من تحدي الوضع القائم، وانزال تصواراتهم ومايؤمنون به علي ارض الواقع وان أدى ذلك الى ترك مناصبهم، لأنه من الممكن جداً ان يتمكنوا من التغلب علي العناصر الفاسدة في البيئة مستعينين بتأييد الشعب لأن الشعب يريد الحياة ويتطلع الى مستقبل واعد ولن يخذل أي قائد مخلص، وسيخوض معه المعركة الوطنية ضد قوى الشر في البئية السياسية الصومالية.

وبناء علي ماسبق، يحتاج الرئيس محمد فرماجو أن ينتهج سياسة التحدي في تعامله مع قوى الشر في البئية السياسية الصومالية، لأن تجربة السنوات الماضية تعطي دليلا واضحا أن سياسة المهادنة والرضوخ لضغوطات قوى الشر لن تحقق تطلعات الشعب ، وتربط مزيدا من السلاسل والأغلال في أيدي الرئيس ليغوص في بحار الفشل الى أن تنتهي فترة ولايته.

من صفات القائد المُخاطر، لذلك، فعلى الرئيس محمد فرماجو أن يأخذ درجة كبيرة من المخاطرة، ويتحدى القوي الخارجية والداخلية التي لا تريد الخير للصومال، وان فعل ذلك وانتهج الشفافية في تعامله مع الشعب، فسوف يتغلب على كل هذه القوى، وان فشل في مواجهتهم واجبر على ترك منصبه سيسجل الصومال اسمه بسجل من ذهب.

محمد إبراهيم عبدي

كاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى