ثلاثة تحديات أمنية أمام الرئيس محمد فرماجو

بعد رحلة طويلة وشاقة ومحفوفة بالمخاطر طويت صفحة الإنتخابات، وبدأ فصل جديد من عملية إعادة بناء مؤسسات الدولة وانهاء المعاناة التي اربطت اسم الصومال نتيجة للحروب الأهلية، والمخططات الشريرة للجماعات المتطرفة.

متطلبات المرحلة القادمة اكبر من قدرات شخص الرئيس أو قدرات وزراء الحكومة التي سيشكلها، وتحتاج الي تضافر جهود جميع الصوماليين واصدقاء الصومال لتذليلها، ولكن من المؤكد أن اخلاص الرئيس وفريقه وطريقة تعاملهم مع الملفات المهمة هي بداية النجاح المنشود.

الملفات الشائكة في طاولة الرئيس محمد فرماجو كثيرة ومتشعبة، والطريق نحو النجاح ليس مفروشا بالورود، والوسائل المادية والتقنية للتعامل مع تلك الملفات شحيحة ولكن الثقة التي اعطاها الشعب قاطبة له تحتم عليه ان يحسن اختياراته ويبذل كل ما لديه من طاقة في تحقيق تطلعات هذا الشعب المنكوب باقصي درجة ممكنة.

ويقع في صدارة الملفات أمام الرئيس فرماجو الملف الأمني، ويمثل الإختبار الحقيقي الذي يدل علي مدي قدرته لتلبية تطلعات الشعب الذي رحبه بعواطف جياشة، والأمن كان عصيا علي جميع الحكومات التي تعاقبت علي حكم الصومال منذ مؤتمر عرته عام ٢٠٠م نتيجة للإرث الثقيل الذي ورثه الصومال من الحروب الأهلية فضلا عن التدخلات الأجنيبة مع الإعتراف بوجود دول وقفت الي جانب الصومال في محنته منها دولا عربية لن ينساها الصّومال.

هناك ثلاثة تحديات أمنية تتطلب بالتعامل معها بجدية وحذر شديدين، ومن الصعب التغلب عليها الا بتوفر ثلاثة عناصر تمثل مفتاحا لتجاوز هذه العقبات.

يمثل التحدي الأول بناء المؤسسات الأمنية من الداخل، مثل اختيار قيادات تتمتع بالنزاهة والوطنية والخبرة لتتولي قيادة هذه المؤسسات لكي تؤدي واجبها بمهنية عالية بعيدا عن القبلية والجهوية، بالاضافة الي توحيد عمل تلك المؤسسات بغية تحويلها الي قوات وطنية تدين بالولاء للوطن، وتوفير افراد تلك الأجهزة لكل مستحقاتها مثل مرتب شهري يمكنهم من اعالة أسرهم لكي يعيشوا في حياة محترمة والذي من شأنه تحفيزهم علي القيام بواجباتهم.

وتتطلب كل هذه المهام اموالا هائلة لتغطية نفقات تلك الاعمال، ونعلم جيدا أن اموال الدولة شحيحة، وستعتمد الحكومة القادمة مثل اخواتها السابقة علي المعونات من الدول الصديقة ولكن إعاده تأهيل المؤسسات المالية أو انشاء اجهزة مالية تديرها شخصيات معروفة بالنزاهة وتحارب الفساد المالي كفيل لحفظ اموال الدولة من ايدي العابثين لتنفق علي المؤسسات الأمنية، لأن سرقة اموال الدولة من قبل شخصيات مقربة من رؤساء الحكومات السابقة وتوظيفهم اموال الدولة لاهداف شخصية وفئوية احد الأسباب التي ادت الي تقاعس تلك الحكومات عن صرف مستحقات افراد المؤسسات الأمنية، وليس عدم توفر الأموال.

التحدي الثاني هو محاربة الجماعات التي تقوم بزعزعة الأمن والاستقرار،خاصة حركة الشباب التي تسيطر علي اجزاء واسعة من جنوب ووسط الصومال وتضيق الخناق علي العاصمة مقديشو-مركز الحكومة،والتعامل مع هذا الملف يتوقف علي اجراء مصالحة حقيقية وشاملة بين القبائل وحل خلافاتهم عن طريق توزيع الثروة والمناصب بصورة عادلة. وقد علمتنا تجارب السنوات السابقة أن حركة الشباب تستثمر الخلافات بين العشائر لصالحها، وقد حدث في بعض الاقاليم ان تحالفت عشائر مع حركة الشباب لتصفية حساباتها مع عشائر اخرى بينهم نزاعات قبلية،لذلك، انهاء الخلافات بين العشائر يسحب من حركة الشباب ورقة مؤثرة لمحاربة القوات الحكومية، ويعطي افراد القوات المسلحة الفرصة المناسبة لوأد شوكتها.

التحدي الثالث هو التنسيق مع القوة الأجنبية في الصومال في الملف الأمني، انتهجت الدول الأجنبية التي تحافط قوات في الصومال خاصة الدول الغربية سياسة عدم الثقة بالحكومة في المجال الأمني ، بل المحت بعضها نيتها بتهميش دور القوات المسلحة الصومالية وتحويل امكانياتها المالية الي قوات الإدارات الإقليمية، ولم تكن تنسق عملياتها في بعض الأحيان مع الحكومة الصومالية، أو تنسق جهودها فقط مع بعض التشكيلات في المؤسسات الأمنية التي تتولي تدربيها، وتمويلها وبالتالي تثق بها، ومثل هذه التصرفات تشكل ضربة لمعنويات افراد المؤسسات الأمنية ويضعف هيبتها ويقوض جهودها لضبط الأمن والتعامل مع حركة الشباب.

وحل هذا الإشكال يحتاج الي حنكة سياسية توازن بين صون هيبة الدولة واستقلالية الوطن والحفاظ علي الصداقة بين الصومال والدول الصديقة التي جاءت الي الصومال للمساعدة علي الوقوف من كبوته، وهو ملف حساس ولكن الطريقة التي عومل بها في السنوات الماضية تحتاج الي تقييم ومراجعة خدمة لمصلحة الشعب والوطن.

حتما هناك اكثر من تحدي يتعلق بالأمن يستوجب الحكومة القادمة التعامل معه ولكن هذه النقاط الثلاثة هي المفتاح لتجاوز التحديات الأمنية التي يواجهها ألرئيس الجديد، وطريق تعاملها معهم تعطي مؤشرا لمدي اخلاصه واخلاص فريفه، وبالتالي مدي قدرته علي الاستجابة بالتوقعات الكبيرة التي ينتظرها الشعب من الرئيس محمد فرماجو.

زر الذهاب إلى الأعلى