المجاعة في الصومال…حجم الكارثة والإحتياجات

 تطلق المنظمات الدولية منذ شهور تحذيرات من احتمال وقوع كارثة مجاعة في منطقة القرن الإفريقي مماثلة لتلك التي شهدتها  عام 2011، وأسفرت عن مصرع نحو ربع مليون شخص في الصومال وحدها.

 وبحسب هذه المنظمات فإن شبح المجاعة بات اليوم يهدد حياة  أكثر من  11 مليون شخص في الصومال وأن الأمر  يتطلب إلي تدخل عاجل لتفادي وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق  تطل برأسها على سكان هذه الدول والصومال على وجه الخصوص إذ تحتاج نسبة 40% من سكانها إلى مساعدات إنسانية عاجلة.abaar1

واللافت أن الاستجابة لمواجهة هذا الخطر  سواء من  الحكومة الصومالية أو المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية ليست على مستوى حجم الكارثة فهي لا تعدو كونها مبادرات محلية غير منظمة تحاول ايصال شحنات بسيطة إلى المدن الكبرى  التي تستقبل أعدادا كبيرة من النازحين رغم قدرتها الاستيعابية المحدودة وامكانياتها الضعيفة، ولم تصل حتى الآن أي مساعدات يذكر  إلي المناطق الأكثر تعرضا للمجاعة، وخاصة التي تقع في الشمال وشمال الشرق، والمناطق الوسطى ومنطقة جنوب غرب البلاد.

حجم الكارثة

ساءت أحوال سكان معظم الاقاليم الصومالية التي ضربتها المجاعة ونفد مالهم ، واصابتهم نكبة وجهد، وباتو  يشوون القراح، فهي باختصار حالة مجاعة خطيرة قد تودي ما لم تصل الى هذه الاقاليم خلال الأيام المقبلة  مساعدات غذائية عاجلة  إلى وفاة عشرات من الأشخاص ولاسيما الأطفال والمسنيين، ونفوق أعداد هائلة من المواشي .

على الرغم من الجهود المحلية التي بذلت خلال الأيام الماضية لإغاثة ضحايا الجفاف  في تلك المناطق الا  أن تلك الجهود لا تتناسب مع حجم الكارثة ولا  تكفي  الا لتخفيف معاناة جزء بسيط  جد في المنكوبين ، فالضحايا الحقيقيون تركوا في “حيص بيص “وأ تى عليهم ذو أتى، تقطعت بهم السبل وهم محاصرون حاليا في القرى  والبوادي والفيافي النائية  ويرون كل ساعة مواشيهم تنفق أمام أعينهم  بسبب الهزال وقلة المراعي أو يخطف الموت أحد أبنائهم بسبب الجوع والعطش.abaaraha

 تزداد أحوال هؤلاء كل يوم سوء  ويتكالب عليهم الجوع والمرض، ولم تحصل حتى الآن  على أي مساعدات غذائية، وباتوا يأكلون مواشيهم المصابة بأمراض معدية لسد رمقهم .  إذا لم تنال يد المحسنيين  لهؤلاء المحتاجين  بصورة عاجلة فسيصعب انقاذهم في قادم الأيام، لأن كل ما لديهم من المدخرات قد نفدت ويكاد يبلغ حالهم لحد أكل أوراق الشجرة والجيف.

خريطة الكارثة تتسع

لا تقصر المجاعة على المناطق الشمالية والشرقية في البلاد، بل ضربت كذلك المناطق الوسطى ، و الاقاليم الزراعية في  جنوب البلاد والتي يمر بها نهري جوبا وشبيلي بسبب نضوب مياه النهرين أو تراجع مستويات مياههما ،وعدم هطول الأمطار الموسمية أو قلة الأمطار التي تساقطت في المواسم الماضية. لم يهطل هناك سوى ربع كمية الأمطار المتوقعة،  وأن موسم الحصاد الرئيسي المقبل لن يكون قبل يوليو، بحسب ما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

نزوح جماعي

وفقا لمنظمة أطباء بلاحدود أدت حالة المجاعة الراهنة في الصومال إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان المناطق المنكوبة إلى دول الجوار وخاصة اثيوبيا وهم يعيشون الآن في  حالة انسانية صعبة وفي معسكرات تفتقر إلى أبسط مقوات الحياة ويعانون من نقص في الغذاء ومياه الشرب والأدوية.abaaraha-680x365_c

 كما نزح آلاف آخرون  في داخل البلاد  وتلك كانت بلية على أخرى أثقلت كاهل سلطات هذه المناطق التي أقامت معسكرات للنزوح على عجل في هرجيسا في الشمال ، وبوصاصو في الشرق، وجالكعيو  في الوسط وجذو في الغرب. تأوي هذه المعسكرات مئات من النازحيين من المناطق الريفية مثل منطقة سناغ التي لم يهطل فيها الأمطار منذ ثلاث سنوات،  وقرى تابعة لمنطقة غلمدغ كغلنسور، وتولو سرمان، وديقلو غذود، وكحنطالي.

وكما ذكر أحد النازحيين لإذاعة صوت أمريكا قسم الصومال تتزايد  حالات الوفاة بين الأطفال في هذه المعسكرات بسبب مرض الاسهال  والأمراض الناتجة عن سوء التغذية.

الصومال بلد رخو  

ومما يعقد الأمور أن الصومال كيان رخو  وهش بفعل الحروب الأهلية ولا يمكن أن يتحمل الكوارث الطبيعية ، فأن  عدد  سكانه يقدر بحوالي 12 مليون نسمة وفقا لتقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي، و يعاني حوالي 82 ٪منهم من سوء الخدمات في مجالات متعددة، ويعيش 73 ٪ منهم على أقل من 2 دولار أمريكي في اليوم الواحد، ومتوسط عُمر الفرد المتوقع في الصومال هو 51 سنة، ويعاني واحد من كل ثمانية أطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، ويوجد في الصومال واحد من أدنى معدلات الالتحاق بالمدارس في العالم،  يمثل الشباب في الصومال (14 إلى 29 سنة) نسبة 42 ٪  من السكان في حين يبلغ معدل البطالة بين الشباب 67 ٪  – وهو أحد أعلى المعدلات في العالم، ويتم تصنيف الصومال كثيرا كواحدة من أسوأ الأماكن التي يمكن أن تعيش فيها المرأة. في عام 2014، جاءت الصومال في أدنى الترتيب العالمي من حيث صحة الأمهات ووفيات الأطفال والتعليم .wadani-qansaxdheere

الاحتياجات  الضرورية

تقع على عاتق الأثرياء والمحسنين في الداخل والخارخ والمنظمات الاقليمية والعالمية وخاصة المنظمات العربية والاسلامية مسؤولية انسانية واخلاقية لإنقاذ هذه الأرواح التي يفتكها  الجوع  ويطاردها شبح الموت وفتح جسر جوي لمساعدتهم قبل فوات الآن ولات حين مناص، لا يمكن ايصال المساعدات إلي المحتاجين برا بسبب الأوضاع الأمنية وقد يستغرق  كذلك وقتا طويلا .

يحتاج ضحايا المجاعة إلى المواد الغذائية الغنية بالبروتينات  والأدوية والملابس الواقية من البرد كما أنهم بحاجة ماسة إلي مياه صالحة للشرب ، فسكان المناطق التي ضربها الجفاف كانوا يعتمدون  أساسا على عائدات مواشيهم  وغلات مزارعهم وهذه الثروات قد أهلكها الجفاف وأصبحت أثرا بعد عين .

قد حان وقت التحرك وأن الوقاية خير من العلاج ولايمكن الانتظار حتى تصل الأمور إلى ما وصلت إليه خلال عام 2011 ، حيث  أودت المجاعة التي ضربت الصومال بين عامي 2010 و 2012 بحياة 260 ألف شخص، أكثر من نصفهم أطفال تحت سن الخامسة، حسب تقرير صادر عن منظمة الغذاء التابعة للأمم المتحدة وشبكة أنظمة الانذار المبكر للمجاعة. Abaaraha-Wadanka

فارق الحياة نتيجة للمجاعة  في ذلك الوقت ما يقدر بـ 4.6 في المئة من مجموع سكان البلاد بالاضافة الى 10 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة في جنوب ووسط الصومال.

لمواجهة حالات المجاعة التي تتسع رقعتها هذه الأيام في الصومال  ينبغي القيام بالخطوات التالية:

أولا: فتح جسر جوي إلي المطارات والموانئ الواقعة في المناطق التى تشهد حالات المجاعة الخطيرة كصومالاند  وبونت لاند، وجالكعيو ، وجنوب غرب الصومال.

ثانيا: تسيير قوافل إغاثية تصل الي المناطق البعيدة التي لا يمكن  الوصول إليها

ثالثا: مشلكة نقص المياه الصالحة للشرب وتفشى الأمراض الناتجة عن سوء التغذية  تعتبر من أكبر الأسباب وراء زيادة حالات الوفاة  بين النازحين وبالتالي ينبغى اعطاء أولوية خاصة لعمليات توزيع الأدوية وحفر الآبار، وإعادة بناء واصلاح شبكات المياه  وتنفيذ عمليات لتوزيع المياه على  النازحين في المخيمات والمناطق المنكوبة.

زر الذهاب إلى الأعلى