العلاقة بين الصومال والولايات المتحدة الأمريكية في عهد  ترامب؟

ازداد اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية للصومال خلال الفترة الثانية من حكم الرئيس باراك أوباما، واعلنت الإدارة الأمريكية اعترافها رسميا بالحكومة الصومالية في فبراير عام 2013، وعينت سفيرا لها في مقديشو عام 2015. وكانت المرة الأولى التي تعترف أمريكا بنظام الحاكم في الصومال، منذ الإطاحة بنظام محمد سياد بري، قبل أكثر من عقدين.

جاء الإعتراف الأمريكي خلال زيارة رسمية قام بها الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود لواشنطن ولقائه مع الرئيس أوباما الذي أكد له مواصلة الولايات المتحدة دعمها والتزامها تجاه الشعب الصومالي وأنها ستكون شريكا للصومال في المستقبل.

هذه الخطوة كانت بمثابة تغير حقيقي في سياسية الولايات المتحدة تجاه الصومال  التي كانت تنتهجها  منذ انسحاب قواتها من الصومال بعد مقتل 18 جنديا أمريكيا في يوم واحد، في مقديشو الثالث من أكتوبر عام  1993،وكان لهذا الانسحاب تداعيات سلبية على العلاقات الصومالية الأمريكية منذ ذلك الوقت، فولت  أمريكا ظهرها للصومال وفوضت مسألة التدخل في الشئون الصومالية إلى حلفائها الإقليميين، إثيوبيا وكينيا وحصرت دورها إدارة الأمور من وراء الكواليس، وتوجيه حلفاها الإقليميين أمنيا وسياسيا.

ثم عاد الاهتمام الامريكي المباشر للصومال بعد ظهور الجماعات الاسلامية المسلحة في الصومال  وفشل جميع محاولات الدول الاقليمية لهزيمة هذه الجماعات، ففي الوهلة الأولى  بدأت الولايات المتحدة تدور الشؤون الصومالية عبر سفارتها في نيروبي، ثم تطور الأمر وعينت مبعوثا لها في الشئون الصومالية، حتى بلغ الأمر  أوجه بعد إجازة دستور جديد لأول مرة بالصومال منذ الحرب الأهلية ، وانتخاب برلمان ورئيس جديد  عام 2012، وتراجع نفوذ حركة الشباب أمام القوات الصومالية والأميصوم وإخلائها كبري مدن البلاد الاستراتيجية.

 لكن الاعتراف الامريكي بنظام الحاكم في مقديشو ورفع مستوى تمثيلها  لدى الصومال لم ينعكس ايجابا على المجالات الاخرى السياسية والأقتصادية والاجتماعية، بل واصلت أمريكا تركيزها على المجال الأمني والعسكرى ومحاربة حركة  الشباب فرع القاعدة في الصومال وبالتالي  بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ورفع شعار أمريكا أولا يبدو أن سياسته تجاه الصومال لن تتغير كثيرا وسيلتزم بسياسات سلفه ازاءها وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الأمني.

وهذا الأمر ينطبق أيضا على الرئيس الصومالي الجديد فرماجو  الذي يحمل الجنسية الأمريكية. تعهد فرماجو خلال حملته الانتخابية بانتهاج سياسة داخلية وخارجية مستقلة بعيدة عن التدخلات الخارجية الا أن الوضع في البلاد يحتم عليه الاستمرار على نهج سلفه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والاحتفاظ على العلاقات الجيدة مع العالم الخارجي سواء على المستوى الاقليمي والدولي.

صحيح كما أن الرؤية الأمريكية تجاه افريقيا غير واضحة فان سياسات ترامت تجاه الصومال غير واضحة أيضا لكن ما يمكن فهمه من خلال ما نشر عن قائمة تساؤلات قدمها فريق ترامب والتي جعلت العديد من الخبراء في وزارة الخارجية الأمريكية، والبنتاجون يشعرون بأن بلادهم سوف تتراجع عن تقديم الدعم الإنساني، والإنمائي في القارة، بينما ستركز في الوقت نفسه إيجاد فرص اقتصادية كبيرة هناك، ومحاربة الإرهاب، هو أن السياسة الأمريكية تجاه الصومال لن تتغير.

 تحدثت الوثيقة عن تنظيم حركة  الشباب وذكرت أن الولات المتحدة كانت تحارب الشباب منذ عشرة أعوام، وتساءلت لماذا لم ننتصر بعد؟ وهذه إشارة إلي أن الرئيس ترامب يهتم بقضايا الأمن في الصومال.

يرى البعض أن الدعم العسكري الذي  تقدمه الولايات المتحدة للصومال سيتراجع بسبب سياسة ترامب  الانعزالية وسياسة النأي عن النزاعات الإفريقية التي يتبعها واجراءاته المعادية للدول الاسلامية وخصوصا الدول السبعة التي منع راياها من الدخول إلى الولايات المتحدة من بينها الصومال. وأن هناك  مخاوف من أن تقوم الإدارة الأميركية الجديدة بإعادة نشر قواتها المتواجدة في القارة، وإعادة النظر في تركيبتها وفي الميزانية المخصصة لها، لكن برأي آخرين لا يمكن للولايات المتحتدة أن تقلص دورها في الصومال   وذلك لسببين مهمين:

الأولى : الحرب في اليمن والاضطرابات في إثيوبيا

يمكن أن تلعب لحرب في اليمن والاضطرابات في إثيوبيا  دورا كبيرا في تنامي الحركات المتطرفة في منطقة شرق افريقيا  وان الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للجيش الصومالي ولقوة بعثة الاتحاد الافريقي ساهم بشكل كبير في تقلص القوة العسكرية لحركة الشباب وسيطرتها على عدد من المناطق الصومالية وبالتالي سيكون خطأ استراتيجيا على المدى الطويل ومكلفة لسياسة الولايات المتحدة في منطقة القرن الافريقي في حال قلصت دورها في الصومال وأوقفت دعمها للجيش الصومالي.

السبب الثاني:  صراعها مع الصين في شرق إفريقيا

يتعاظم النفوذ الصيني في شرق افريقيا وخاصة جيبوتي، وبشكل لافت للنظر، ولاسيما في المجال الإقتصادي والعسكري وسط مخاوف أمريكية من الآثار السلبية لتلك العلاقة على مصالحها الاقتصادية في جيبوتي وشرق أفريقيا عموما، وقد  اعتبر  مسؤولون امريكيون من قبل  التقارب الصيني الجيبوتي، بانه  تهديد لمصالحهم في المنطقة، وخطر يمكن من شأنه أن يوتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بسبب ما يثيره من احتمال احتكاك مع المصالح الأمريكية.

 ولهذا السببين لا بد أن يبقى الاهتمام الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي عموما والصومال على وجه الخصوص  كما كان عليه في عهد سلفه باراك أوباما.

زر الذهاب إلى الأعلى