الدور العربي في الصومال في فترة حكم الرئيس فرماجو

يمثل الصومال عمقا استراتيجيا للدول العربية، الحالة الأمنية والسياسية في الصومال تؤثر وتتأثر سلبا وايجابا على أمن الدول العربية خاصة في الظرف الراهن التي تخوض فيها دول عربية حربا ضروسا ضد الجماعات المتطرفة في اكثر من جبهة على امتداد الوطن العربي.

والصومال رغم امكانياتها المتواضعة شريك استراتيجي للدول العربية في جهودها الرامية الى تأمين المنطقة من الأخطار الجسيمة المحدقة بها، وهي شراكة تحتم على الدول العربية مضاعفة جهودها لمساعدة الصومال على التعافي من الحروب الأهلية التي مزقته ليلعب بدوره المنشود في المحافل الدولية والإقليمية.

و كانت الدول العربية حاضرة بقوة في المشهد الصومالي على الصعيدين السياسي والإغاثي، وبذلت جهود جبارة لاحلال السلام في الصومال طيلة العقود الثلاثة الماضية وانفقت بسخاء لمساعدة المشردين والمتضررين بالجفاف في الصومال، ولكن بدءا من الثامن من شهر فبراير الجاري حدث في الصومال تغيير سياسي يتطلعه الصوماليون من الدول العربية توفير مزيد من الدعم المالي والسياسي للقيادة الجديدة بغية استكمال المشاريع التنموية والسياسية التي بدأتها الحكومات السّابقة.

ومع ان القيادة الجديدة ابدت رغبة كبيرة في العمل باخلاص الا أن  سقف التوقعات من الشعب عال والتحديات أمامها كبيرة، ويدخل الرئيس محمد فرماجو القصر الرئاسي في وقت لم يتقاض موظفو القطاعي الحكومي مرتباتهم في فترة تمتد من ٧ اشهر الى  تسعة شهور،وحركة الشباب تضيق الخناق على العاصمة مقديشو واستولت في اكثر من مرة على مدينة افجوي على بعد ٣٠ كيلو من العاصمة بالاضافة الى أن بعثة حفظ السلام الافريقية تمر بأزمة مالية قد تخفض معنويات جنودها للتصدي لمقاتلي حركة الشباب اثر تقاعس الاتحاد الأوربي عن دفع رواتبهم منذ شهور، خاصة قوات دولة بروندي بعد خلاف سياسي بين دول الاتحاد الأوربي وحكومة بروندي.

هذه العوامل وغيرها تجعل مهمة الرئيس المنتخب محمد فرماجو عصيبة رغم التأييد الشعبي الواسع الذي يحظي به في الداخل ما لم يقف المجمتع الدولي خاصة الدول العربية الشقيقة الى جانبه، والاجواء مهيئة للدول العربية لاستكمال المشاريع التي كانت تنفذها في الصومال، وتنفيذ مشاريع  جديدة لاعادة بناء مؤسسات الدولة.

أولا، الحكومة السابقة عملت ما في وسعها في المجال السياسي، واشرفت على الانتخابات التشريعية غير المباشرة والانتخابات الرئاسية بنجاح الا انها قصرت في مجالات عدة اهمها المجال الأمني رغم الدعم المالي والفني الذي تلقته من اصدقاء الصومال، وهو ما ادى الي تدشين حملات ودعوات تطالب باحداث التغيير على رأس هرم السلطة في البلاد، وهي الحملة التي افرزت القيادة الجديدة. وجاءت القيادة الجديدة لتضع محاربة الفساد المالي والاداري في صدارة سلم أولوياتها، وستعرض في الأسابيع القادمة  بعد تشكيل الحكومة- حسب معلومات من مصادرنا الخاصة- برامج عملية لادارة أموال الدولة سواء من الدول المانحة أو الايرادات من الداخل، هذه التطمينات من القيادة الجديده تبشر بان اي مساعدات من الدول العربية الشقيقة للحكومة الصومالية في ايدي امينة، وسيتم انفاقها على البرامج الخدمية والتي هي المُواطن في امس الحاجة اليها.

ثانيا: التغيير الذي حدث في الثامن من فبراير ازاح عن القصر الرئاسي حكم مجموعة ارادت الاستحواذ على السلطة عن طريق الهيمنة على المؤسسات الحكومية خدمة لمصالحها،تغيير هذا الحكم الفئوي عن طريق صناديق الاقتراع كان مطلبا داخليا بالدرجة الأولى ومع ذلك يمثل فرصة لتبديد شكوك ومخاوف قد تساورها بعض الدول العربية، وتأكدهم ان العلاقة بين الصومال والدول العربيّة راسخة وطيدة ولا يمكن لأي جهة تعكير صفوتها.

البداية مبشرة، وجميع القيادات الحكيمة في الدول العربية هنأت للرئيس محمد عبدالله فرماجو بدءا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأمير دولة الامارات وقطر والكويت، وهي دلالة واضحة على عمق العلاقة بين الدول العربية والصومال والاهتمام الكبير الذي توليها الدول العربيّة، ويتطلع الصومال بمزيد من الاهتمام في الفترة القادمة لمساعدة الحكومة الجديدة على أداء واجباتها.

زر الذهاب إلى الأعلى