إنتخاب محمد فرماجو.. رسالة واحدة لأكثر من جهة

شهدت العاصمة الصومالية مقديشو يوم أمس عرس انتخابي لم تشهد مثيلا له من حيث الحملات الإنتخابية والنتيجة حيث انتخب محمد عبدالله فرماجو بعكس جميع التوقعات رئيسا للصومال في السنوات الأربع القادمة.

لقي انتخابه ترحيبا كبيرا من الشعب في العاصمة والمدن الأخرى لسبب واحد وهو أنه ابدي الإخلاص وبدل جهودا مضنية لحل ازمات الصومال رغم العراقيل اثناء توليه منصب رئيس الوزاء في ٢٠١١م، حيث تم اقالته من منصبه بتدخل مباشر من الخارج، وكان انتخابه يوم أمس انتقاما من التدخلات الأجنبية.

خاض محمد عبدالله فرماجو سباق الإنتخابات الرئاسية السابقة في ٢٠١٢م ولم يحالفه الحظ رغم التأييد الواسع الذي كان يتمتع به من قبل الشعب ولكن في هذه المرة حصل ضعف اصوات اقرب منافس له في الجولة الثانية للأسباب التالية:

أولا: فشل الرئيس السابق حسن شيخ محمود في الوفاء بعهوده، واصبح الفساد المالي والمحسوبية عنوانا لفترة حكمه، ولم ببذل اي جُهود لاعادة بناء المؤسسات الأمنية بل وظفها في الخلافات السياسية لصالحه، وهو ما ذكر الشعب بالمقارنة بين التقدم الكبير الذي احرزه محمد عبدالله فرماجو لاعادة بناء المؤسسات الأمنية وبين اهمال الرئيس السابق لها رغم تفوق الأخير من حيث الفترة الزمنية والأموال التي توفرت له، ليضغط علي النواب لانتخاب فرماجو بناءا علي سجله الإيجابي في مجال الأمن.

ثانيا: جاءت هذه الانتخابات في وقت اعلنت إثيوبيا رسميا وعلي لسان اعلي مسؤول في حكومتها رغبتها في اعادة انتخاب حسن شيخ محمود، وهو تدخل سافر تجاوز كل الأعراف الديبلوماسية، ولم تكتف إثيوبيا عند هذا الحد بل اهانت المؤسسة التشريعية الصومالية بعد ان وصف ديبلوماسيون مقربون من الوزارة الخارجية الإثيوبية اعضاء البرلمان الصومالي بالمتعاطفين مع حركة الشباب.هذه الاستفزازات الإثيويبة وغيرها حركت ضمير اعضاء البرلمان وبضغط من الصوماليين في الداخل والخارج للرد بحزم علي الإستفزازات الإثيوبية.

ثالثا: اعلان إثيوبيا وتدخلها السافر اعاد الي اذهان الشعب الصومالي كيف اجبرهم الأجنبي علي التخلي عن شخص حقق انجازات تمس بحياة المواطن العادي في ايام معددوة، وهو ما ادي الي تدشين حملات في مواقع الواصل الإجتماعي تدعو الي التحدي للاجنبي وانتخاب محمد فرماجو رئيسا للصومال.

رابعا: التركيبة الجديدة للبرلمان الصومالي -رغم العيوب التي رافقت اثناء تشكيله- تختلف عن الفترات السابقة، ويتكون من نواب جدد يتمتعون بمستوي عال من التعليم، وشباب مثقفين لايهتمون بالمال اكثر ما يهمهم باعادة بناء وطنهم، وبالتالي لا يرضخون للضغوط من الخارج وما يحيط بهم من مال ونفوذ، اجري بعض من هؤلاء النواب استشارات مع الشعب في مواقع التواصل الإجتماعي، وصوتوا لصالح محمد فرماجو بناء علي رغبة الشعب.

خامسا: اقوي المنافسين للرئيس الجديد-حسن شيخ محمود- اتخذ قرارا بتحدي الشعب والاستقواء علي الأجنبي، بل كان يتفاخر فريق حملتة بالدعم الاثيوبي، وكانه مقتنع بالتدخل الإثيوبي للشأن الصومالي، وفي المقابل انتهز الفريق الإنتخابي للمرشح محمد فرماجو بقيادة الصحفي فهد ياسين  من سقطات حملة المرشح حسن شيخ واستثمرها لصالح مرشحهم، وكلل بالنجاح بفضل مهنيتهم العالية بالمقارنة مع فريق حسن شيخ محمود الذي اكسب الأعداء لمرشحهم اكثر من التأييد بسبب تحليلاتهم المضللة واستقواءهم علي المؤسسات الأمنية خاصة جهاز المخابرات المعروف ب “نيسا”.

هذه ابرز الأسباب التي ادت الي ترجيح كفة محمد فرماجو أمام منافسه المرشح حسن شيخ محمود، ويعود الفضل لنواب البرلمان الصومالي الذين لبوا نداء الشعب، وبناءا علي رغبتهم انتخبوا الرئيس الصومالي الجديد، وماحدث بالأمس يرسل رسائل مشفرة واخرى واضحة للجهات التالية:

أولا: يرسل رسالة واضحة لأصحاب القرار قي إثيوبيا وكينيا بأن الشعب الصومالي تخطي منطق القبلية البغيضة، ومستعد علي لملمة جراحه، ولن يقبل الإملاءات من الخارج، ويتطلع منهم فقط الي مساعدة انسانية واخوية لاعادة بناء وطنه.

ثانيا: رسالة واضحة للسياسي الصومالي بأن عصر اللعب علي وتر القبلية قد انتهي، وأن الشعب يقيس ويحترم أي سياسي فقط بأداءه ومساهمته، لذلك عليهم ان يكفوا عن توظيف القبلية لاهداف سياسية،وتقديم برامج سياسية قابلة للتطبيق في حال تفكيرهم بالخوض في العملية السياسية.

ثالثا: رسالة مشفرة لإثيوبيا مفادها أن الشعب الصومالي يحترم سيادة وطنكم، ويسعي الي التعاون معكم في المجالات كافة ترسيخا لمبدأ حسن الجوار والتعايش السلمي في المنطقة ولكن لن يقبل منكم زعزعة استقرار بلدهم،و التدخل في شؤونه كما حدث في السنوات الماضية عبر التآمر مع شخصيات صومالية تحركهم اهداف شخصية وقبلية ضيقة.

زر الذهاب إلى الأعلى