حسن شيخ محمود الخيار الأفضل لإثيوبيا….. الأسباب والتداعيات 

ألمح  أحد أهم المراكز  البحثية في إثيوبيا في  تقرير نشره قبل أيام إلى رغبة إثيوبية في إعادة انتخاب الرئيس الحالي حسن شيخ محمود،  لدعم الاستقرار السياسي  في الصومال ومن أجل تفادي تداعيات خطيرة التي قد تترتب في حال انتخاب رئيس  جديد للصومال.

لم يكن تقرير المركز الاثيوبي مفاجئا؛ لأن الأمر كان متوقعا وذلك للأسباب التالية:

أولا: أن الرئيس حسن شيخ حاول خلال السنوات الأربعة الماضية إقامة علاقات قوية مع الحكومة الاثيوبية وعبر دول جارة وعربية، وزار أديس أبابا أكثر من مرة لتعزيز العلاقات بين البلدين. كان الرئيس حسن شيخ محمود أول رئيس صومالي زار منطقة أوغادين وأعلن أمام الملأ  أنها منطقة إثيوبية غير قابلة للنقاش، واعتبر هذه الخطوة  في حينها مؤشرا على متانة العلاقات بين الصومال والحكومة الاثيوبية ومدى توافق رؤية الحكومة الصومالية مع الرؤية الإثيوبية حول عدد من القضايا الاقليمية  حتى أن بعض المعلومات أشارت إلى تطابق موقف الصومال فيما يتعلق بالخلاف بين مصر واثيوبيا  حول سد النهضة مع موقف الحكومة الاثيوبية ما أثار امتعاض الحكومة المصرية.

ثانيا: لا يمكن قراءة دعوة الحكومة الاثيوبية بإعادة انتخاب حسن شيخ محمود بعيدا على التطورات السياسية في  المنطقة والأدوار المتضادة أو على الأقل  المتنافسة بين دول جوار  الصومال ودول اقليمية أخرى على منطقة قرن أفريقيا والدول المطلة على باب مندب، حيث تسعى كل دولة من هذه الدول  إلى دعم نظام سياسي لا يشكل خطرا على مصالحها في الصومال أو على الأقل سياساتها الخارجية تتقاطع مع سياسات  هذه الدول، وبالتالي اصبحت الصومال  طوعا أو كرها جزءا من تحالف اقليمي يضم عددا من الدول الافريقية والعربية.

ثالثا: إثيوبيا خائفة  في حال انتخاب سياسي ينحدر من عشائر دارود من سيناريو  عام 2006  عندما فشلت في قمع التمرد المسلح ضد وجودها في الصومال وتثبيت  حكم الرئيس الاسبق عبد الله يوسف المنحدر من عشيرة دارود،  وانفجار الوضع   الامني في البلاد من جديد اعتقادا منها أن رئيس ينتمي إلى عشيرة هوية يمثل  في هذه المرحلة صمام أمان لمصالحها في الصومال.لا يعني ذلك أنها صديقة مع هذه العشيرة أو تلك لكنها تخاف من   أن تحمل عشيرة  هوية مرة ثانية لواء مقاومة مسلحة ضد إثيوبيا في حال انتخاب رئيس لا ينتمي إليها . هذا الاعتقاد يجانب الصواب لأن الوضع لم يعد  كما كان عليه  الحال خلال عام 2006  وجرت في النهر مياه كثيرة. وللحيلولة دون هذه “الثورة” تضع الحكومة الإثيوبية كل ثقلها على إعادة انتخاب الرئيس الحالي حسن شيخ محمود ولا ترى حاليا أي بديل عن النظام الحالي.

 رابعا:  تعتقد الحكومة الاثيوبية أن التيارات الاسلامية المعتدلة ولا سيما الإخوانية منها التي تحكم البلاد في هذه المرحلة   تشكل غطاء مهما وفرصة لمواجهة الجماعات المتمردة المسلحة والتيارات القومة المعارضة لتواجد القوى الأجنبية ولا سيما الاثيوبية في الصومال . وأنها تأكدت خلال السنوات الماضية أن التيار الحاكم رغم ايديولوجيته الاسلامية، تيار برغماتي لا يحمل أفكار متشددة ويمكن التعامل معه، بل إنه تيار مناسب لقيادة الصومال في هذه المرحلة .

على الرغم من التواجد العسكري الإثيوبي في الصومال ودورها القوي في العملية السياسية الصومالية الا أن دعمها للنظام الحالي له تدعيات  على مستقبل الصومال سواء على المستوى السياسي أو الأمني، ويقوي مواقف التيارات القومية الرافضة للتدخلات الأجنبية في الصومال.  كما أن له أثره السيئ على علاقات الصومال مع دول اقليمية اخرى لها مصالحها أيضا في  منطقة القرن الافريقي.

بالإضافة إلى ذلك  لا  ينتج عن علاقات الصومال مع إيثوبيا  نتائج مربحة لكل الأطراف التي تتمثل في ألعاب المجموع الإيجابي؛ حيث يحقق كل أطرافها الحد الأقصى من المكاسب وذلك من  حلال التعاون  المشترك سعيا وراء تحقيق أهداف مشتركة ، وانما الرابح سيكون طرف واحد وهو الطرف الإثيوبي الذي يحقق انتصارات مادية ومعنوية  لا يتسع المجال لذكرها هنا ، ودعوته إلى إعادة انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود ما هي  الا وسيلة  الاقناع المخادع لتحقيق أهداف سياساتها الخارجية. أما الطرف الثاني طرف ضعيف لا يسمح له وضعه السياسي والاقتصادي والعسكري ممارسة  قواعد اللعبة في العلاقات الدولية بشكل جيد.

في ضوء مبادئ قواعد اللعبة في العلاقات الدولية تختلف الدول  كثيرا  في قدرتها ورغبتها في ممارسة لعبة العلاقات الدولية ويعود ذلك  الى طبيعة الدول وإمكانياتها المؤسساتية تختلف من دولة لأخرى بشكل ملحوظ ، وأن هناك ثلاثة أنواع  من الدول في النظام الدولي المعاصر  وهي دول  ما قبل الحداثة أى الدولة الهشة أو الضعيفة وهي تلك الدول العاجزة عن الحفاظ على النظام الداخلي  والوفاء بالالتزامات الدولية الملقاة على عاتق الدول ذات السيادة ، والدول الحديثة  التي تعتمد على السيادة والمبادرات القومية للحفاظ على نظامها الداخلي والوفاء بالالتزامات الدولية  من خلال مؤسساتها القانوينية والسياسية المتقدمة  ودول ما بعد الحداثة  التي تعتمد على مؤسساتها الدولية لدعم المصالح القومية والدولية، وبالتالي فالصومال تعد ضمن دول  ما قبل الحداثة وأنها ليست قادرة على المشاركة في اللعبة الدولية وأنها تفتقر إلى الوسائل الثلاثة التي تنتهجها الدول لتحقيق أهداف سياساتها الخارجية،  المفاوضات ، والتهديدات، واستخدام القوة العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى