إدارة جلمدغ إلى أين .؟

 تشهد مدينة عدادو العاصمة المؤقته لإدارة جلمدغ وسط الصومال حالة استنفار أمني غير مسبوقة،  وأجراءات أمنية مشددة  استعدادا لمواجهة التحركات الجارية لعزل رئيس الإدارة عبد الكريم جوليد، وتحسبا لمنع انتخاب رئيس جديد بعد إعلان عدد  من النواب سحب الثقة عن عبد الكريم جوليد الذي كان يحكم الاقليم منذ يوليو عام ٢٠١٥.

وبحسب مصادر صحفية نشر عبد الكريم جوليد رئيس إدارة جلمدغ قوات من الشرطة، والمخابرات، والجيش على الشوارع الرئيسية للمدينة وخصوصا الطرق المؤية إلى الفنادق التي يسكنها النواب والمكان الذي يفترض أن يعقد جلسة برلمانية استثنائية لإنتخاب رئيس جديد للإدارة، مؤكدة وجود مخاوف من قوع اشتباكات مسلحة بين القوات الأمنية الموالية لجوليد وحرس النواب.

جذور الأزمة

أعلن النائب الأول لرئيس برلمان إقليم جلمدغ ، حريد علي، اليوم الثلاثاء الماضي العاشر من يناير كانون الثاني الجاري، سحب الثقة من رئيس الإقليم  عبد الكريم جوليد، بسبب فشله في تحقيق المصالحة بين قبائل المنطقة، وخرقه بنودا دستورية، حسب تعبيره.

ونوه حريد، في تصريح للقسم الصومالي بإذاعة صوت أمريكا، أن جلسة نقاش انعقدت في مدينة عدادو، بمشاركة 54 من  أصل 89 من نواب الإقليم، صوتوا جميعا لسحب الثقة عن جوليد الذي يتولى رئاسة الإقليم منذ نحو عامين.

الا أن جوليد رفض قرار البرلمان ووصفه بغير شرعي وغير دستوري، نافيا جميع التهم الموجة له، ومتهما في الوقت ذاته جهات خارجية بالوقوف وراء محاولات عزله لزعزعة استقرار الاقليم.

يرى البعض أن الأزمة السياسية في جلمدغ وإعلان إقالة عبد الكريم  جوليد لها علاقة بالانتخابات التشريعية التي جرت في البلاد نهاية العام الماضي والانتخابات الرئاسية المتوقع اجراؤها في شهر فبراير المقبل وأن هناك جهات عدة داخلية وخارجية تسعي إلى ممارسة مزيد من الضغط على الرئيس حسن شيخ محمود، ومنع عبد الكريم جوليد من التفرغ لدعم إعادة انتخابه.

قلق دولي  

أعرب المجتمع الدولي عن قلقه  الشديد ازاء التطورات في اقليم جلمدغ  ودعا إلى جميع الأطراف بالتحلي بضبط النفس وتجنب استعمال العنف، ووضع مصلحة البلاد والاقليم فوق كل الاعتبارات.

وأكد ممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الافريقي، ومنظمة الايقاد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة،، وايطاليا والسويد وإثيوبيا  على قلقهم العميق ازاء الخلاف السياسي بين الرئيس عبد الكريم جوليد  وأعضاء  من برلمان جلمدغ، مشيرين إلى أن هذا الخلاف قد يكون مزعزعا لاستقرار  الاقليم.

ودعا الشركاء الدولين في الصومال جميع أصحاب المصلحة في اقليم جلمدغ، ولا سيما أعضاء البرلمان المعارضين والرئيس عبد الكريم جوليد، لحل القضايا الأساسية من خلال الحوار والامتناع عن اللجوء إلى أي عمل من شأنه أن يزعزع الأمن والاستقرار.

كما شدد الشركاء الدولين على ضرورة التركيز الآن على ترسيخ  وتأكيد نتائج العمليات الانتخابية وبناء الدولة وبذل كل جهد ممكن لتجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض التقدم الذي تحقق في البلاد.

مستقبل الإدارة 

تواجه  إدارة اقليم جلمدغ في هذه المرة  مرحلة مفصلية  تتطلب إلى ضبط النفس، والاحتكام إلي العقل وانهاء الخلافات بشكل سلمي تبعد المنطقة من شبح صراعات دموية تخيم حاليا على سمائها وأن المسؤولية الكبرى لايجاد مخرج من المأزق الحالي عبر حل سلمي ودون اللجوء إلى قرارات متسرعة لا تخدم لمصلحة الاقليم تقع على  عاتق نواب البرلمان المعارضين لعبد الكريم غوليد.

لكن يبدو  أن الطريق نحو حل توافقي أمر صعب ، وذلك بسبب  وجود  اشكاليات قانونية تحتاج الى حل قانوني، فهناك قرار صادر من عدد كبير من نواب البرلمان يسحب الثقة من رئيس الإدارة في حين وصف الرئيس عبد الكريم جوليد هذا القرار بغير دستوري بسبب غياب رئيس البرلمان  من الجلسة وعقدها بدون علمه، وفي ضوء التطورات على الأرض فهو غير مستعد بالتنازل وترك السلطة طواعية وبالتالي نهاية القضية غير واضحة، وتثير عددا من التساؤلات.

فهل يمضي الرئيس عبد الكريم قدما في حل المشكلة بالطرق الأمنية  بعد أن  أعلن فرض حالة الطورائ على كافة مناطق إدارة جلمدغ أم سينجح في اقناع  النواب الذي صوتوا لصالح سحب الثقة عنه بشكل سلمي ؟

وهل  ستقبل الأطراف السياسية  المتنازعة على الحلول التي ستطرحها شيوخ العشائر  لحل المشكلة وبالتأكيد هذه الحلول ستكون لصالح جوليد؟

وما ذا سيكون دور الحكومة الأتحادية والإدارات الأخرى وخصوصا أن الانتخابات الرئاسية على الأبواب ؟

وهل سيتدخل المجتمع الدولي لحل المشكلة كما تدخل في النزاع بين إدارة جلمدغ وبونت لاند ؟

نظرا  للظروف الراهنة في البلاد يبدوا أن الحل الأسهل والأقرب إلى الواقع رغم وجود عقبات قانوينة ايجاد حل توافقي تجمع الطرفين ويسمح لعبد الكريم جوليد بالاستمرار في منصبه لانقاذ الاقليم من الإنزالاق إلى  العنف وعدم الاستقرار  السياسي .

زر الذهاب إلى الأعلى