جودة التعليم في الصومال بين الواقع والمأمول

التعليم في الصومال مسيرة لم توقفها الحروب، ولم يشهد في تاريخ الصومال غيابا للتعليم، وبعد مدة محدودة من سقوط الحكومة المركزية عام ١٩٩١ وبعد انهيار المنظمات الخدمية ومن ضمنها وزارة التربية والتعليم افتتحت كثير من المدارس الأهلية بجهود وبمبادرة من بعض المثقفين وممن كاموا يعملون مجال التعليم، لئلا تتوقف الرسالة التعليمية التي تعد أهم أدوات نشر الفكر والمعرفة.

وفي أواخر التسعينات أسست رابطة التعليم النظام الأهلي (FBENS) لتتبوأ منزلة وزارة التعليم ولتواصل عملها بشكل مستمر.

و (FBENS) رابطة تعليمية وﻋﻀﻮ ﻧﺸﻂ ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﻭﻣﻌﺘﺮﻑ ﻣﺤﻠﻴﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺭﺍﺋﺪﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸؤوﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ جهودها ﻓﻲ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﺔ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻨﺬ اﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ.

. لكن اذا نظرنا من حيث الجودة التعليمية ينقصنا الكثير من الملتتزمات لايجاد تعليم متطور وﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ﻫﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻗﺼﺪ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻣﺆﻫﻼﺗﻬﻢ ﻭ ﻗﺪﺭﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺇﺑﺪﺍﻋﻲ لتحقيق ﺍﻟﺘﺤﺴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﻤﺆسسات التعليمية. ﻭﺗﺸﻴﺮ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻭ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻳﻬﺪﻑ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍلمنتج ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ، ﻭﺗﺸﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍلمنتج ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﻣﻊ ﺗﻮﻓﺮ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﺘﺎتج ﻣﺮﺿﻴﺔ

. ولذلك فان تحقق جودة التعليم له متطلبات ذا أهمية عميقة.، من الواجب ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺗﺼﻮﺭ ﻭﺍﺿﺢ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﻳﺪﻩ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺗﺼﻮﺭ ﻋﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ؛ ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻦ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺟﻴﻞ ﻣﺰﻭﺩ ﺑﺤﺪ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻣﺆﻫﻠﺔ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺗﺨﺼﺼﻲ ﻣﺎ . ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺯﻣﺎﻧﻴﺔ ﻳﺠﺘﺎﺯﻫﺎ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ سلما ﻳﺆﺩﻱ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍلسلم. و ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ يستوجب الكثير من الأهمية والتوازن التعليمي ونظام موحد.

ومن الاشياء التي انخفضت بسببها جودة التعليم كثرة الموسسات التعليمية وخاصة التعليم العالي حيث أصبح المعيار عندهم مقاييس لا تتناسب مع تعليم متطور، وأصبحت الجامعات أماكن أستثمار بغض النظر عن العواقب الغير محمودة التي تنتجها، وباستمرار هذه الظاهرة تؤدي الى تخلف تعليمي مؤبد. والجدير بالذكر أيضا أن التدريس أصبح مصدر كسب رزق لكثير ممن صاروا عاطلي العمل عن تخصصاتهم بسب البطالة.

فالتدريس ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ؛ ﻓﻠﻴﺴﺖ المهنة التعليمية ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﻣﺠﺮﺩ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﻭلكن ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺼﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ المؤهل الجامعي ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ‏ ﺩﺭﺟﺔ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ‏ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻓﺴﻨﺠﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺪﺕ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ، ﻭﻧﺎﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﻬﺎ ولم يعد لها هذا التأثير الملموس، ﺣﺘﻰ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﺍﻟﺤﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎﺑﻞ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻘﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺿﺎﺋﻌﻴﻦ ﻭﺳﻂ ﻛﺜﺮﺓ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ الشهادات الجامعية ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ. ومن الأشياء التي تخفض جودة التعليم: التساهل بمراقبة الامتحانات وتفشي ظاهرة الغش الذي يعد من أخطر المشاكل التي يزلزل عرش المسرح التعليمي. علاوة على ذلك أصبح التعليم نظاما يلقن الطلاب المواد المقررة فقط ليجتازوا الامتحان وليحصلوا درجات تؤهلهه الى الالتحاق بالجامعات.

وذكر في دراسة قام بها معهد هيرتيج (التحديات التى تواجه التعليم في الصومال ما بعد الحكومة الانتقالية-دراسة حالة في مقديشو) بأن غياب سياسة تعليمية لدي الحكومة الصومالية أدت إلى تشتت اللغات المدروسة في المؤسسات التعليمية، وأصبح الطالب يعاني بمناهج متعددة تعتمد باللغات الأجنبية، مما انعكست سلبًا في كثير من خريجي تلك المؤسسات، ولكي نتجاوز تلك المشكلة وبقية التحديات التي ذكرناها في المقال يجب تدشين منهج دراسي موحد على مستوى الصومال، وان تلعب الحكومة الصومالية دورا رياديا في اشراف المؤسسات التعليمية وتقيم مدخلات المؤسسات التعليمية ومخرجاتها.

وكذلك من ضروري إعادة مكانة المعلم في المجتمع التي ضاعت بسبب غياب مراعاته من قبل الحكومة الصومالية والحروب الأهلية التي وامتدت قرابة عقدين من الزمن، ونعلم ان الدول المتقدمة في العالم حالياَ بلغت في تلك المكانة بسبب تقديم امتيازات عالية للمعلمييهم، حيث انعكست ذلك إيجابا بجودة مخرجات مؤسساتهم التعليمية، لأجل ذلك يجب تقديم المعلم الصوماليّ امتيازات وحصانة تضاهي كمثل الحصانة السياسيين إن أردنا ان نتقدم في القطاع التعليمي، ومن الضروري فتح معاهد مخصصة لرفع كفاءة المدرسين في كآفة ولايات الصومال.

نعيمة حسن حسين

خريجة الجامعة الإسلامية بمقديشو، وأستاذة في مؤسسة الإمام الشافعي.
زر الذهاب إلى الأعلى