المرشح الرئاسي عبد القادر عسبلي… رجل المرحلة لقيادة الصومال

مقدمة

بدأ العدّ التنازلي للإنتخابات الرئاسية الصومالية بعد أن أسدل الستار على الفصل الاول من العملية الانتخابية، انتخابات أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ للبرلمان الفدرالي رغم وجود عراقيل سياسية واخرى فنية قد تحول دون الاجراء في موعدها المحدد أبرزها ،الجدل القائم علي٢٤ مقعدا للبرلمان اعلنتها لجنة الإنتخابات ببطلانها بسبب التزوير والاحتيال، وارتباط معظم الشخصيات التي فازت تلك المقاعد مع رؤساء الولايات ورئاسة الجمهورية ما يجعل حلها مرهونا بتفاهمات بين قيادات المنتدي التشاور الوطني.

ويري كثير من المحللين حتي وان تم حسم هذا الخلاف في غضون أيام، من الصعب جدا اكتمال جميع الاجراءات المتبقية من الانتخابات الرئاسية من انعقاد للجلسات الاولي للبرلمان، وانتخاب رئيس البرلمان قبل الثامن والعشرون من ديسمبر الجاري، وتحتاج الي فترة زمنية ربما قد تصل الي شهر ينايرالقادم.

وسط هذاالمشهد الضبابي المشحون بمزيج من التفائل والتشائم، تجري حملات المرشحين علي قدم وساق في عواصم الولايات والعاصمة مقديشو مهبط وحي الانتخابات، وقد ترشح للإنتخابات الرئاسية حتي اللحظة الى ما يقارب بعشرين مرشحا ولكن المنافسة الشديدة ستنحصر بين ثلاثة الي خمسة مرشحين اقوياء يتمتعون بتأييد كبير في داخل قبة البرلمان الجديد.

ومن بين هؤلاء المرشحين النائب عبدالقادر عسبلي، وهو مرشح صعب المراس يحسب الفريق الإنتخابي للرئيس حسن شيخ محمود الف حساب، وهو من المرشحين القلائل المتوقع وصولهم إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بسهولة، ويجري هذه الأيام لقاءات جماهيرية وحوارات مع وسائل الإعلام لشرح برامجه الإنتخابي، وهو ما يميزه عن باقي المرشحين.

من هو عبدالقادر عسبلي؟
من مواليد اقليم شبيلي الوسطي، تلقي تعليمة الثانوي في مقديشو، حيث تخرج من مدرسة هولواج الثانوية سنة ١٩٨٢م، ثم حصل علي البكالوريوس من جامعة الازهر عام ١٩٨٩م.وعمل مديرا عاما لميناء علمعان الواقعة شمال مقدشو في الفترة ما بين عامي ٢٠٠٢-٢٠٠٦م.

البرامج الإنتخابي للمرشح عبدالقادر عسبلي
في جعبة المرشح عبد القادر عسبلي برنامج إنتخابي واضح من حيث المضمون والمدة الزمنية، و يركز علي نقاط مهمة يري أنها ضرورية للإنتقال من الوضع المأساوي الحالي حيث اصبحت التفجيرات الإنتحارية والفساد المالي والإداري عنوانا للصومال الي مرحلة يسوده الأمن والاستقرار والحكم الرشيد.
ومن أهم نقاط البرامج الإنتخابي للمرشح عبدالقادر عسبلي:

1. محاربة الفساد المالي والإداري
يحتل الصومال المرتبة الأولي في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم في تصنيف منظمة الشفافية العالمية، وأن أحد العوامل التي ادت الي تفشي ظاهرة الفساد هو الارث الذي تركه المستعمر الأجنبي في مؤسسات الدولة اثناء فترة الاستعمار، الى جانب عوامل أخرى داخلية نتجت عن دأب السياسيين الصوماليين باتخاذ مؤسسات الدولة مصدرا للثراء لهم ولاقاربهم بدلا من خدمة الشعب.

ولكن منذ وصول الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود وفريقة الي سدة الحكم زادت معدلات الفساد المالي الي مستويات قياسية، وطالت الاموال التي ساعدتها الدول المانحة للحكومة، وشخصيات مقربة من رئاسة الجمهورية متهمة بسرقة تلك الاموال حيث اصبح بعض التجار الذين لهم صلات مع رئاسة الجمهورية اثرياء يشار لهم بالبنان في العاصمة مقديشو في فترة زمنية وجيزة.

جاء في شهادة المحافظ الأسبق للبنك المركزي يسرى أبرار أنها اضطرت بالاستقالة من منصبها بعد أن مارستها رئاسة الجمهورية ضغوطا وصلت الي التهديد بالقتل لتوافق علي عقود مشبوهة كان هدفها سرقة أموال الدولة، ولم يقتصر الفساد المالي علي نهب المعونات من الدول المانحة بل تم سرقة اموال الضرائب من الداخل مثل ايرادات ميناء مقديشو والمطار الدوليين، حسب شهادة احد المسؤولين السابقين في وزارة المالية.

وتلك الاموال القليلة التي اخذت طريقها الي خزينة الدولة في البنك المركزي لم تسلم من النهب بسبب تواطء المسؤولين الحكومين مع الفاسدين، ومنها نصف مليون دولار سرقها أحد الموظفين في البنك المركزي من خزينة الدولة، ولم تفتح الحكومة تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادثة، ناهيك عن أن تصدر مذكرة لالقاء القبض علي المتهمين او محاكمتهم..

المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي هو الشخص الامثل لقيادة الصومال ليحارب هذا الفساد الذي ينهش جسم الدولة الصومالية لأنه رجل اعمال ثري، وهو غني عن اموال الدولة ولا يطمح المنصب الرئاسي لملء جيوبه أو سرقة اموال الدولة، بل الفساد المالي الذي تمارسه الحكومة الحالية هو الذي حرك ضميره، وشجعه علي الترشح للإنتخابات لكي يضع حدا له، ويحارب الفساد والفاسدين بصلابة وحزم لينفق اموال الدولة علي المشاريع الخدمية، وسيرته الذاتية تشهد له بالنزاهة والإخلاص للعمل.
وفقا للبرامج الإنتخابي للمرشح عبدالقادر عسبلي، فهو يعتزم محاربة الفساد المالي والإداري بالوسائل التالية:

  • ايجاد منظومة لمحاربة الفساد والمحسوبية بكل اشكالها والونها، لها مكوناتها التشريعية والرقابية والقضائية، مع تشكيل آليات الرقابة الشعبية على الاداء الحكومي لضمان النزاهة والشفافية بأعلى مستوياتها.
  •  تمكين المواطنين من المشاركة في العمل السياسي باختلاف مستوياته، توسيعا لدائرة المشاركة وكسرا لاحتكار النخب السياسية لمصادر الدخل.
  • اصلاح النظام المصرفي بما يضمن قيامه بدوره في دعم الإقتصاد الوطني بمختلف مستوياته وضمان وتوطيد استقلالية البنك المركزي.
  • توزيع عادل للثرة يضمن تقليص الفوراق الإجتماعية، وخلق فرص العمل للمواطنيين.

2- اعادة هيكلة أجهزة الشرطة والجيش
في مقابلة مع قناة القناة شدد المرشح عبدالقادر عوسبلي علي أن الأمن يقع في صدارة برنامجه الإنتخابي،وابدي نيته باعادة هيكلة مؤسستي الشرطة والجيش في حال فوزه بالانتخابات لغرس العقيدة الوطنية في صفوف منتسبها ولكي يكونا اجهزة وطنية تتولي مهمامها الأمنية بعيدا عن التجاذبات السياسية.

وللاجهزة الأمنية رجال ونساء افذاذ يقومون بمهامهم بمهنية عالية، وتمتعون بالخبرات الإدارية والقتالية للتعامل مع التهديدات الأمنية ولكن رئاسة الجمهورية هي التي تعيق أعمال تلك الاجهزة اما بتمكينها شخصيات تدين بالولاء لها رئاسة تلك الاجهزة بغرض توظيف الاجهزة الأمنية ووسائلها المالية والادارية لاهداف سياسية.

واما بانشغال افراد الاجهزة الأمنية بعمل سياسي يقع في خارج اطار مهامها القانونية مثل قمع المعارضة السياسية،ورصد تحركاتهم، وتضييق الخناق بهم بدلا من تتبع تحركات العصابات الاجرامية ومحاربة الجماعات المتطرفة التي تقوم بزعزعة الأمن.تسيس المؤسسات الأمنية واقحامها في الخلافات السياسية من قبل رئاسة الجمهورية تجلت احدى صورها الفجة في خطاب القاه القائد العام لقوات الشرطة الجنرال محمد شيخ حامد باحتفالات يوم الشرطة في ٢١/١٢/٢٠١٦م حيث طمأن رئيس الجمهورية بحصول اصوات ثلاثة من منتسبي الشرطة في الغرفتي السفلي والعليا للبرلمان في الانتخابات الرئاسية المقبلة وهم: عبدي قيبديد،وشريف شيخنا ومحمد دييشي.

تحويل حفل وطني لاحياء سيرة القيادات التاريخية لجهاز الشرطة وتضحياتهم الي منصة للترويخ لمرشح رئاسي دون غيره تدل علي المستوي الخطير الذي وصلته تسيس المؤسسات الأمنية، وكيف تحولت الي وسيلة في ايدى رئاسة الجمهورية تحركها كيفما تشاء لترسيخ حكم مجموعة معينة بدلا من الوقوف علي مسافة واحدة من جميع المرشحين.

المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي لا ينتمي الي تيار ديني أو سياسي معين يريده استحواذ السلطة في الصومال مثل المجموعة الحاكمة اليوم، ومعياره الوحيد لاختيار قيادات جهازي الشرطة والجيش هو الكفاءة والخبرة والاخلاص للعمل، ويسعي الي اصلاح المؤسسات الأمنية بالطرق التالية:

  • تطهير الجيش والمؤسسات الأمنية من العناصر الفاسدة من المليشيات القبلية الموالية لأمراء الحرب السابقيين.
  • تغيير العقيدة العسكرية للجيش، ذلك بتدعيم الولاء للمواطن والوطن بدلا من الولاء والانتماء للنظام السياسي الحاكم.
  •  رفع كفاءة وقوة وقدرة الجيش ليتمكن من الحماية على المصالح القومية على المستويات المحلية والاقليمية والدولية،ويطلع بمسؤليات حفظ الأمن بعد انسحاب بعثة الإتحاد الأفريقي لحفظ السلام من البلاد في منتصف عام٢٠١٨م.
  • تغير النظام المتبع في ترقية الضباط وضباط الصف والجنود في الشرطة والجيش بما يتوافق مع سياسة الترقية المتبعة دوليا.
  •  الإعتماد على سياسة قومية شاملة في محاربة الأرهاب والتطرف على مستوى الجمهورية، واحتوء الافكار المنحرفة، ونشر الوسطية والاعتدال في ربوع البلاد، واعادة تاهيل المليشات العائدة من صفوف حركة الشباب، وفتح مراكز فكرية تعمل على معالجة التطرف والارهاب عن طريق الحوار والحجة والاقناع.

حظوظه في الفوز
1. خبرته وعلاقاته الواسعة
يتمتع النائب عبدالقادر عسبلي بشبكة واسعة من العلاقات في الداخل والخارج، وكان عضوا في البرلمان الصومالي لمدة سبع سنوات اكتسب خلالها خبرة كبيرة في مجال العمل التشريعي، نشاطاته في اروقة البرلمان كجهاز رقابي خلال هذه المدة اعطته فرصة كبيرة للتعرف عن قرب مكان الخلل في الجهاز التنفيذي والأخطاء الجسيمة التي تقع فيها رئاسة الجمهورية.

ومع أن النائب عبدالقادر عسبلي وزملائه البرلمانيين بذلوا جهودا جبارة لتصحيح تلك الأخطاء الا ان نصائحهم لم تجد آذانا صاغية من قبل الحكومة، خاصة رئاسة الجمهورية المعروف بوضعها دائما المصالح الشخصية والفئوية فوق المصالح الوطنية، وهو ماارغم النائب عبدالقادر وزملاء آخرين له بتعبئة اعضاء البرلمان للضغط علي الحكومة لتغير سياساتها نصرة للمواطنين، ومن هنا برز تأثيره، وقد نجح في اقناع زملائه البرلمانيين بتقديم مشروع لسحب الثقة كاد أن يسقط الرئيس حسن محمود لولا تدخل جهات عدة انقذت الأخير من سقوط حتمي،ولم تكن له مصلحة شخصية من وراء ذلك بل كان هدفه فقط اداء مهامه البرلمانية وتحمل الأمانة الملقاة علي عاتقه، وهي رقابة الجهاز التنفيذي.

وكذلك عضويته في الشعبة الخارجية للبرلمان مكنته من خلق شبكة من العلاقات الدولية من خلال لقاءاته مع المسؤولين في دول العالم وحديثه معهم عن العلاقات الصومالية مع تلك الدول، وهو مستعد اليوم بتسخير تلك العلاقة في خدمة الصومال.
2- كونه إسلامي لا ينتمي الي التيارات العابرة للقارات 

المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي ينتمي الي المدرسة السلفية المعتدلة، وهي مدرسة  ذاع صيتها في غرس الاخلاق الحميدة في نفوس اتباعها مثل الأمانة والنزاهة، وهي صفات يحتاج اليها الصومال لمن يتمتع بها خاصة في مجال السياسة بسبب انتشار الفساد واختلاس الاموال العامة فيه. شخصية مثل المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي الذي يحمل جينات المدرسة السلفية المعتدلة هو الانسب لادارة شؤون الدولة لان تربيته السلفية عامل مساعد يمنعه من الاعتداء علي حقوق المواطنين واموال الشعب.

ويشهد التاريخ في فترة ما بعد الحروب الاهلية ان الصفات الحميدة للمتدين الصومالي لعبت دورا كبيرا في خلق بيئة مناسبة للتجارة ونقل الاموال في وقت كانت المناطق الصومالية مقسمة الي كرتونات قبلية يحكمها امراء حرب يعيثون في الارض فسادا، والصومال اليوم في امس الحاجة الي شخص قوي وأمين مثل المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي.

قربه أو انتمائه الي المدرسة السلفية المعتدلة يلعب دورا مهما في نجاحه نظرا للعامل الخارجي، فقد جرت العادة في دوائر صنع القرار الغربية تقديم الإسلاميين الي الصفوف الأمامية لقيادة الصومال كهدف مرحلي لسحب البساط من تحت اقدام التيارات المتشددة، وقد تم تجربة شخصيات منتمية الي التيارات الإسلامية الاخرى مثل شريف شيخ أحمد وحسن شيخ محمود ولكن الظروف الحالية في العالم الاسلامي خاصة في فترة ما بعد الربيع العربي حيث تتوجس بعض الدول التيارات الإسلامية العابرة للقارات مثل التيار الإخواني يجعل حظوظ عبدالقادر عسبلي برئاسة الصومال كبيرة جدا.

3. مرشح المرشحين
نظرا للرغبة الشعبية المطالبة بالتغيير بعد فشل الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود وفريقه في تنفيذ الوعود التي قطعها في الإنتخابات الماضية، فقد التقي المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي قبل أيام في احد فنادق مقديشو مع مرشحي المعارضة بهدف التعارف وتبادل الآراء، وتضافر الجهود لاجل احداث التغيير في رئاسة الصومال، وجرت تفاهمات مبدئية للتوحد.

وهذا التفاهم الضمني أو المتوقع للمرشحين المعارضين للتنازل لاي واحد منهم يصل في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية يجعل المرشح عبدالقادر عسبلي مرشح قوي المطالبة بالتغيير، وهي من العوامل التي تقوي حظوظ فوزه بكرسي الرئاسة.

الخاتمة
جميع القوي السياسية الصومالية متفقة علي اجراء الإنتخابات الرئاسية بالحد الاقصي في الشهرين الأولي من السنة الجديدة ٢٠١٧م، وتعتبر خطوة مهمة لاستقرار البلد،وانجاح الجهود الداخلية والخارجية الرامية الي اعادة بناء الصومال ليتعافي من الحروب الاهلية، وقد ترشح الي الانتخابات الرئاسية عدد كبير من المرشحين ومن بينهم المرشح عبدالقادر عسبلي ويرتكز برامجه الانتخابي علي محاربة الفساد واعادة هيكلة الاجهزة الامنية لجعلها اجهزة وطنية لا تتبع جهة سياسية معينة، وتؤدي مهامها الوطنية بمهنية واقتدار.

ويري بعض الخبراء في الشأن الصومالي أن المرشح عبدالقادر عسبلي هو الرئيس القادم للصومال بناءا علي عدة نقاط اهمها علاقته الداخلية الواسعة، وانتماءه الي التيار السلفي المعتدل غير التيارات الإسلامية المرتبطة عضويا مع تيارات اخرى في العالم الإسلامي تحاربها عدة دول إسلامية وعربية،اضف الي ذلك كونه رجل اعمال لايطمح كرسي الرئاسة لاجل جمع المال، هذه العوامل وغيرها تجعل المرشح الرئاسي عبدالقادر عسبلي شخصا مرحب به في الداخل ودوائر صنع القرار في الدول المهتمة بالشأن الصومالي.

محمد إبراهيم عبدي

كاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى