القرار السعودي بمنع استيراد الماشية من الصومال… الأسباب والآثار

أعلنت الحكومة الصومالية، يوم الجمعة الماضية عن منع المملكة العربية السعودية من استيراد الماشية من الصومال. جاء ذلك في مقابلة أجرت إذاعة صوت أمريكا قسم الصومال مع وزير الثروة الحيوانية الصومالية سعيد حسين عيد.

ذكر الوزير حصول وزارته على خطاب رسمي من وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية حول حظر مؤقت لاستيراد الماشية من الصومال دون أن توضح الفترة التي يستمر هذا الحظر.

وبحسب خطاب وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية ، يرجع سبب منع استيراد الماشية الصومالية أنها مصابة بمرض  الحمى الوادي المتصدع ومرض الحمى القلاعية وفق وكالة الانباء السعودية “واس”.

لكن وزير الثروة الحيوانية الصومالية حسين عيد نفي أن تكون الماشية الصومالية مصابة بأمراض خطيرة وأكد عدم ورود تحذيرات من المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE ) تتضمن ظهور حالات مرضية في المواشي الحية بالصومال.

 أن القرار السعودي” إذا صح” له آثار سيئة على الحياة الاقتصادية في الصومال وعلى الازدهار الذي كان يحققه قطاع الثروة الحيوانية في الصومال منذ سنوات وخصوصا بعد رفع المملكة الحظر الذي كان مفروضا على  استيراد المواشي من الصومال منتصف العام الماضي.

فالثروة الحيوانية تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد الصومالي، إذ تساهم بنحو 40 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. لقد صدر الصومال وفق منظمة الأغذية والزراعة للامم المتحدة رقما قياسيا يناهز 5 ملايين رأس من الماشية إلى أسواق الخليج العربية عام 2014 ، بفضل الاستثمارات الضخمة في مجال الوقاية من الأمراض الحيوانية وبدعم من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وبالتالي لا بد من معرفة الأسباب الحقيقية للقرار السعودي المفاجئ، فهل هو قرار روتيني لا علاقة له بالسياسة أم أن هناك تطورات دفعت السلطات السعودية باتخاذ هذا القرار؟   وما هي الآثار التي قد تترتب منه على الصعيد الاقتصادي، ما ذا ينبغي على الحكومة الصومالية  لحل الاشكالية وتبديد مخاوف المملكة العربية السعودية التي تربط علاقات قوية و متينة  واستراتيجية مع الشعب الصومالي. 

أولا: الأسباب وراء القرار السعودي

قد تتعدد الأسباب وراء القرار السعودي لفرض حظر على استيراد الماشية الحية من الصومال  على الرغم من إعلان  وزارة  البيئة والمياه والزراعة السعودية على أنه وجود مرض في المواشي الصومالية، لكن قد يكون هناك اسباب أخرى دفعت المملكة إلي اتخاذ هذا القرار الذي خيب آمالا قطاع كبير من المجتمع الصومالي يعتمد  على عائدات صادرات المواشي إلى الدول الخليجية التي تعد السوق الوحيد لهذه الصادرات تتمثل في :

1- انتهاء المدة التي سمحت بها المملكة استيراد الماشية من الصومال وعدم رغبتها في التجديد. لقد أعلنت المملكة العربية في السادس من شهر يونيو عام 2015 عن السماح باستيراد الماشية الحية من المحجر الصحي البيطري «أنعام» في مدينة بربرة الصومالية لمدة ستة أشهر تستمر حتى نهاية العام الهجري الجاري للتأكد وتقييم العمل المحجري للواردات القادمة من المحجر وتطبيق جميع الاشتراطات الصحية على الماشية المستوردة من الصومال عبر هذا المحجر لضمان سلامتها. وقد انتهت الفترة، وبالتالي من الطبيعي أن توقف المملكة استراد الماشية من الصومال إلى ان تصدر قرار آخر يسمح باستئناف استيراد الماشية من الصومال.

2- خلافات بين الشركات الصومالية والمستمثرين في قطاع الماشية في الصومال. أن السبب الذي عزت المملكة العربية السعودية قرارها بمنع استيراد الماشية الصومالية وهو وجود مرض لكن هذا السبب تثير بعض التساؤلات؛ لأن ليس هناك تقارير من المنظمات الدولية المعنية بصحة الحيوان كمنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE) ولذلك يمكن القول ان القرار قد جاء نتيجة لخلافات بين الصومالين والمستثمرين العرب الذي يديرون المحاجر البيطرية المسؤولة عن فحص والتأكيد وتقييم صحة المواشي المصدرة إلي المملكة.

3- أزمة المجاعة والجفاف في الصومال. تعاني  هذه الأيام عدد من المناطق الصومالية من مشكلة الجفاف التى تتكرر في كل عشر سنوات مرّة واحدة في أغلب المناطق الصومالية  التي تسببت نفوق المواشي  وهلاكها وقد سُجّل نفوق عدد كبير من المواشي في المناطق الغنية بالثروة الحيوانية الواقعة في شمال وشرق البلاد، وذلك نتيجة العطش وانعدام المراعى، ومن الممكن إذا ان تتخذ المملكة قرارها لمنع استيراد الماشية الصومالية درأ للمخاطر وخوفا من أن تسلل  مواشي مصابة بأمراض إلي الماشية المصدرة إلي المملكة العربية السعودية.   

4-  التباين في الرؤى بين الصومال والمملكة وخصوصا فيما يتعلق بالقضايا السياسية والأمنية في الشرق الأوسط والقرن الافريقي في ظل التموضعات الاقليمية الجديدة ولا شك أن هذا التباين قد يعكس سلبا على العلاقات الاقتصادية بين الصومال والمملكة.

ثانيا: آثار الحظر على الاقتصاد الصومالي

الصومال وأحدة من أغنى دول العربية والإفريقية بالثروة الحيوانية، ويزاول أكثر من 70٪ من  المجتمع  الصومالي  مهنة الرعي  ويعيشون بعائداتها الأمر الذي يعزز دور الثروة الحيوانية في تنمية اقتصاد الصومال ويرفع  مستوى المعيشي للمواطن الصومالي..  وباعترافات من خبراء في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة أن الثروة الحيوانية «ستبقى لفترة طويلة عنصراً مركزياً في اقتصاد الصومال».وأن الاستمرار في الاستثمار ببناء مؤسسات الثروة الحيوانية الصومالية، “مفتاح لزيادة الدخل والحد من الضعف الاقتصادي للأسر الريفية، وتوجيه نمو القطاع مستقبلا”.

ولذلك أن أي حظر على صادرات الصومال من المواشي الحية يتسبب القضاء على  بوادر الازدهار الذي يشهده قطاع الثروة الحيوانية في الصومال. وبحسب تقرير للامم المتحدة حقق هذا القطاع  رقما قياسيا خلال عام 2014، بتصديره 5 ملايين رأس من الماشية إلى الأسواق في منطقة دول الخليج وذلك بفضل الاستثمارات في مجال الوقاية من الأمراض الحيوانية، ويمكن أيضا أن يضاعف المشاكل والتحديات التي تواجه هذا القطاع منذ أكثر من عقدين والمتمثلة في

  1. عدم رفع وتدريب قدرات الرعاة
  2. تذبذب الأمطار في فترات كثيرة جدا في الصومال أضر بشكل كبير على انتاج قطاع الثروة الحيوانية وذلك في ظل اعتماد الرعاة الصوماليين  بشكل كامل على الرعي المطري .
  3. التغيرات المناخية و ضيق المساحات الرعوية ….تأثر المراعي بفعل سنين الجفاف المتوالية والنمو السكاني على حساب المساحات الرعوية.
  4. قلة رأس المال وضعف المنافسة الحرة في الأسواق

ما الحل؟

نظرا لأهمية صادت البلاد من المواشي إلى الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لا بد من أن تتخذ الحكومة الصومالية اجراءات سريعة لاقناع السعودية بإعادة النظر في قرارها.

لا اختلاف على أن  المملكة العربية السعودية وأحدة من أهم الدول الداعمة للصومال وكانت ولا تزال تعمل منذ استقلال الصومال من أجل دعم الشعب الصومالي والوقوف إلي جانبه في أوقات الشدائد، لكن ذلك لا يمنعها من اتخاذ قرارات لحماية مصالحها ولاسيما في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الدول العربية، وبالتالي ينبغي  أن تبحث الحكومة عن أفكار ومقترحات لتحسين العلاقات الاقتصادية بين الصومال والمملكة العربية السعودية وخصوصا في مجال الثروة الحيوانية وتساهم في اقناعها بان تعيد النظر في قرارها حول منع استيراد الماشية من الصومال.

زر الذهاب إلى الأعلى