البرلمان  الصومالي الجديد ….التركيبة والكتل السياسية 

 أدي أعضاء البرلمان الاتحادي العاشر للجمهورية الصومالية الفدرالية اليمين الدستورية ، أمس الثلاثاء، في مقديشو وسط اجراءت أمنية مشددة، وهذا الحدث هو الخطوة الأولى نحو فصل جديدة من فصول كتاب تاريخ الصومال ما بعد “ثورة الجبهات القبلية” التي اطاحت بنظام الرئيس الراحل سياد بري عام 1991.

يبدو واضحا أن عنوان (برلمان زعماء الولايات الاقليمية) هو الوحيد الصالح لتوصيف البرلمان الاتحادي الجديد بغرفتيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب الذي تستمر ولايته حتى عام 2020 . ومن المتوقع أن يقوم البرلمان انتخاب يوم 4 يناير المقبل رئاسته المكونة من: الرئيس، نائب الرئيس، والأمانة العامة، على أن يعقب ذلك انتخاب رئيس البلاد في 17 من شهر يناير.

تركبة البرلمان

يتكون البرلمان الاتحادي من غرفتين ، مجلس الشيوخ ومجلس النواب. ويتكون مجلس الشيوخ من 72 عضوا تم توزيعهم على الحكومات الاقليمية ، بونت لاند (14) صومالاند( 14)  جوبالاند (11) غلمدغ (11) هيرشبيلي (11) وجنوب غرب الصومال (11) . وأما مجلس النواب فيتكون من 275 عضوا، منتمون إلي هيرشبيلي(37) وجنوب غرب الصومال(69) بونتلاند (40) وصومالاند( 47) وجوبالان(39) ومقديشو (7).

الكتل السياسية

على الرغم من أن أعضاء البرلمان الجديد تم انتخابهم على أساس المخاصصة القبلية والمناطقية وليس على أساس الأحزاب السياسية الا أن عددا كبير من الأعضاء يحملون افكارا وايدلوجيات قد تلعب دورا كبيرا في اتخاذ قراراتهم السياسية وخاصة خلال الانتخابات الرئاسية وفي اثناء صياغة المشروعات السياسية والتصويت عليها. وكذلك يضم البرلمان اعضاء مختلفون سواء من ناحية الانتماء ومن حيث مستوى التفكير السياسي، ومن بينهم شباب في مقتل العمر لم يمارسوا العمل السياسي من قبل والذين يشكلون جزاء مهما من هذا البرلمان، فهولاء الشباب يتمتعون بحس وطني عال، وبوعي وفهم للمناخ السياسي العام في البلاد.

ومن خلال القراءات الأولية تشير إلى أن نواب البرلمان الجديد يشكلون ثلاث كتل سياسية.

أولها:  الاسلاميون: عندما نقول الاسلاميون نعنى الأعضاء الذين لهم انتماء فعلى للتيارات الاسلامية في البلاد. وهؤلاء يشكلون  كتلة قوية اذا ما قورن بالاعضاء الذين لهم “هويات ثقافية” معنية كالفكر الرأسمالي أو الفكر الاشتراكي وان لم يصرحوها علنا. وينتمي  الاسلاميون إلي عدة تيارات فكرية  مثل:

1- التيار السلفي ( جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة)

يبدو أن الجماعة رغم تأثيرها وتواجدها في الساحة الاجتماعية الا أن تواجدها في البرلمان الجديد ضعيف نوعا ما، بسبب افتقارها إلى استراتيجية واضحة، وكوادر سياسية قادرة على منافسة التيارات الاسلام السياسي الاخرى، وانها لا تملك حتى الآن رؤية واضحة حيال المستقبل السياسي في البلاد وذلك بتصريحات لبعض المنتمين اليها، وأنها تفضل في الوقت الحالي التركير على  المجالات الانسانية والعمل الخيري ولذلك  يتهمون بانها امتنعت عن تسخير كل إمكانيها وطاقاتها في خدمة المرشحين المنتمين اليها لعضوية البرلمان ما تسبب في خسارتهم أمام المرشحين الآخرين باستنثاء أفراد لهم نفوذ داخل عشائرهم.

2- الاخون المسلمون

هذه الحركة لا تزال تتمتع بنفوذ كبير في المشهد السياسي الصومالي  حققتها خلال السنوات الماضية بعد ان نحج مرشحهم الرئيس الحالي حسن شيخ محمود في الفوز بانتخابات عام 2012  وتبذل اليوم جهدا كبيرا من أجل  تعزيز مواقعها في المشهد السياسي وأنها لا تزال تقف بقوة وراء المرشح الرئاسي والرئيس الحالي حسن شيخ محمود، وخصوصا بعد أن نجحت قياداتها في تمكين مرشحين منتمين الي الاخوان بالفوز بعضوية البرلمان الفدرالي وبالفعل نحج عدد منهم في الانتخابات التي جرت في عدد من الاقاليم واهمها اقليم جلمدغ، وهيرشبيلي، وجوبالاند كما تحاول كسب تأييد المرشحين الاخرين ذو الخلفيات الاسلامية  بهدف تكوين كتلة اسلامية قوية داخل البرلمان المقبل قادرة على المنافسة والتي ستدعم في نهاية المطاف للمرشح الذي يدعمونه.

3-جماعة آل الشيخ

يعتير هذه التيار من أبرز القوى الاسلامية الفاعلة في المشهد السياسي الصومالي  وله نفوذ قوى داخل منظمات المجتمع المدني والقوى العشائرية  وانه  سعى رغم ما يعاني من خلافات سياسية داخلية الى استعادة سلطته التي فقدها بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد عام 2012، واعادة انتخاب الرئيس السابق شيخ شريف. لكن الطريق إلى ذلك ليس سهل المنال.فأعضاء التيار في البرلمان  يواجهون منافسة قوية من مؤيدي  الاخوان وأنهم معظم مرشحيها خسروا أمام  المرشحين الذين يحصلون على دعم قوي من بعض زعماء الادارات الاقليمية.

 ثانيها: التيار المؤيد لرؤساء الولايات الحكومية: هذا التيار يشكل الأغلبية وفاز أعضاؤه بدعم قوي من رؤساء الولايات، وهذا القطب سيكون محوريا في انتخاب رئاسة البرلمان ورئيس الجمهورية، وليس من المرجح أن يدخل في تفاهمات كثيرة مع الاطراف الأخرى الا بضوء من رؤساء الحكومات الاقليمية.

ثالثها: التيار المستقل

هذا التيار رغم قلته يضم شباب وشيوخ مؤهلون يحملون الدرجات العلمية ولديهم تواجد في الشارع علي المستوي السياسي والشعبي، وفيما يبدو ليس لديهم ارتباطات وثيقة مع زعماء الادارات الاقليمية ولا انتماء معين، ويعلق كثيرون  آمالا عريضة على هؤلاء باعتبار أنهم سيتمكنون من شق طريقهم نحو عالم السياسية وتبني نهجا جديدا مغايرا عن نهج بقية الأعضاء والعمل بعيدا عن رقابة  وتوجيهات زعماء الولايات الاقليمية، فهولاء يتمتعون بحس وطني عال، وبوعي وفهم للمناخ السياسي العام في البلاد ، ومعرفة لا بأس بها لطبيعة الديناميكية والتفاعلية للعلاقات الدولية، ومعرفة لمجموعة من الموضوعات المختلفة، وخصوصا المتعلقة بالأمن، والاقتصاد السياسي الدولي، والقانون الدولي، والعلاقات الدبلوماسية، وإدارة الموارد الدولية، وأن هؤلاء النواب الجدد رغم قلتهم مقارنة باعمدة النواب الا ان ذلك لا  يعنى أن أطراف اللعبة الاقل تأثيرا ليسوا ذوي الاهمية . ففي واقع الأمر، مع ان قدرة البيادقة ضئيلة  وتعتبر القطع الأقل قيمة في لعبة الشطرنج، فانها تلعب دورا حاسما فيها، لأن نجاح بيدق أو وضعه في موضعه الصحيح يمكن أن يؤثر تأثيرا كبيرا في نتيجة اللعبة.

في هذا الصدد، يتوقع أن يلعب هؤلاء الأعضاء أدوار مهمة في حماية الاستقرار السياسي وابعاد الحكومات من شبح الاسقاط، ومواصلة سنّ التشريعات والقوانيين ولا سيما قانون الاحزاب؛ لأن من أبرز مهام البرلمان الجديد تعديل الدستور، والاستفتاء عليه، وتشكيل الأحزاب السياسية، واعداد انتخابات تشريعية ورئاسية مباشرة.

زر الذهاب إلى الأعلى