زعماء القبائل أمام مسؤولية تاريخية

لا تفصلنا  عن عملية اختيار أعضاء البرلمان القادم الذي يعلق الصوماليون عليه أمالا عريضة سوى أيام قليلة، وأن المواطنون في مختلف اقاليم البلاد، وفي المهجر ينتظرون أحر من الجمرة نتائج تلك الانتخابات التي يرونها مفصلية في تاريخ الصومال الحديث، وطوق النجاة نحو الرخاء والرفاهية بعد معاناة أكثر من 25 عاما.

أن الأمانة شيئ عظيم، ومسؤولية أمام الله والتاريخ، وحسابها لن يكون عادة الا عسيرا، وأن زعماء العشائر اقسموا على حمل هذه الأمانة أمام الله والتاريخ والشعب في وقت تئن البلاد من آلام الاخفاقات الماضية، وأن أي خطأ في  هذه المرحلة التاريخية لا شك سيلقى بظلاله على المسار السياسي المعقد في البلاد، وسيكون له تداعيات وخيمة على تماسك ووحدة الشعب الصومالي.

وبالتالي يجب على زعماء العشائر أن يكونوا على مستوى هذه المسؤولية الجسمية، والأمانة التي تعهدوا بأدائها على أكمل وجه، وأن يتصرفوا بقدر  أكبر من الوطنية والمسؤولية في أدائهم السياسي والاجتماعي، وفي اختيار أعضاء البرلمان، ولابد أن يكون معيارهم الكفاءة والانتاجية ، واختيار القوى الأمين، وليس الولاء والطاعة، فإن التاريخ سجل مفتوح لا يرحم ويدوّن كل ما يفعله الانسان من اخفاق أو نجاح، وقد يكون يوما يحدث التاريخ أخباره، وأن قوته وسطوته تكمن في أنه يحدث، ولن يتردد المواطنون من محاسبة  مسؤوليهم عما فعلوه وما ارتكبوه من حماقات طائشة رعناء على مدار تاريخهم، وتجاوزاتهم التي ابقت البلاد في دوامة العنف .

لا بد أن يعلم زعماء القبائل أن الوطن بعد سنوات من الحرب والخراب بات اليوم أمام مفترق الطرق، إما أن يعود لا سمح الله  أدراجه ويتعمق في الوحل أكثر فأكثر، وإما أن يواصل الشعب ما حققه من تقدم بدعم من المجتمع الدولي واشقائه، ويشمر سواعده من أجل طي الصفحات الاليمه الماضية، صفحات القتل والمجاعة والكوارث وأن يلتمس طريقه نحو الرخاء والازدهار ومواكبه جيرانه الذين تمكنوا خلال السنوات الماضية من تحقيق انتصارات كبيرة في مجالات الاقتصاد والتعليم والصناعة مع العلم أن هذه المرة  من الصعب أن يجد الشعب من يسمع اغاثاته وأنيين ثكلاه، لأن الفرص لا تتكرر ، ولا تأتي دائما على طبق من ذهب..

لن يتحقق هذا الأمل الطموح  الا من  خلال مزيد من التوحد والتماسك أمام التحديات والعقبات، وأن يقوم زعماء العشائر بواجباتهم بقدر كبير من المسؤولية تساهم في تعزيز الوحدة والهوية الوطنية، وروح التسامح والمحبة والإخاء.

في ثنايا الأعوام الماضية سالت عبرتنا لخطوب ثقيلة لم نجد من يرفعها عنا. وكان كلما قام البعض برفع شعار المصالحة وانهاء الاقتتال الداخلي  كان آخرون له بالمرصاد يلبسونه قميص الاضطهاد، ويردون جماحه حتى فوتونا بصائص أمل كثيرة كانت تلوح كل مرة في نهاية النفق، لذلك يجب إن يشد اليوم بعضنا بعضا لنتجاوز هذه اللحظة الفارقة من تاريخنا.. لا بد أن تكون شرعة شيوخ القبائل حبهم العميق للصومال  والا ينصاعوا للواحة ولو ماتوا وقامت عليكم المناحة.

يا زعماء القبائل الـ 135 كونوا مع الحق، وافعلوا ما تهدأ به نفوسكم وترتاح به  ضمائركم ولا تغرنكم الأموال ، ولا تفزعنكم هالة القوة والسلطة  فالذي يرهب الحياة الشقي ، سخرت من مصيره الأجداث. وأن الحياة صراع فيها الضعيف يداس ما فاز في ماضغيها الا الشديد المراس.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى