سجن مقديشو المركزي جحيم على أرض الصومال

downloadالسجن المركزي في مقديشو عبارة  قلعة تشبه قلعة صلاح الدين الأيوبي في منطقة السيدة عائشة بجمهورية مصر العربية، بناه الإيطاليون عام 1932م،

ويقع السجن في حي حمروين بالقرب من ميناء  مقديشو، عندما تتوجه إليه تمر على أربعة حواجز أمنية شديدة الحراسة كأنه قصر الرئيس، ويتبادر في ذهنك أن الدخول إليه شىء مستحيل، لكن  بأقل من خمسة دولارات تدفعة لجندي بسيط تجعلك أميراً زائراً لاتوقيف ولا التفتيش وتفتح الحواجز أمامك، وبمجر وصولك إلى الحاجز الرابع والأخير، تشاهد قلعة مطلة على المحيط الهندي، وتشم هوى نقية صافية وتتمنى أن تقيم في هذا المكان طوال حياتك، لكن عندما تقترب كثيراً إلى البوابة الحديدية للقلعة( السجن) بعد صعودك إلى السلم، سرعان ما يتغير الجو وتسأل نفسك أين أنا؟.

 

من هنا تبدء الجحيم:

 

عندما تفتح لك أول بوابة السجن تنظر خلفك وتنظر أمامك  وما حولك بطريقة لا إرادية وتقول في نفسك ياليتني ماقدمت إلى هذا المكان، لا هواء نقية ولا جوِ صافي  كأنك في مختبر هيروشيما النووي، الأبواب موصدة ولا الشبابيك مفتوحة ويقابلك السجانون والحراس بوجه عبوس قمطرير، لا إبتسامات ولا ترحيب كل في شأنه مشغول وخلف الزنازين حكاية.

 

الحجيم خلف الزنزانة:

 

يتألف السجن حاليا من أربعة عنابر، الأول: عمومى يحبس فيه كافة المتهمين بقضايا غير القتل والإرهاب، وفيه حاليا أكثر من 960 محبوس من بينهم محكومين عليهم وغير المحكومين.

 

القسم الثاني( قمتا  باللغة الصومالية) المظلم بالعربى، وهو سجن داخل سجن ويحبس فيه كل المتهمين بإنتمائهم لحركة الشباب المجاهدين، ويقدر عددهم في الوقت الحالى قرابة 280 محبوس.

 

القسم الثالث: المحكومين عليهم بالإعدام، ويقدر عددهم 70 محكوما .

 

القسم الرابع: القسم النسائى، وللأسف فعددهم غير معلوم لدينا.

 

وجميع هذه العنابر مكتظة، وكل عنبر فيه عدة زنزانات، تفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية ، فلا صحة ترعى، ولا التعليم تهتم، فالمعيشة شبه معدومة، رغيف واحد في الفطور، وفي الغذاء جرام أرز لا يليق بالإنسان، لكل محبوس خمسة لتر من الماء كل 48 ساعة فله أن يستخدمها للشرب، أو الفسل، أو قضاء حاجة، أو الوضوء طوال يومين.

 

والجذير بالذكر ان الماء يعد عنصراً أساسياً للحياة وللمحافة على النظافة وعلى الصحة والكرامة الإنسانية، ولذلك وضع مشروع ( أسفير) الميثاق الإنسانى والمعايير الدنيا في مجال الإستجابة الإنسانية ، وضع الكمية الأساسية من الماء اللازم للبقاء على قيد الحياة وبينها على النحو التالي:

 

1-إستهلاك الماء للشرب : 3 لتر للشخص الواحد.

 

2- النظافة الأساسية: 2-6 لتر يوميا.

 

3- الماء اللازم لقضاء الحاجة: 1-2 لتر يوميا.

 

4- الوضوء: 2-5 لتر يوميا.

 

يتضح من هذه المعايير أن الشخص الواحد يحتاج في اليوم مابين 10 لتر إلى 18 لتر من الماء، ومن هنا نشهد أن السجن المركزي في مقديشو يفتقر لأبسط المعايير الإنسانية.

 

ولاتقتصر معانات المحبوسين في السجن المركزي على عدم توافر الماء اللازم، بل يعانون من عدم توافر الرعاية الصحية ووسائل الترفيه وعدم السماح لهم بالإتصال بذويهم والعالم الخارجي، كذلك يعانون من التكدس الشديد في الزنانين، فمثلا حكى لنا أحد المفرج عنه قريبا، أنه كان في زنزانة بسعة 8×4 أي بمساحة 32م2، وكان فيها 70 رجلا أغلبهم من المدخنين، فإذا قسمنا بـ 32م2 لعدد 70 فردا، فنصيب الفرد من المساحة هو أقل من نصف متر مربع أي 0.45، وأضاف المفرج عنه أن الظروف أجبرتهم بأن يقسمو أنفسهم بالليل إلى قسمين، قسم ينام لساعات، والقسم الثاني يتكدس بناحية معينة بطرف الزنزانة ليعطي مساحة للنائمين، وفي الوقت المحدد يستيقظ النائمون لينام الساهرون، وهذه الحالة لا تقتصر على هذه الزنزانة دون غيرها، بل هي حالة عامة في كافة عنابروزنزانات السجن.

 

الأمر الرابع الذي يعاني منه المحبوسون في السجن المركزي بمدينة مقديشو هو عدم وجود التهوئة والإضاءة وعدم فتح أبواب الزنازين، بحيث لا يفتح أبوابها إطلاقاً إلا للحالات القصوى فقط، ولايوجد تعليم مهما كان نوعه، ولا توعيات إرشادية، بل عقاب نفسي فقط.

 

بإختصار لايمكننا أن نذكر تفاصيل ما أسلفنا وما تخفى صدورنا أكبر، فقط أردنا تسليط الضوء على حالة السجن لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

د/عبدالوهاب على مؤمن

باحث متخصص في علم الاجتماع info@Mogadishucenter.com
زر الذهاب إلى الأعلى