دور مصري رائد في التعليم والثقافة ونشر الإسلام الوسطي في الصومال

تتسم العلاقة بين الصومال ومصر بالدفء والمودة عبر مختلف العصور حيث تتعمق جذورها على مدى تاريخ طويل امتدت خلاله أواصر التعاون والصداقة بين البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية وغيرها. وقد شهدت الفترات المعاصرة العديد من أوجه التعاون ومحاولات التكامل وذلك بحكم الأهمية السياسية والاستراتيجية والاقتصادية التي تتمتع بها دولة الصومال والتي تقدرها مصر وتعيها جيدا حيث تعد الصومال عمقا استراتيجيا لمصر وتعتبر سندا مهما لأمنها المائي لذلك تحرص مصر على توطيد هذه الأواصر وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للدولتين وشعبيهما .

ومنذ إعادة افتتاح السفارة المصرية في مقديشيو عام 2013 ، أخذت العلاقة الصومالية المصرية تتجه نحو مزيد من القوة تمثلت في العديد من الأنشطة والمشروعات التي تعد مؤشرا لتأكيد الإرادة المشتركة  لزيادة آفاق التعاون والتقارب خاصة في ظل المواقف المصرية الداعمة للإستقرار  السياسي والأمني في الصومال .

وعلى الرغم مما يتردد عن تراجع الدور المصري في القارة الافريقية ، إلا أن هناك خصوصية في علاقة مصر بالصومال باعتبارها ظهيرا استراتيجيا لها ، و من هنا تولي الإدارة المصرية اهتماما كبيرا بالصومال ،فقد شهدت الفترة الأخيرة حالة من النشاط المكثف والزيارات الرسمية المتبادلة بين مقديشيو والقاهرة منها لقاءات لبحث التعاون الزراعي واجتماعات تنسيقية في مجالي التجارة والصناعة للإستفادة من الميزات النسبية المتبادلة بين البلدين . بالإضافة إلى إلتقاء وفود البلدين في عدة محافل ومناسبات دولية . وفي هذا الإطار شكلت الحكومة المصرية بعثات من مسؤولين كبار لزيارة عدة مناطق بالصومال لأول مرة منذ ربع قرن لبحث التعاون في مختلف المجالات بما في ذلك فتح خط طيران مباشر بين القاهرة و مقديشيو استجابة لطلب الجانب الصومالي حرصا على استمرار التواصل الدائم بين الدولتين .

ويعد النشاط الثقافي والعلمي والديني للدولة المصرية من الأنشطة المميزة التي تقدم خدمات مهمة للشعب الصومالي . وهو نشاط يسهم فيه العديد من الجهات والهيئات المصرية المعنية، و يأتي الأزهر الشريف على رأسها حيث يحرص على التواجد من خلال علمائه وشيوخه ومعاهده في مختلف أنحاء الصومال للإضطلاع بدور رائد في مجال التعليم ونشر الإسلام الوسطي . وانطلاقا من هذا الدور قرر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب زيادة المنح التعليمية الأزهرية للصومال لتصل إلى 10 منح بالكليات العملية إضافة إلى زيادة الدعم الخاص بإرسال العلماء وتدريب الدعاة والأئمة وذلك بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية التي تهدف إلى تقوية التواصل مع مختلف الجهات الإسلامية في العالم .

وتتضمن هذه الجهود إقامة المعاهد العلمية المصرية بالصومال ويعد معهد قرضو من أهم هذه المؤسسات الثقافية والعلمية التي تهدف إلى تعليم اللغة العربية ونشرالدين الإسلامي والثقافة الإسلامية في المجتمع الصومالي .

ولايقتصر الأمر على مؤسسة الأزهر ، حيث تولي وزارة التربية والتعليم المصرية اهتماما كبيرا بإيفاد البعثات التعليمية للصومال وكذلك إنشاء المدارس المصرية على أرضها . وكان هناك لقاء مهم بين وزير التعليم المصري ونظيره الصومالي ، تم خلاله التوقيع على بروتوكول تعاون بين البلدين في مجال التعليم لإعادة تشغيل مدارس البعثة المصرية في الصومال، وتدريب العاملين، وتطوير المناهج التعليمية مع تقديم كافة المساعدات الفنية في مجالات تكنولوجيا التعليم والتربية الرياضية والتربية الفنية والمسرح المدرسي . ويتضمن البروتوكول تبادل الخبرات والتجارب بين البلدين في مجال التربية والتعليم وعقد المؤتمرات العلمية والورش الفنية والدورات التدريبية اللازمة لدعم قدرات الكادر التعليمي الصومالي . ودعما لروح التعاون الصومالي المصري تم الإتفاق يضا على إنشاء رابطة للطلاب الصوماليين من خريجى المدارس والجامعات المصرية والدارسين بمصر وإقامة احتفالية لهم سنويا بإحدى المدن الصومالية. جدير بالذكر أن هناك مصادر  بديوان عام الوزارة، كشفت أن هناك بعثة علمية  إلى الصومال مدتها عامان  وتتكون من 25 معلم بالإضافة إلى رئيس بعثة من قيادات الوزارة وذلك للعمل في المدارس المصرية الأربعة الموجودة بالصومال.

وتأكيدا على متانة العلاقة بين الصومال ومصر وحرص الأخيرة على زيادة الدعم العلمي والثقافي للشعب الصومالي، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة لطلاب الصومال بالجامعات المصرية لتصبح مائتي منحة جامعية سنوياً، وكذا معاملة الطلاب الصوماليين الدارسين بمختلف الجامعات المصرية معاملة الطلاب المصريين والسوريين في إطار إضطلاع مصر بدورها في نشر الثقافة والتعليم في الصومال إضافة إلى حرص القيادة السياسية المصرية على إيفاد المدرسين التابعين لوزارة التربية والتعليم للتدريس بالمدارس الصومالية، أو المعلمين التابعين للأزهر الشريف، وكذا خبراء الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا الذين يقومون بنشر العلم في مؤسسات التعليم العالي .

زر الذهاب إلى الأعلى