حديث المجالس (1)

مدخل:

المجتمع الصومالي مجتمع رعوي في أصله،فمهما أخذ قسطه من التمدن والتعليم والحضارة فإن هناك عادات وتقاليد وأنماط سلوكية معينة لاتفارقه و لايفارقها أينما حل. ومن تلك العادات الجلوس في المقاهي  وشرب  الشاي بصورة جماعيّة، وخاصة في الفترات المسائية، بل وحتي في الفترات الصباحية في هذا الزمن الذي تنتشر فيه البطالة. وبالاضافة إلى المقاهي المخصصة لهذا الغرض القائمة لذاتها أو الملحقة بالفنادق الكبري، فهناك أعداد غير قليلة من أماكن احتساء الشاي العامة على أرصفة الشوارع الرئيسة في العاصمة والمدن الأخري تمتلكها وتديرها سيّدات وفتيات في مختلف الأعمار يحترفن هذه المهنة الرابحة والسهلة المزاولة نسبيا.

يرتادهذه المحلات المنتشرة على طول الشوارع الرئيسية والفرعية زبائن من مختلف الطبقات والتوجهات والمشارب، ومنهم من يحمل شهادات عليا في تخصصات مختلفة ومثقفون أعيتهم الظروف فآثرو الجلوس على الرصيف.

ومما يثير اهتمام المرتاد أو حتى الزائر الجديد لهذه “المنتديات” إن جاز لنا إطلاق وصف المنتدى على هذه المجالس التقليدية، ذلك التناغم والانسجام العجيب بين المتحاورين في تلك المجالس والبساطة التي تسود الموقف مع أنهم أناس لا تجمعهم وجهة نظر معينة لكنك تخالهم متفقين على القضايا المطروحة،ويتجاذبون أطراف الحديث بكل جدّية وأريحية وأحياناً بموضوعيّة قلما تجدها في مجالس السياسين الكبار التي يشوبها قدر كبير من اختلاف وجهات النظر ويسودها القلق والارتباك، وربما تطور في بعض الأحيان الى التلاسن والعراك بالأيدي.

والجدير بالملاحظة هنا هو أن المناقشات التي نحن بصدد الحديث عنها لاتقتصر على مجالات بعينها، ولا تحدها حدود المصطلحات والتعريفات، والاختصاصات، فهي مناقشات حرة ومفتوحة،لا قيود  هنامفروضة على المشاركين ولاعلى المواضيع المثارة أو المعروضة للنقاش،فقد يكون الحديث حول قضية سياسية أو أمنية مستجدة،أوة رياضية أوظاهرة اجتماعية أوثقافية أواقتصادية.

تكمن أهمّية ما يدوؤ من حديث في هذه المجالس أنها تعكس وجهات نظر الشارع وعامة المجتمع تجاه قضاياهم ومستجدات أحوالهم. وفي الحلقات القادمة سنستعرض  معكم حكايات وأحاديث تلك المجالس وهموم المواطن العادي في ما يتعلق بقضايا ساخنة تمس مختلف اهتماماته اليومية بدءا من الهموم المعيشية ومرورا بالقضايا السياسية والأمنية الراهنة،وقراءة المستقبل ومصير البلاد نقرؤها معا بعيونهم ،فالي اللقاء بكم في الحلقة الاولى من حديث المجالس.

زر الذهاب إلى الأعلى