تحليل….دلالات الهجوم الأخيرعلى أفجوي

مدينة أفجوى الاستراتيجية بإطلالتها على العاصمة مقدشو، وكونها نقطة عبور تربط بين العاصمة والمحافظات الجنوبية والتي شهدت في الآونة الأخيرة حوادث أمنية متكررة، غابت عن سيطرة الحكومة قرابة أربع وعشرين ساعة لصالح مقاتلي حركة الشباب الذين شنّوا هجوما مباغتاً على المدينة من ثلاث جهات، وتمكنوا من السيطرة على قاعدة القوات الحكومية في المدينة بعد تفجيرها بسيارة ملغمة ومقتل عدد من أفراد القوات الحكومية والموظفين بينهم ضابطان ومسؤول مالي، وانتشروا بعدها في المدينة قبل أن ينسحبوا منها بدون قتال لصالح القوات الحكومية التي أعادت ترتيب صفوفها، مدعومة بقوات الاتحاد الإفريقي.

 ومن هنا نتساءل: ما هي دلالات توقيت الهجوم المباغت من حركة الشباب، وما هي طبيعة المكان المستهدف وما الرسائل التى يحملها الهجوم على مدينة كـ “أفجوي” الاستراتيجية؟

دلالات توقيت الهجوم: 

يأتي الهجوم على مدينة أفجوي في توقيت حساس للغاية، حيث تشهد العاصمة مقديشو استعدادات للانتخابات الرئاسية غير المباشرة والمزمع إجراؤها في نهاية شهر نوفمبر القادم، ويجرى حالياً انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ (الغرفة الأعلى) في حواضر الإدارات الإقليمية. مما يولّد تساؤلات حول كفاية أمن العاصمة لإجراء الانتخابات الرئاسية فيها في موعدها المحدد، ومدى تأثير هذا الحدث الأمنيّ في الاستعدادات الجارية حاليًّا.

يتضمّن هذا الحدث الرسالة التقليدية التي تحملها كل عمليّات الحركة والتي هي إثبات الوجود والقدرة على التحرّك الحرّ وتنفيذ عمليّات بحجم الاستيلاء على مدينة ذات أهمّيّة استراتيجية كأفجوي.

بالإضافة إلى ذلك يقصد من هذه العمليّة – التي تأتي متواكبة مع عمليّات انتخاب الولايات ممثليهم في مجلسي التشريع الأعلى والنيابي، وسابقة على الحدث الانتخابي الجلل والمرتقب إجراؤه قريباً،- يقصد منها استعراض قوة الحركة وقدرتها على تنفيذ العمليّات النوعيّة لوضع أمن الأجواء الانتخابية على المحك، وإحداث بلبلة لدى الجهات المعنيّة بهذه الانتخابات والجهات القائمة على ترتيباتها في العاصمة وخارجها.

طبيعية المكان المستهدف: 

تقع أفجوي في نطاق محافطة شبيلي السفلى على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشمال الغربي من العاصمة ” مقديشو” وهي منطقة زراعية تعتبر من أخصب المناطق الصومالية، ويقع في الإقليم عامة والمدينة خاصة عدد من أهم القواعد العسكرية للحكومة الصومالية، والقوات الإفريقية لحفظ السلام، ظلت على مدى الفترات الماضية هدفاً لهجمات حركة الشباب عليها، لكنّ الأمر لم يكن يصل إلى درجة السيطرة على المدينة كما حدث في هذه المرّة.

وفقا لهذه المعطيات السابقة فإن استيلاء الحركة على أفجوي يمثل لها مكسباً نوعياً كبيراً، بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية التى تتمتع بها المدينة. ونلاحظ أن الحركة خططت سابقاً لمدّة مكوثهم في المدينة، وتأمين طريق الانسحاب، وتفادي اشتباكات كبيرة بينهم وبين القوات المتحالفة. إذ أنّ طبيعة المدينة التي تقع على مقربة منها قاعدتان من كبرى القواعد العسكرية في البلاد، وهما: قاعدة لانت بوري الواقعة على مسافة بضع كيلو مترات إلى الجنوب منها، وقاعدة بلد دوغلي العسكرية التى كانت سابقاً من أكبر القواعد العسكرية في الصومال، والواقعة في مدينة بلد دوغلي على بعد عشرات الكيلو مترات إلى شمالها، إلى جانب قاعدة القوات الإفريقية على المدخل الجنوبي للمدينة إضافة إلى قربها من العاصمة “مقديشو”؛ كلّ هذه العوامل لم تكن لتسمح لمقاتلي حركة الشباب بالمكوث في مدينة أفجوي لفترة طويلة، مما يجبرها على التخطيط للانسحاب بعد ساعات من استيلائها كما حدث.

رسائل الهجوم:

  • يحمل الهجوم رسالة تخويف لوفود الانتخابات وزعزعة سير العملية الانتخابية برمتها. وأن الحركة بإمكانها أن تنفذ في العاصمة هجمات على غرار هجومها على مدينة أفجوي.
  • توقيت عملية الهجوم الذي بدأ في وقت الظهيرة من الأمس يحمل رسالة مفادها أن الحركة خرجت من مرحلة التخفى والتستر في عتمة الليل، وأنها تشن هجومها في رابعة النهار.
  • وكذلك هناك رسالة تطمين لأصدقاء الحركة في الخارج بأن الحركة رغم الضغوطات التى واجهتها من قبل القوات المتحالفة – ولا تزال – فإنها موجودة في الساحة.

كما تدل العملية الأخيرة في أفجوي على تدنّي حالة التأهب لدى القوات الحكومية رغم تواجدهم في أغلب مديريات إقليم شبيلي السفلى وتكرر حدوث العمليات المماثلة مراراً في القواعد العسكرية في الإقليم، وتدل المعطيات على أنّ الإقليمين المجاورين للعاصمة وهما شبيلي السفلى وشبيلي العليا يواجهان “خطر هجوم حركة الشباب” ويجب على الحكومة منحهما أقصى الاهتمام، خاصة أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية لكى لا تؤثر الحركة – على الأقل – في جدول الانتخابات الذي تم تأجيله مراراً.

زر الذهاب إلى الأعلى