الإبل في محافظة شبيلي السفلى …سلالاتها ومراعيها وقبائلها

الإبل في محافظة شبيلي السفلىpdf

يعتبر قطاع الثروة الحيوانية في الصومال الركيزة الأساسية في تنمية الاقتصاد القومي. و بحسب احصائيات سابقة  يمتلك الصومال  ثروة حيوانية ضخمة تشمل الأغنام والماعز والإبل والابقار تقدر  بـ51 مليون رأسا  ترعى في مساحات شاسعة تصل نحو 2885 مليون هيكتار  إي نحو 57٪ من مساحة البلاد. وتعد الأبل من أهم هذه الثروة من حيث الأعداد وكمية الانتاج، وأما  لحومها وألبانها من أطيب ما يتغذى به الفرد الصومالي (CAD IYO CAANO).

IMG_0582

الإبل و البدو الصومالي

تحتل الإبل مكانة مرموقة لدى المجتمع الصومالي، فهي ثروة تقاس بها ثراء القبائل، ومكانة الأفراد، حيث يكتسب البدو الصومالي الاحترام والتقدير بقدر ما يملكه من الأنعام ورؤوس النوق والبعير كما هو الحال عند العرب. ويتم استخدمها لدفع المهور، وتأدية مراسم الزواج، ولدفع الدية حين تنشب الصراعات بين القبائل والأفراد.IMG_0562

فلحم الإبل غذاء يومي للصوماليين،  ولا يمكن أن يغيب عن موائد الطعام اليومية للأسرة الصومالية، لكن لا يحب البدوي أن يذبح إبله الا في مناسبات نادرة كازيارة العلماء الكبار و عند وفاة شيخ  من شيوخ العشائر أو الأسرة، وفي المناسبات العادية  فيذبح الأنعام الأخرى مثل الماعز والغنم أو البقر. ولا يقبل أن يبيع أجود ابله الا أن يكون مضطرا. 

تعتبر الإبل رمزا للوجاهة والتفاخر بين القبائل، ويحتفل مالكوا الإبل في الصومال في المواسم التي تلد الإبل، ويقدمون في كل شهر رجب  القرابين طلبا للبركة، ويسمونها سمبوح (sambuux). 

حتى لا تختلط الابل، يستخدم البدو علامات لتميز إبله عبر الكى بالنار على منطقة الأفخاد  أو الرقبة ولكل عشيرة علامة تميزها عن العشائر الأخرى ، ويتم التعرف على الأبل الضالة أو المسروقة.IMG_0580

 ولا يستخدم الابل في الصومال في  الأشغال العامة كالحرث والتجارة والتنقل والرعي والصيد باستثناء انتاج زيت السمسم “المعصرة”  خلافا لما هو سائد في البلدان العربية الأخرى ، حيث يستخدم للسباق والهجن والركوب في الاسفار الطويلة، احتراما وتقديرا للمكانة التي تتبوؤها في نفس البدو الصومالي، فالصوماليون يعشقون إبلهم بشكل طقوسي، يتغنون بها ويمجدونها في أشعارهم، ويتعازون في حال موت إبلهم، والأعجب من ذلك لا يلقون برأس الجمل في الأرض بل يضعونه فوق شجرة تعبيرا عن  سموه ورفعة مكانته.

سلالات الإبل  في محافظة شبيلي السفلى 

IMG_0577

يقال أن المهد الأصلي للابل هو  منطقة شبه الجزيرة العربية ولم تنتقل إلي افريقيا الا في القرن الأول الميلادي وهي منتشرة اليوم في أقاليم الشرق العربي، ووسط آسيا ، وفى فارس، وتركيا ، وشمال إفريقية حتى أقصى حدها الجنوبي، وان المهد الأصلي للابل الصومالية في المناطق  الشمالية، وينقسم إلي خمسة أنواع ولكل منها صفات مميزة. وهذه السلالات هي:

  1.  هور (HOOR) 

 ويمتاز بوبر ناعم أملس، وانتاج غزير للحليب وخاصة في فصول الأمطار، بالإضافة إلى قوة احتماله لدرجات الحرارة المرتفعة وقدرته على حمل المتاعب، ويتميز بالصوت الأجش الغليظ.  

فمعظم هذه السلالة جمال طوال، ولونها  أصهب أبيض خالطه أحمر  أو أروق إي أسود يخالط سواده بياض، وتعد من أكثر سلالات الابل في الصومال لبنا، وأن متوسط انتاج الحليب  لهذه السلالة يبلغ حوالي 12- 18 ليترات للناقة الواحدة وفي اليوم الواحد.  ومن بين القبائل التي تشتهر برعي سلالة “هور” عشائر،  ماماي، ومورسدي.

IMG_0571

2- ايديم ( eydimo)  ويمتاز بقدرته على تحمل العطش ، وحجمه  المتوسط  وسرعته الفائقة  في السير  في الارض الصخرية ولذا يسمى بجمل الصخور.  وتعد هذه السلالة أكثر أنواع الابل في الصومال لحما لكنها كثيرا ما تتعرض بالأمراض، ومتوسط انتاح الحليب  3 ليترات في المرة الواحدة. ومن أبرز القبائل التي تشتهر بسلالة “ايديمو”، قبائل غالجعل وعورملي وعيسي.

3- سيفضعر ( siif dacaar) إبل طويل القامة، وصعب المراس، تمتاز بوفرة حليبها، وكثرة الدسم فيها وكبر حجمها وسرعتها، وقيادتها الصعبة وخاصة في الأراضي الرملية، وذات الحصوبة والمستنقعات. ولونها أبيض خالطه أحمر. وتكثر  في المناطق السهلية في محافظة شبيلي السفلى وفي ضفاف نهر شبيلي.

تتألم  نوق هذا النوع من الإبل كثيرا أثناء المخاض والولادة، حتي قال أحد الرعاة يصف هذه السلالة:(  MINEY FOOLATO MAFADHIISATO, MINEY FIIGTO FAAY MADHEEGTOOY,MINEY FOOFTINE FAALUL DHEEREY )ويعني إنها من السلالات التي اذا جاءها المخاض لا تبرك على الارض بسهولة، وإذا جفلت لا تسمع صوت الراعي، وإذا  خرجت للرعي تذهب بعيدا. 

ومن أبرز القبائل التي تربي هذه السلالة،  قبائل غري ، وشيخال،  رير أو حسن.

4-  سوبكني ( subkane): يشبه سلالة “سيفضعر”  لكن أصغر منه حجما وأكثر منه لبنا، ويشتهر بأنه لا يرعى عادة الا مع القطعان. 

5- كلميه (kulmiye):  متوسط القامة، جميل المنظر، سهل القيادة، متوسط الانتاج للحليب، وتمتاز بوفرة لحومها. ويقدر بحجم الإبل الواحد ٤٥٠ كلجم. ومن أبرز  القبائل التي تشتهر بتربية هذا النوع من الإبل، قبائل جري، هذمو، بيمال.

99638

مراعي الإبل في محافظة شبيلي السفلى

تحتل الصومال المرتبة الرابعة من حيث مساحة مراعي الدول العربية . تبلغ مساحة مراعيها نحو 2885 مليون هيكتار  وتتسع هذه المساحة في سنوات وفرة  المطر  بحيث تصل إلى 36 مليون هيكتار أي نحو 57٪  من مساحة  البلاد ، وتمثل هذه المساحة نحو 13،4 ٪ من جملة مساحة المرعى للوطن العربي  البالغ قدرها 267.72 مليون هيكتار .IMG_0570

 وفيما يتعلق بمراعي الابل في اقليم شبيلي السفلى فهي المناطق الواقعة ما بين قرية “بولو مرير” جنوب مدينة مركه إلي قرية “حرمكا” في الحدود مع محافظة جوبا الوسطى. سواء من الجهة  الشرقية لنهر شبيلي أو غربها.

 ومن أبرز  الأشجار التي ترعى الإبل في محافظة شبيلي السفلى:

  1.  شجرة بسق:  شجرة لها أوراق عريضة وظل وافر يستخدمه الرعاة للاستقرار  والراحة. ومن ثمارة أوراقه يتكون المركب الغذائي للابل والاغنام والماعز.IMG_0560
  2.  شجرة جالول (galool) : من أهم انواع  النباتات في الصومال وهي ذات جدور طويلة تمتد إلي مسافات كبيرة  في باطن الأرض أوراقها يأكل الأبل، ولحاها تصنع الحبال والأوعية لحفظ الماء،  وجذورها تصنع أكواخ الرعاة.IMG_0579
  3.  بيل عيل ( biil cil) تنمو عادة على السفوح المستوية فهي  تشبه الاعشاب الشجيرية ويشير دائما إلي الاراضي الغنية سواء كانت رملية حمراء أو  جيرية. يأكل الابل في وقت الجفاف.
  4.  كودا (QOOQOON) نبات قرني أخضر  اللون في شكل حلزوني يتحول إلي اللون الأصفر  وتظهر ثماره على شكل عناقيد. ويقول الرعاة الصوماليين أن الناقة التي تأكل شجرة كودا في موسم الصيف هي الاقدر على تحمل الامطار. IMG_0576
  5. دعل( docol): شجرة  تتقسم الاشجار طويلة واخرى قصيرة تتميز بظلها الواسع وثمارها الطيبة يأكلها الجمال والأغنام
  6.  شجرة  كبش ( KABASH) لها أو راق كبيرة، ولها جذور ممتدة في باطن الأرض وهي شجرة تحبها الابل  والأغنام.
  7. مريوي (MURYOOY) له أوراق صغيرة وثمارها على شكل عناقيد IMG_0581
  8.  قوري عدي (qoricade) نبات أبيض ذات أوراق صغيرة وجذور متعددة
  9.  غرص( GARAS) شجرة طويلة تشتهر بالظل الممدود والعمر المديد.

 مستقبل الإبل في اقليم شبيلي السفلى

تواجه محافظة شبيلي السفلى التي تعتبر من أغنى المناطق في الصومال والعمود الفقرى للإقصاد الصومالي عددا من المشاكل التي تسببها عوامل طبيعية وأخرى بشرية قد تأثر سلبا على مستقبل الثروة الزاخرة في هذه المحافظة، ومن أبرز هذه المشاكل موجات الجفاف التي تضرب المحافظة في كل عام، وجعلت حياة البدوي فيها حياة محفوفة بالمخاطر  بسبب هلاك اعداد كبيرة من مواشيه  نتيجة شح المياه وجدب المرعى، والنظام الرعوي التقليدي الذي يقوم على الرعي الجائر  والسياسة الهدمية التي تهدد التربة بالجرف والمراعي بالاحتفاء أو الفقر  عن طريق بعض التقاليد مثل اشعال النيران في الاعشاب لارهاب الحيوان وقطع الاشجار للانتاج الفحم النباتي وتحويلها إلي مزارع.

يحتاج الاقليم إلي مساعدات عاجلة للتعامل مع تلك المشاكل وخاصة مشكلة الجفاف، ومشروعات تنموية تساهم في تقلل آثار الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، وتنمية وتحسين المراعي  في الاقليم ورفع مستوى انتاجه.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى