الأسس والمنطلقات للقضاء على العقبات الكبرى أمام حاكم ولاية هيرشبيلي الجديد

لتحميل الملف أنقر هناpdf

مقدمة:

انتخبت ولاية هير شبيلي علي عبد الله عوسبيلي حاكما لها في 17 من شهر أكتوبر الجاري في مدينة جوهر على بعد 90 كلم شمال العاصمة مقديشو بعد مخاض عسير استمر أكثر من عام. وقد تأجل تشكيل  المؤسسات  السياسية للولاية أكثر من مرة بسبب خلافات حادة بين الحكومة الاتحادية وبعض الزعماء التقليدين للعشائر القاطنة في محافظتي هيران وشبيلي الوسطى حول إدارة الملف وتسيير  شؤون مؤتمر تشكيل الإدارة، لقد اسندت الحكومة الاتحادية إدارة الملف إلى عبد الرحمن أوذوا وزير الداخلية للحكومة الاتحادية وعراب الإدارات الاقليمية الذي بذل جهدا كبيرا في انجاح المؤتمر رغم المعارضة الشديدة والعقبات الكبيرة التي اعترت طريق تحقيق ذلك الا أنه نجح في نهاية المطاف إلى تسجيل الهدف الذهبي ووضعه في الشباك بطريقة محكمة وعجيبة وذلك بعد تشكيل البرلمان وانتخاب حاكم الولاية لكن للأسف  ليس هذا نهاية القصة وإنما بدايتها وهناك تحديات كبيرة أمام حاكم الولاية عبد الله عوسبيلي تتطلب منه أن يواجهها بحكمة وحنكة وبوسائل إبداعية.

علي عبد الله عوسبيلي الحاكم الجديد

علي عبد الله عوسبلي سياد منحدر من قبيلة حوادلي كبرى العشائر القاطنة في محافظة هيران وسط البلاد، سياسي مخضرم واسع الخبرة والثقافة عايش أجيالا وعهودا سياسية وتربي في بيئة سياسية يقال إن لها باع طويل في السياسة والحكم في الصومال، فهو نجل عبد الله عوسبلي سياد: السياسي الصومالي، ذائع الصيت في السياسية الصومالية إبان عهد ما بعد الاستقلال، ووزير البريد والاتصالات في عهد حكومة الرئيس الراحل محمد سياد برّي، والعضو في اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي الثوري الحاكم آنذاك.

عمل عوسبيلي نائبا لوزير التعليم السابق في حكومة رئيس الوزراء الاسبق علي محمد جيدي وكان دائما قريبا من مراكز صنع القرار في البلاد منذ عام 1991. كما عمل كمستشار لعدد من الرؤساء الوزراء التي مرت بالبلاد، ولذلك يرى كثيرون بأنه رجل الكفء والقادر على قيادة ولاية هيرشبيلي في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ محافظتي شبيلي الوسطى وهيران والقادر أيضا على الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الحكومة الاتحادية ومع كافة الولايات الأخرى.

يحمل عسبلى الجنسية الأمريكية، وتلقى تعليمه الجامعية في احدى الجامعات الأمريكية، والتي اكتسب منها خبرة واسعة وحنكة سياسية، تمكنه من تجاوز المشاكل الرّاهنة التي قد تسبب في عرقلة انطلاقة مسيرة التنمية والبناء في المحافظتين اللتان تعدان من أغنى المناطق الصومالية، فهما يتمتعان بثروات زراعية وحيوانية هائلة والتي إذا تم استغلالها بشكل أفضل تكفي أن تحول الصومال إلى مصاف الدول المتقدمة زراعيًا من خلال تنفيذ مشاريع زراعية وحيوانية ناهضة.

العقبات الكبرى: الأسس والمنطلقات للقضاء عليها

تعتري طريق الحاكم الجديد لولاية هير شبيلي علي عبد الله عوسبيلي عقبات كبيرة تتطلب إلى مزيد من الحنكة السياسية ومن أبرز هذه العقبات:

فالتركيبة السكانية في الاقليم والعلاقة غير الحميمية بين العشائر القاطنة في المحافظتين تعتبر من أهم العراقيل التي قد تضع العصا في دواليب عجلة التنمية والتطور في الولاية. هذه المشكلة كانت العقبة الكأداء التي تسببت إلى تأخر تشكيل إدارة هيرشبيلي وكانت شيوخ القبائل الكبرى متفقة على تشكيل الإدارة لكنها مختلفة على طريقة تقاسم السلطة ولا يزال شيخ عشيرة حوادالي التي ينتمي إليها الرئيس عوسبلي غير راض عن أداء الحكومة الاتحادية فيما تعلق بإدارة ملف اقليم هير شبيلي ونتائج مؤتمر تشكيل إدارة الاقليم، كما أن بعض القبائل المهمة الأخرى غاضبة كقبيلة “جرير ويني” من الحصة التي حصلت من الكعكة السياسية.

يقطن في محافظتي شبيلي الوسطى وهيران عشيرتان تعتبران غريمتان يمكن أن يختلفا على كل المسائل السياسية تجاه نظام الحكم وتتصارع على السلطة والنفوذ، وهما عشيرتا أبغال وحوادلي بخلاف الولايات الاقليمية الأخرى في الصومال التي يقطن فيها عشيرة كبيرة مسلحة وعشائر أخرى غير مسلحة تابعة للعشيرة القوية، وبالتالي فعلى الحاكم الجديد تحديد أولوياته وفرز بطاقاته والعمل بجديدة من أجل تقريب وجهات النظر بين العشائر القاطنة من جهة وتحسين علاقاتها مع الحكومة المركزية. وعلى الا يميل إلى طرف دون آخر وهذا قد يسبب إلى تعقيد الأمور وتوسيع هوة وفجوة الخلافات بين العشائر الاخوة. كما ينبغي للحاكم الجديد أن يوزع السلطة بين القبائل القاطنة في الاقليم بشكل يتسم بالشفافية والنزاهة وبعيدا عن الاعتبارات الحزبية والانتماءات الفكرية وعدم القبول بإملاءات الحكومة المركزية، بالإضافة إلي توجيه دعوة عامة للقبائل وبدون استثناء إلى مؤتمر عام للمصالحة ووضع ميثاق الشرف لإدارة الاقليم في المستقبل.

العلاقة مع الحكومة الاتحادية ومع الولايات الأخرى : يحتفظ الحاكم الجديد لهيرشبيلي علي عوسبلي بعلاقات جيدة مع المكونات المؤثرة في المشهد السياسي في البلاد ولا سيما مع فخامة رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود، ورئيس إدارة جلمدغ السيد عبد الكريم جوليد الذي لعب دورا رائدا في انجاح مؤتمر جوهر وأن ترى إدارة هيرشبيلي النور لإنشاء تحالف قوي بين الإدارتين، لكن تستدعي المصلحة السياسية أن يعطى اهتماما خاصا بالولايات الأخرى ولا سيما المجاورة منها كولاية جنوب غرب الصومال ليتسنى له أن يلعب دور الوساطة في الخلافات بين الإدارات الاقليمية كالخلاف بين إدارة بونت لاند وجلمدغ التي وصلت إلى حد الاقتتال والمواجهة المسلحة والتي راح ضحيتها عشرات الاشخاص من بينهم مدنيون ونزوح الآلاف وفق تقارير أممية.

حركة الشباب: وهذا تحدي عام وكبير أمام النظام السياسي في الصومال ولا يقتصر على ولاية دون أخرى. وبعد أكثر من 4 أعوام من تحرير محافظتي هيران وشبيلي الوسطى لا تزال تشكل حركة الشباب تحد حقيقي أمام القوات الحكومية وقوة بعثة الاتحاد الافريقي لحفظ السلام واصبحت عاجزة عن تأمين المنطقة بشكل كامل وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها وتحاصر الحركة على قرى ومدنا بأكملها في الاقليم كمدينة بولي بوردي، ولذلك فأمام على عوسبلي طريق طويل نحو مواجهة هذا التحدي وايجاد حل ناجع له.

تحدي التنمية: التحدي الحقيقي لحاكم هيرشبيلي الجديد هو إعادة بناء المحافظتين وتعميرهما، فالمحافظتين منطقة زراعية خصبة تشكل سلة غذاء للعاصمة مقديشو والمناطق الوسطى والمناطق الشمالية الشرقية وتمتاز المحافظتين اللتين يمر بهما نهر شبيلي بزراعة الحبوب والذرة بمختلف أنواعها الشامية والرفيعة وزراعة الخضروات والفواكه كالبرتقال والليمون وقصب السكر، وتزخر المنطقة كذلك بثروات حيوانية كبيرة خاصة الإبل والأغنام والأبقار بالإضافة إلى الثروة السمكية المليئة في سواحل محافظة شبيلي الوسطى. لكن هذه المحافظات تعرضت لتدمير كبير اثناء الحرب الأهلية التي ضعفت بالبلاد وحولته إلى منطقة فقيرة تتقاذفها المجاعة والصراعات القبلية على الكلاء والماء، وهي الآن بأمس الحاجة إلى من ينقذها من براثين الحرب ويفتح لها آفاقا جديدة نحو التقدم والازدهار.

خلاصة القول، فإن استصلاح منطقة هيرشبيلي وتنميتها هو السبيل الوحيد لتجاوز والقضاء على جميع العقبات الراهنة في تلك المنطقة خاصة والصومال بشكل عام، لذلك ينبغي على الحاكم  الجديد أن يضع على رأس أولوياته وضع خطة عاجلة وأخرى طويلة الأمد لتنمية المحافظتين اللتين تعدان من المناطق الأكثر كثافة سكانية  ويكثر فيها عدد الشباب الذي ينتظر من الحاكم الجديد أن يضع لهم  بنية أساسية  ويدربهم على الصناعات الحرفية اليدوية وبناء تجمعات سكنية حضارية لهم ووضع حوافز استثمارية غير مسبوقة تشجع على إقامة تجمعات صناعية ضخمة قائمة على المواد الخام المتوافرة في المحافظتين،  ولن يحدث ذلك دون الاهتمام بالتنمية في قطاعات الصيد والزراعة وربط المحافظة بمدن القناة لإحداث تنمية متكاملة ومستديمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى