صوماليلاند وبونتلاند على صفيح ساخن

تتكرر الأحداث الدامية في شريط الحدوي بين صوماليلاند وبونتلاند خاصة في الأوقات التى يقترب الانتخابات في صومالاند – كما نراها اليوم –، وأصبحت منطقتي سول وسناغ مسرحاً للاحتراب الداخلي، ولا يوجد أيّ بوادر أمل لإنهاء الصراع الحدودي بين الجانبين والذي يدفع ثمنه الأكبر  الشعب القاطن في الاقليم. وتنتهي غالباً الاشتباكات بتدخل من قبل زعماء العشائر في المنطقة، ومن ثم بعد شهور من توقف الاشتباكات يتجدد الصراع والتهم المتبادلة في وسائل الإعلام، حتّى صارت الحروب في المنطقة أمراً اعتيادياً، ولا تجد زخماً كبيرا في وسائل الإعلام المحليّة   ناهيك عن منصات التواصل الاجتماعي لوأد الفتنة، وإيجاد حل لجذور الأزمة.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع اندلع من جديد اشتباكات دامية في منطقة  “بودعدي Boodacade “  التى تبعد من مدينة “طَهَرْ ” 40 كلم من جهة الغربية، واسفرت الاشتباكات بقتل ثلاثة أشخاص وجرح سبعة آخرين من كلا الجانبين، واعتقلت صوماليلاند البرلمانيّ محمد فارح آدمو وعدد من حراسه بعد وقوع الاشتباكات، ولم تنته المخاوف من اندلاع الحرب مجدداً في المنطقة، وتقول الأنباء الواردة من الأقليم أن كلا الإدارتين حشدت جيوشها في شريط الحدودي، مما يعني أن المنطقة على صفيح ساخن.

أسباب الحرب الأخيرة

ومن الأسباب التى أدت إلى إندلاع الاشتباكات الأخيرة في المنطقة الشرقية للأقليم سناغ هي:

  • استعدادات المشهد الانتخابي في صوماليلاند: كما هو مقرر ستجرى انتخابات  في صومالاند في مارس/أدار 2017م، وبدأت بستجيل الناخبيين لعملية الانتخابية القادمة في أرياف التابعة لمديريات محافظة سناغ، هو الأمر الذي أدى إلي وقوع المواجهات الأخيرة.
  • زيارة وفود رفيعة من الإدارتين: قبيل بداية الحرب زار في منطقة سناغ الشرقية (هدافتمو – وبرن) الوزير أحمد حاج علي “عَدمي” ووفد مرافق له يضم عددا من شخصيات منحدرة للأقليم، وحمّلت هذه زيارة دلالات ترويجية للانتخابات القادمة، مما رأت بونتلاند بأنها “إعلان للحرب ” في الأقليم، ومن جانب آخر أرسلت بونتلاند وزير الثروة الحيوانية عبد جمال عثمان الذي ينحدر من الأقليم كخطوة مماثلة، وساهمت هذه زيارتين لإفتعال الحرب.

ما الحلّ إذاً؟

طال صراع الإدراتين على الأقليمين سناغ وسول، ولا يلوح في الأفق حلاً جذرياً ينهى الصراع برمته، ومما يصعّب المشكلة الحالية أن النخبة السياسة المنحدرة من الأقليمين منقسمة لكلا الإدراتين، ويسعى كلّ منهما أن يفرض سياسة إدراته على آخر. وبالتالي لابد من تدارك الموقع والاحتكام إلي العقل السليم والقيام بإحدى الخطوتيين:

1- الرجوع إلي الشعب: و بعد كل اشتباكات تبدأ مفاوضات تديره أطراف خارجية ومن ثم تسحب كل منهما الجيوش، وليس هناك جدية في  البحث عن حلول واقعية تستند إلى إرادة الشعب القاطنة في الأقليمين، فدائما يغيب صوت الشعب في تقرير مصير الأقليمين ، ولذلك من أحد الحلول الممكنة التى تنهي الصراع، الرجوع إلى الشعب، وإعطاء الدور إلى ” زعماء العشائر “، لأن الشعب بمختلف توجهاتهم هم المتضررون من الاقتتال.

2- تدخل الحكومة الإتحادية: لم تقدم الحكومة الإتحادية بأي دور ملموس في الأزمة الأخيرة، وأن طبيعة الأزمة الإدراتين المعقدة يبدو أنها أدت إلى عدم إعلان الحكومة الإتحادية عن نيتها لبحث سبل لتسوية الأزمة، فنظراً لتجدد الصراع في هذه الأيام؛ فيجب على الحكومة الاتحادية البحث عن حلول جذرية ينهي الصراع الطويل في الأقليم.

ومن الغريب أن المنطقتين التى يتنازع عنها الإدارتين لا تجد عادة نصيبها من المشاريع التنموية على غرار ما تجدها باقي مناطق الإدارتين، ورغم ذلك أصبحت مسرحاً للإقتتال الداخلي في أوقات الانتخابات فقط، وبالتالي من ضروري لكلا الإدارتين إعادة النظر لسياستهم في الإقليمين.

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى