وقف نشاطات منظمة نايل التركية في الصومال والآثار المترتبة عليه

في إطار ردود الأفعال الدولية الرسمية والشعبية المتضامنة مع الحكومة التركية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة, أصبحت الصومال من أولى الدول التي أعلنت عن تضامنها مع الحكومة التركية الشرعية وقيادتها نظرا للعلاقة الخاصّة بين البلدين على المستوى الحكومي والشعبي منذ عام2011, فقد أصدر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود منذ اللحظات الأولى لانطلاق أحداث الانقلاب بيانا صحفيّا يدينه فيه ويصفه بالمخزي وغير المقبول, مؤكّداً وقوف دولته إلى جانب حكومة وإرادة الشعب التركي, وتلت ذلك مظاهرات شعبية حاشدة في العاصمة مقديشو نظمتها محافظة بنادر للتنديد بالانقلاب, كما أصدر مجلس الوزراء يوم السبت بتاريخ 16 يوليو قرارا بوقف جميع نشاطات منظمة نايل التركية في الصومال, وإمهال العاملين فيها سبعة أيام تبدأ من تاريخ 17 الأحد لمغادرة البلاد.

يتساءل المحللون عن الآثار التي تترتب على القرار الحكومي بطرد منظمة نايل التركية والتي تعد من كبريات الهيئات التركية العاملة في الصومال في المجال الإغاثي والتعليمي والصحي.

منظمة نايل ودواعي الاغلاق: تتبع المنظمة للزعيم التركي المعارض فتح الله غولن المقيم في أمريكا والذي اتهمه الرئيس أردوغان بتدبير الانقلاب في تركيا .

وللمنظمة مشاريع أخرى في بلدان عدة, وقد وصلت إلى الصومال ضمن المنظمات التركية التي رافقت الحملة الإنسانية التركية التي كان يقودها الرئيس أردغان في زيارته في عام 2011 إثر المجاعة التي ضربت البلاد آنذاك.

بدأت المنظمة تنفذ مشروعات صحيّة  وتعليميّة ربحيّة, من بينها المدرسة الثانوية التي أسمتها مدرسة بدر التركية, والتي أقيمت في مقر معهد التدريب المهني السابق والمعروف بمعهد بولو تكنيكو في حي وابري, ومستشفى ديفا التعليمي، أقامته في مقرّ مدرسة (بنادر الثانوية) السابق في حي تليح، ومدرسة ثانوية تركية, بالإضافة إلى ابتعاثها طلاباً صوماليين في منح دراسية إلى الجامعات التركيّة.

وتبرر الحكومة قرار إيقافها نشاطات المنظمة  بما أسمته اعتبار الطلب الذي جاءها من الحكومة التركية الشقيقة .

وجهات نظر متباينة حول قرار طرد المنظمة: تباينت وجهات النظر الصوماليّة حول القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في طرد منظمة نايل من الصومال, حيث وصفه الكثيرون  بأنه قرار صائب نظرا لأهمّيّة طلب الحكومة التركية التي وقفت إلى جانب الشعب الصومالي وحكومته في أحلك ظروفهم, وبعيدا عن التضامن مع الحكومة التركية, كان الكثير من الصوماليين يعارضون  عمل هذه المنظمة من زاوية الصفة القانونية التي تسمح لمنظمات كهذه بمزاولة أعمال ومشاريع ربحيّة بحتة، لا يستفيد المواطن الصوماليّ من خدماتها إلا بعرق جبينه سواء في الدراسة في مدارسها أو الاستشفاء بمستشفياتها أو المشاركة في الأعمال البنائية لمقرّات هذه المشروعات كعامل بناء، حيث إن المنظّمة عادة ما تعتمد في إنشاء مقرّاتها على ترميم أو إعادة بناء المباني الحكوميّة المتهدّمة, هربا من تكلفة إيجار  المباني الخاصة.

ومن الجدير بالإشارة أن المنظمة تتخذ مقرّاتها من بعض المباني الحكوميّة، كمعهد بولو تكنيكو والذي بنته دولة كوريا الشمالية كهدية للشعب الصومالي, جعلت منه المنظمة مدرسة ثانوية تركيّة, يدرس فيها الطلاب برسوم دراسية قيمتها في السنة ما يقارب 1200$, على الفرد الواحد، وهو يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تكلفه الدراسة في المدارس الصوماليّة في السنة بالنسبة للفرد الواحد، والذي لا يتجاوز معدّله 336$ في السنة. وكمدرسة ( بنادر الثانوية ) والتي بناها الصوماليون بالعمل التطوعيّ, اتخذت منها المنظمة مستشفى تعليمية ومدرسة تستقبلان المواطنين بمبالغ مالية باهظة, مع كونها تستفيد  لمشاريعها من مباني القطاع العام, مما جعل الكثير  من الصوماليين يضعون علامات استفهام على طبيعة أعمال المنظمة.

بينما يصف الكثير من الصوماليين هذه القرارات الحكومية بالمتسرعة، وأنها لا تخدم لمصلحة البلاد بقدر  خدمتها لمصالح الغير .

الآثار المترتبة:لا شكّ أنّ طرد منظمة كانت تدير أعمالاً بهذا الحجم والأهمّيّة يرتبط بها كثير من المواطنين، يترك آثاره عليهم، وبصورة أشدّ فيما يتعلق بالأنشطة التعليمية التي يستفيد منها أكثر من ألفي طالب. ولا يتوفر تعليم ومنهج مطابق له في المدارس الصوماليّة حتى يتيسر للطلاب استكمال تعليمهم، دون أن يضطرّوا إلى إجراء تحول يؤثر سلباً على مسار تعليمهم وعلى تحصيلهم. لذا تكون آثار  هذا القرار شديدة على هؤلاء الطلاب، وعلى الطلاب الآخرين المبتعثين إلى تركيا عبر المنظمة، حيث قد تتخذ المنظمة إجراءات تعسفية بحقهم كردة فعل على القرار الحكومي, كأن تتخلى عن الوعود التعليمية والتوابع التي تستلزمها العملية التعليمية. إلى جانب تأثيرات هذا القرار على المستفيدين من مستشفيات المنظمة من المرضى والكوادر الطبية الصوماليّة العاملة فيها، على الرغم من أن الحكومة أكّدت استعدادها هي والحكومة التركيّة لملئ الفراغ الذي سيطرأ.

ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، ويتنبؤون باحتمالات أكثر وقعاً نتيجة مثل هذه القرارات التضامنيّة التي تؤكّد على التضامن مع دولة ضدّ دولة أو كيانات أخرى دون أن يكون هناك تصادم وطني معها. وينطبق ذلك على هذا القرار المتضامن مع تركيا والقرار المشابه له، والذي أغلقت بموجبه السفارة الإيرانيّة, وطردت مؤسسة الإمام الخمينيّ تضامنًا مع المملكة العربية السعودية حينها, يتنبؤ بعض المحللين بأثر ذلك على مستقبل تشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد، لتعلقه بجانب الأمن السياسي الذي له اعتباره في عوامل جذب الاستثمار الأجنبيّ.

زر الذهاب إلى الأعلى