ما حجم الدور الإسرائيلي في الصومال ؟

دعا ناشط وكاتب صومالي في مقال نشرته مجلة فورن بوليسي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للقيام برحلة إلى الأراضي المقدسة ( يعني الأراضي الفلسطينية المحتلة) وحذّر من إضاعة الوقت في البلدان التي لها نفوذ وتأثير محدود للغاية.

وامتدح الكاتب بالانجازات والتطورات التي قال إن اسرائيل حققت في مجالات العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد، مطالبا بالاقتراب من الكيان الاسرائيلي للاستفادة من تلك المقدرات الهائلة التي تملكها إسرائيل.

وبالغ الكاتب أهمية الكيان الاسرائيلي للصومال وذكر بأنه يملك مفتاح المشكلة الصومالية ، وقادر على تحويل الصومال إلى جنة خلال  فترة قصيرة  إذا ما وجدت قادتها الشجاعة الكافية لمطالبة ذلك.

فيما يبدوا مقال هذا الناشط الذي يدعى عبد الرحمن ديري ومقره في أديس بأبا بإثيوبيا، لم يأت من فراغ، وكان الهدف منه جس نبض المسؤوليين الصوماليين، وكشف اللثام عن تحركات سرية تقوم بها اسرائيل داخل النخب الصومالية ودوائر صنع القرار  من أجل أن يكون لها موطئ قدم في الصومال.

الخبر المدوي

لم يأخر نتيجة هذه التحركات، حيث أعلن لأول مرة في تاريخ الصومال عن لقاء – بغض النظر عن صحته من عدمه- جرى بين رئيس صومالي ورئيس الوزراء الكيان الاسرائيلي.

نشرت صحيفة اسرائيلية نقلا عن مصدر مسؤول صومالي لقاء رئيس الصومال حسن شيخ محمود ونتنياهو رئيس الوزراء الكيان الصهيوني.

وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في تقرير لها إن اجتماعا سريا جمع بين رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في إسرائيل، دون تحديد مكان وتوقيت أو هدف الاجتماع.

وجاء هذا التقرير تأكيدا لتقرير نشره موقع الكتروني صومالي معارض والذي كشف عن زيارة سرية قام بها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلي مدينة تلابيب، نقلا عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد شرماركي، والذي طلب عدم كشف هويته.

غادر الرئيس حسن شيخ محمود في ٢٠ من شهر يونيو الماضي البلاد في زيارة سرية متوجها إلي جيبوتي ثم غادر منها سرا إلى تلابيب ولم يرجع الا في وقت متأخر من ليل هذا اليوم دون أن يذكر ما إذا التقى مع نتياهو وفق مصدر مكتب رئيس الوزراء الذي تحدث للموقع الالكتروني الصومالي .

وجادل الموقع الالكتروني بأن لديه نسخة من رسالة الدعوة التي تلقها الرئيس حسن شيخ محمود من المسؤولين الاسرائيلين لكن رفض نشرها لخطورة الموضوع.

وذكر الموقع أسماء بعض المسؤولين الذين نسقوا اللقاء ورافقوا الرئيس في زيارته الي تلابييب من بينهم عبد علي غيس ، البرلماني، ورجل الأعمال المعروف بمواقفه المؤيدة لتجارة نبت القات ومشاركته في صفقات اسلحة غير مشروعة، بالاضافة إلي عبد الرحمن آدم عثمان كمبالا، وإبراهيم موسي أبوبكر المسؤولان في القصر الرئاسي .

نفي غير مقنع  

وفي هذا السياق نفت وزراة الخارجية الصومالية  في بيان لها حدوث اجتماع بين شيخ محمود ونتياهو.

الا أن صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أكدت حدوث اللقاء، بل وأشارت إلى أن اللقاء جاء بعد انعقاد اجتماع بين مسؤولين من الصومال والكيان الاسرائيلي على مستوى أقل في القدس في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي دون ذكر الاشخاض التي شاركت في هذا المؤتمر.

كان نفي الحكومة خجولا و لم يشف غليل المتحمسين بشدة إلي معرفة حقيقة  اللقاء الذي قيل أنه جرى بين رئيس وزراء كيان الصهيوني والرئيس حسن شيح في تلابيب، بل رأى بعض المراقبين بأنه اعتراف ضمني، لأن بيان الوزارة الخارجية جاء بصيغة فضفاضة قابلة لكل الاحتمالات، ولم يستبعد وقوع لقاء بين الجانبين في المستقبل.

وقال البيان “إن الصومال ونظراً للظروف الحساسة والخاصة التي تمر بها، ورغم حرصها على تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة، التي من شأنها أن تخدم مصالح الأمة مع جيرانها وحلفائها الذين هم في العالم.

وأضاف البيان أن خبر اللقاء بين الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإسرائيلي غير صحيح بالمرة، نافيا  فقط عدم اجراء اتصالات مباشرة بين الصومال وإسرائيل (حتى الآن)”  لذلك لم ينف البيان  وجود اتصالات غير مباشرة ولم يستبعد وقوع لقاء علني في المستقبل القريب .

وذكر محمد عبد الله جوسار الكتاب الصومالي في معرض حديثه عن بيان وزارة الخارجية أن البيان يقدم مسوغات لحدوث مثل هذا اللقاء مستقبلا.

وقال إن البيان كله يتحدث عن استعداد الصومال للتعاون مع كافة دول العالم دون استثناء، وبالتحديد في مواجهة الارهاب، مشيرا إلى أن نفي وقوع اللقاء بين الرئيس الصومالي حسن شيخ ورئيس الحكومة اليهودية نتنياهو.. لم يأت الا في آخر سطر في البيان.

تزامنت هذه التقارير مع جولة وصفت بالأولى من نوعها قام بها  رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عدد من الدول الإفريقية كينيا ، وأوغندا، واثيوبيا، وروندا. وهذا أيضا مؤشر قوي على احتمالية وجود دور إسرائيلي نشط في الصومال في المستقبل.

احتمالات التطبيع

الصومال دولة إسلامية وعربية ولم تعترف بإسرائيل ولا تقيم علاقات دبلوماسية إطلاقا معها لكن كان هناك ولا تزال أصوت صومالية بعضها مسؤولة تدعوا الي اقامة علاقات علنية مع اسرئيل.

ففي عام ١٩٧٨ دعا نائب في البرلمان الصومالي إلي تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني علنا وهاجم بشدة إلي بعض المسؤولين الذين يقومون علاقات سرية مع الكيان الصهيوني وليس لديهم الشجاعة الكافية لإعلان ذلك.

لا يستبعد بعض المراقبين حدوث لقاءات سرية أو علنية بين مسؤولين صوماليين واسرائيليين في السنوات المقبلة تمهد الطريق لاقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، نظرا لسببين وجيهين:

 السبب الأول: دور ونفوذ جماعات الضغط الداعمة للحكومة الصومالية، ودول الجوار الصومالي ولاسيما كينيا واثيوبيا اللتان تحتفظان بعلاقات قوية مع الكيان الصهيوني في صنع قرارات وسياسات الحكومة الصومالية الخارجية.

والسبب الثاني: رغبة بعض الزعماء الصوماليين في الاستمرار في السلطة والبقاء فيها لأطول فترة ممكنة، ولذلك قد يتخذون كل السبل الممكنة في سبيل تحقيق  هذا الهدف حتى وان لزم الامر التطبيع مع الكيان الصيهوني.

العلاقة بين صومالاند و اسرائيل

وعدت إسرائيل بالاعتراف بمنطقة أرض الصومال شمال البلاد في 2010 بشكل رسمي إلا أنها لم تنفذ وعدها بسبب ضغوط من جامعة الدول العربية التي جابهت توجه الكيان الصهيوني بشكل حازم ولا سيما جمهورية مصر العربية التي قالت إنها “لن تسمح أبدا بتفتت وتقسيم الصومال”.

وعقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية الأربعاء الماضي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة الذين عبروا في القرارات الصادرة عن اجتماع دورتهم 133 عن القلق بشأن التقارير التي تشير إلى أن إسرائيل قد تعترف بـ”جمهورية أرض الصومال”.

جاء قرار اسرائيل باعتراف منطقة أرض الصومال عقب كشف  موقع “صومالي لاند برس” أن “عددا من المثقفين والزعماء من أرض الصومال في كندا عقدوا اجتماعا مغلقا مع مسئولين صهاينة وكنديين في مكان غير معلوم بكندا.

على الرغم الضغوط العربي الا أن اسرائيل فيما يبدو لم تتنازل مطلقا عن طمعها في الحصول على موطئ قدم في الصومال التي هي ضمن القرن الذهبي الذي كان على الدام ساحة لصراع قوى عالمية نظرا لأهميته الاستراتيجية ووقوعه على الطرق العالمية للبترول، وارتباطه بمنظومة أمن البحر الأحمر.

ووفقاً لما نشرته صحيفة هآرتس العبرية في عددها الصادر في 11 من شهر فبراير الماضي  2010، أثناء مقابلة لها مع المتحدث باسم الوزارة الخارجية “بيغال بالمور”، أشار إلى أن إسرائيل مستعدة للاعتراف بأرض الصومال، وأن إسرائيل كانت أول دولة اعترفت بأرض الصومال مند استقلالها عام 1960 قبل توحد شطري الجنوب والشمال ليشكلا معًا جمهورية الصومال وتغدو مدينة مقديشو عاصمة لهما.

واستشهد بيغال بالمور بالعلاقات الحميمة بين الصهيونية ودول عديدة في القرن الأفريقي، وأكد على أن إسرائيل لها صلة مع تنزانيا وأوغندا وجيبوتي (الأخ الصغير للصومال).

فالدور الاسرائيلي كان واضحا منذ التسعينات من القرن الماضي، حين استغلت  عملها الانساني واقامت علاقات مع قادة الفصائل الصومالية والجبهات المسلحة، وبدأت جمعيات ومنظمات صهيونية أمريكية، وجماعات تبشيرية يهودية ، من بينها شهود يهوه بدور مهم في عمليات تبشيرية منتظمة تحت غطاء المساعدات الانسانية في  أكثر من منطقة في الصومال

زر الذهاب إلى الأعلى