الطريقة الربيعية في الصومال (تمووين):(الجزء الأخير)

تكملمة طقوسات الطريقة:

ثانيا: البرخدله:

ويما رسون هذا الطقس مساء يوم الجمعة من كل أسبوع على سبيل الدوام وعلى شكل حلقة مستديرة تفرش في وسطها مفرشة فاخرة مخصصة تستعمل فقط في البرخدلة والمناقب والحفلات الموسمية لذكرى وفاة المشائخ.

والبرخدلة عبارة عن سبع قصائد كلها من نظم الشيخ محمد ربيع في الاستغاثة بالشيخ يوسف برخدلة (يوسف الكونين) وبعض تلامذته مثل الشيخ يوسف بن مامة والشيخ إسحاق والشيخ القطبي والشيخ أبي يونس وقصيدة للجيلي، ويختم بقصيدة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فهذه أمثلة من كل قصيدة من هذه القصائد السبع نعرضها هنا:

القصيدة الأولى في الشيخ يوسف مامة

مددا يابن مامة*جد سريعا إمام

أنت باب الحضرات *أدخلنا في المقام

بهيّ وبرهان*وبهجة الأنام

توّجني تاج طه تاج عزّ الإسلام

ثاثت القول ثبتني*سلك أهل الكرام

جاهل قد أتاك*جد له بالعلوم

حاوي السرّ حميمي*حامني من لئام

خاب من قد عصاك*يا خفير الأيتام

والقصيدة الثانية في الشيخ إسحاق الذي تنتسب إليه قبيلة الإسحاق

مدد بالله مدد بالله*يا شيخ إسحاق فجد بالله

أغثنا أيها القطب*فكن نصري بإذن الله

بشرنا بالفتوحات*فأنت باب كنز الله

تفضل أيها القطب*بفيض من علوم الله

ثباتا منك يا عوني*ثبتنا سلك أهل الله

جميل جامع الفضل*جواد جد بجود الله

حبيب حاوي السر*حفيظ حكم شرع الله

والقصيدة الثالثة في الشيخ عمر القطبي:

شي لله قطبي *شي لله قطبي* جدلنا ياولي *المدد قطبي

اسمك عمر نورني قمر*أعطني غررا*المدد قطبي

أنت نسل الأخيار*أنت أصل الأطهار*بادرن بالإسرار * المدد قطبي

أنت بحر العلوم*أنت باب الفهوم*فارفعن عن هموم *المدد قطبي

أنت شرب المريد *أنت سيف المريد*فانحرن بالعنيد* المدد قطبي

أنت ليث الوغى*قاتلن من بغى*من عتاة طغى*المدد قطبي

أنت نور الإسلام*أنت كهف الأنام*أنلنا بالمرام*المدد قطبي

والقصيدة الرابعة:

الله الله الله الله الله*توسلنا بشيخ هذا المقام

يا إلهي بحرمته جد مرادي* كل وقت في ذي الدنا والقيام

ومنها:

وتمسك بذيله كل آن*صاحبي صح مديحه لا تلام

من تمسك بحبله لا يخاف*من عدو وحاسد وطغام

ومنها:

عمدة للعباد عون المنادي*عارف للإله عيد الأيام

والقصيدة الخامسة في الشيخ أبي يونس:

مدد بالله أبا يونس* فجدولي برضوان

فيا شيخ البلاد كن*معينا كشف ضران

متى صحت باسمك قل*فخذ إبني بكفان

ومنها:

بذي الدنياوأخرانا*فكن جنبي بعيان

فكم أتاك ملهوف *فكشف بذا الآن

فكم طرت من الطكر*إلى هرر بلحظان

ببلدة حاتم العالي*برخدله باب عرفان

ثالثا: المناقب:

وهي قصائد منقولة من كتاب الفيوضات الربانية في مناقب وأوراد القادرية تقرأ في عصر يوم الأربعاء لمجيء الشيخ عبد القادر الجيلاني، لكن يوسف بحر يحثهم على الاستعداد لمجئ الجيلاني في ذلك اليوم بدءًا من عصر يوم الثلاثاء وهذا ما قاله في قصيدة بنصيحة المريدين:
وفي حانوتنا كونو* حماة الدين حامينا
وعصر من ثلاثا اليو*م كونوا مستعدينا
بتعظيم وتكريم *قدوم الغوث ناوينا
بآداب وإخلاص*وكونوا ذا مديمينا

وتنسب هذه القصائد إلى الشيخ عبد القادر الجيلي فأولى هذه القصائد تسمى الوسيلةويقول فيها:

نظرت بعين الفكر في حان حضرتي*حبيبا تجلى للقلوب فحنت

سقاني بكأس من مدامة حبه*فكان من الساقي خماري وسكرتي

ينادمني في كل يوم وليلة *ومازال يرعاني بعين المودة

ضريحي بيت الله من جاء زاره*بهرولة يحظى بعز ورفعة

وسري سرالله سار بخلقه*فلذ بجنابي إن أردت مودتي

وأمريَ أمر الله إن قلت كن يكن*وكل بأمر الله فاحكم بقدرتي

ويقول:

فلا علم إلا من بحار وردتها*ولا نقل إلا من صحيح رواياتي

على الدّرة البيضاء كان اجتماعنا*وفي قاب قوسين اجتماع الأحبة

وعاينت إسرافيل واللوح والرضا*وشاهدت أنوار الجلال بنظرتي

وشاهدت ما فوق السموات كلها*كذا العرش والكرسي في طيّ قبضتي

وكل بلاد الله ملكي حقيقة*وأقطابها من تحت حكمي وطاعتي

حتى قال:

ومطلع شمس الأفق ثم مغيبها**وأقطار أرض الله في حال خطوتي

أقلبها في راحتي مثل كورة ***أطوف بها جمعا على طول لمحتي

أنا قطب أقطاب الوجود حقيقة*على سائر الأقطاب عزّي وحرمتي

توسل بنا في كل هول وشدة*أغيثك في الأشياء طرا بهمتي

أنا لمريدي حافظ مايخافه*وأحرسه من كل شر وفتنة

مريدي إذا ماكان شرقا ومغربا*أغثه إذا ما صار في أي بلدة([1])

والقصيدة الثانية:

على الأوليا ألقيت سري وبرهاني*فهاموا به من سر سري وبرهاني

فأسكرهم كأسي فباتوا بخمرتي*سكارى حيارى من شهودي وعرفاني

أنا كنت قبل القبل قطبا مبجلا*وطافت بي الأملاك والرب سماني

خرقت جميع الحجب حين وصلت في*مكان به قد كان جدي له داني

حتى قال:

وصلت إلى العرش المجيد بحضرة* فنادمني ربي حقا وناجاني

نظرت لعرش الله واللوح نظرة*فلاحت لي الأملاك والرب سماني

وتوجني تاج الوصال بنظرة*ومن خلف التشريف والقرب أكساني

فلوأنني ألقيت سري بدجلة*لغارت وغيض الماء من سر برهاني

ولو أنني ألقيت سري على لظى*لأخمدت النيران من عظم سلطاني

ولو أنني ألقيت سري بميت*لقام بإذن الله حيّا وناداني

وقفت على الإنجيل حتى شرحته*وفسرت توراة وأسطر عبراني

كذا السبعة الألواح جمعا فهمتها*وبينت آيات الزبور وقرآن

وفكيت رمزا كان عيسى يحله*به كان يحي الموت والرمز سرياني

وغصت بحار العلم من قبل نشأتي* أخي ورفيقي كان موسى بن عمران

إلى آخر القصائدوتتم قراءة هذه القصيدة على الصفة التى سبق ذكرها.

رابعاً:التوسل
وهي قراءة لقصيدتين من نظم الشيخ عبد الرحمن الزيلعي تقرأ بدون التصفيق ولا ضرب الطبل عقب صلاة الفجر على سبيل الدوام كراتبة للطريقة، وهو توسل إلى الله بالنبي وأصحابه وأهل البيت ومشائخ الطريقة وغيرهم. ومطلع القصيدة الأولى:
رباه يارباه يارباه *أغفر لعبد قال يا الله

وفيها يقول:

وبعد ذي أرجوزة جليلة*سميتها جوهرة الوسيلة

توسلي باسم الإله الواحد*وبالنبي الهاشميّ الماجد

وبأبي بكر وسيدي عمر*كذاك عثمان الذي حاز الفخر

وبعليّ طلحة زبير *سعد سعيد فاضل نحرير

كذا ابن عوف عامرالذي قتل*أباه فاعلمن بذا نلت الأمل

ومنها:

يا آل بيت سيدي محمد*أنتم ذخائري وأنتم عمدي

أنتم مفاتيح لباب جدكم*أساس إيمان الأنام حبكم

و القصيدةالثانية:
الله الله إله الخلق يا الله ويامن ما لنا إلا هو

أسألك اللهم ذا الجلال*والفضل والإحسان والكمال

بمظهر الجلال والجمال*والبرزخ الكليّ ذي النوال

وأشرف الخلائق الإنسانية*ومجمع الحقائق الإيمانية

طور التجلي مهبط الأسرار*مظهر سور الجود والأنوار

محمد وسيلة الوسائل*لب اللباب قائد الأماثل

وفيهايقول:

أدخل نفوسنا بعين الجمع*أغرق نفوسنا بجمع الجمع

وأزل الحجاب عن قلوبنا*وبصرن فؤادنا عيوبنا

فاجمع قلوبنا عليك جامع*وامنع كروبا هائلة مانع

سلم جميعي يا سلام من ضنى*بالقهر ياقهار اقهر عدونا

فحققن نفسي يا ذا الألاء*حقائق الصفات والأسماء

واقض إلهي كل حاجةلنا*من كل ما فيه صلاح شأننا

وهب لنا كشفا مقدسا بلا*لبس من الشيطان يا مولى علا

خامساً: الرقص والسماع/xadro/:

وهذا الطقس يمارس في الأسبوع مرة، وبعد الفراغ من العشاء غالبا ويقل تطبيق هذا العمل في المراكز التي يتكاثر فيها ذوو الشعر القليل، إلا أن تكون فيهم نخبة تعرف القصائد التي تقرأ فيها، وهذا الطقس يختلف عن بقية الطقوس بكونه يمارس في حالة وقوف حتى الانتهاء منه ويكون مصحوباً بحركات تمايل واضطراب واهتزاز كتصويب الظهر والانحناء مع زفرات وأصوات إيقاعية مختلطة تنتظمها مكررة زفرة ” أه أه أه ” وفي بعض المواقف يحركون أيديهم تارة إلى اليمين وأخرى إلى اليسار بالتمايل والرقص.

ومن القصائد التي يقرأونها في السماع والرقص قصيدة علم القادرية للشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله الشاشي المعروف بحاج صوفي، وهذه نماذج من هذه القصيدة:

شي لله يا عبد القادر*محي الدين في قلب حاضر* شي لله لله بادر* المدد يا عبد القادر

ومنها

يا إمام البدلاء *وأمير النجباء* وغياث الفقراء *جد وقم واسمع وبادر

قم وبادر يا مرادي* للمريد والمنادي* لك في حن اعتقادي* في الدياجي والهواجر

مددا منك وعونا*بك يا بر رجونا*إذ ببابكم دعونا*في البراري والبنادر

حتى قال:

عبد الرحمن نحاكم * قاصدا فضل قراكم * مستجيرا بحماكم * من فجور كل فاجر

فضلكم في الأولياء *مثله في الأنبياء*من يداني في علاء*أو يساوي في المآثر

فبكم تمحى الخطايا * وبكم رفع البلايا * وبكم صرف الرّزايا*وبكم تزكو البيادر

ومن القصائد التي يقرأونها في هذا السماع قصيدة روح العاشقين للشيخ عبد الرحمن الزيلعي مطلعها:

لنا قطب علا أوج المعالى**إمام الكل في طرق الوصال

عظيم الشأن مخطوب المعالى*لسان الحال أغنى عن مقالي

له في الحب أحوال جسام**وفي التفريد أعلام عوالي

له التصريف والتمكين حقا**له المجد المؤثل يا موالي

حتى يقول:

كفانا شيخنا الجيليّ فخرا**كفانا سيفه عند القتال

إذا ما خفت من كرب شداد**فنوه باسمه يا ذا المعالي

ولذا يقولون عند الكرب والشدائد: يا ذا المعالي,يستغيثون بالجيلي عملا بهذا البيت وتطبيقا لهذه التعليمات من الشيخ الزيلعي.

ومنها قصيدة جيلانية للشيخ الزيلعي أيضا ومطلعها:

يا سيّدي كن لي ظهيرا بالمدد*يا سيّد السادات عبد القادر

وفيها يقول:

ذاك هو الجيلي علت سماته* فوق الثريا والسحاب الماطر

صاحب بغداد وكنز حقائق*ودقائق ورقائق يا سامري

طود الشريعة ماله مزعزع*غوث الأنام لدى اللطيف الساتر

حتى يقول:

خضعت رقاب الأوليا لك سيدي*يا عالي المقدار كنز السرائر

يا من يروم القرب من مولاه قم*متوسلا بالشيخ عبد القادر

وملازما لنهجه المتبلج*بالذل لا بتفاخر وتكابر

عن بابه المفتوح لا تتحول*مترقبا لعطائه المتكاثر

وقل بقلب خاشع متضرع*متوجه لجناب بحر زاخر

وغيرهما.

سادسا: الحفلات الموسمية

في كل مركز من مراكز الطريقة تقام حفلة لذكرى وفيات المشائخ المذكورين في القائمة الآتية، فيسهرون في الليلة التي تصادف ليلة وفاة كل شيخ من هؤلاء المشائخ من كل عام، يسهرون لإحياء هذه الليلة بإنشاد القصائد التي نظمت في مدحه، ودق الطبول والتصفيق وسرد كراماته وذكر مناقبه وذكريات حياته. وفي الصباح ينحرون ما تيسر لهم من الأنعام ويأكلون منه.

وإليكم قائمة الحفلات الموسمية والمشائخ الذين تقام لهم حفلات موسمية لذكرى وفياتهم.

  • الشيخ إسماعيل الجبرتي في آخر أربعاء من شهر صفر
  • المولدالنبوي 12 ربيع الأول
  • الشيخ الزيلعي 5 ربيع الثاني
  • الشيخ إسماعيل المقدشي 7ربيع الثاني
  • الشيخ الجيلاني 11ربيع الثاني
  • عيدروس 15 ربيع الثاني
  • عبد السلام في أول جمعة من الظلام (gudcur)منربيع الثاني
  • يوسف الكونين في ثالث جمعةمن جمادي الأولى
  • محمد خليف شهر 22 من جمادي الأولى
  • الشيخ أبايونس في 15 من شهر رجب
  • الشيخ محمد ربيع 18 شعبان
  • محمود معلم عمر 25ذي القعدة

سابعا: الفداء:

وهي مائة تهليلة تقرأ على روح الميت لدى مفارقته الحياة، وهذا يسمونه الفداء ((fidyo ويكملون القرآن قراءة، إهداء لروحه عسى الله أن يرحمه بسبب ثواب القرآن.

لفتة على بعض كلام الشيخ:

هنا سنذكر بعضا من  كلام الشيخ محمد ربيع التي ذكرها الشيخ علي عرب – الذي وافته المنيّة قبل أيام-في كتابه زناد الأشواق.

من كلامه:”ما بلغ أحد إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة ومعانقة الآداب، وأداء الفرائض،وصحبة الصالحين”.

ومن كلامه”إن أولياء الله شاهدوا ببصائرهم على طريق المكاشفة كتابا أنزل إليهم من السماء بسلسلة ذهبية، ومما جاء فيه الخطاب التالي: إن الله يأمر أولياءه ألا يطلبوا منه إعطاء أي خارقة عظيمة إلى أجل معلوم، وكان ذلك في عام 545ه”.

نقطة الختام:

أختتم كتابتي عن الطريقة الربيعية بالتنويه بأنها حركت المياه الراكدة وأثارت ردود أفعال مختلفة، فمن القراء من أشاد بالمقال وأثنى على طريقة الصياغة ووصفني بسعة الاطلاع على خبايا الطريقة، ومنهم من وصف الدّراسة بالحيادية، وطلب مني الانحياز نحو الطريقة، ومنهم من انتفض وثار وأرغد وأزبد وهدد وطلب إيقاف الحلقات واعتقد أن هذا انتقاص لمكانة الطريقة، ومن أغرب ما سمعت قول بعضهم من أتباع الطريقة أن الأعلام التي نوهت بها في صلب المقال السابق قصدت منها تقديم قائمة بأسماء الأعلام إلى جهة معينة بهدف التصفية، سبحان الله!!!!! لا يقول هذا إلّا من يعيش في كابوس الخوف الخيالي ووهم العداء المصطنع، ولست أرى أني بحاجة لتبرئة ساحتي من هذه الدّعوى الكاذبة، لأن الأيّام القادمة كفيلة ببيان فبركتها وكونها من نسج الخيال لا غير. ومن بين أتباع الطريقة من قدّم إليّ ملاحظاته بتؤدة وهدوء ، وتتلخص تلك الملاحظات في الآتي:

  • الملاحظة الأولى ذكر أنهم لا ينكرون وجوب الجمعة، ولكنهم مقيمون والجمعة تجب على المستوطنين حسب كلامه وأنا في مقالي السابق لم أتهمهم بإنكار الوجوب وإنما بتركها وما ذكره بيان لسبب تركهم الجمع.
  • الملاحظة الثانية: ذكر أنهم يصومون ويفطرون لرؤية الهلال ونفى كونهم مرتبطين في هذا الأمر بيغوري، أقول:وما ذكرته في المقال السابق كان عن مشاهدتي وملاحظتي فيهم لأني كنت أعيش في حضرة الطريقة وزاويتها والله أعلم بالصواب.
  • الملاحظة الثالثة: ذكر أن منع الشيخ محمد ربيع لتعاطي القات والسجائر لم يكن لمضارهما بل لمصالح أخرى، وكان هدفه الحث على تقليل تعاطيهما وعدم الوصول إلى حدّ الإدمان.

وأخير أعتذر عن كل خطأ وسهو بدر مني أثناء كتابة الموضوع، وأظنني لم أتحامل على الطريقة ولم أوثر الانحياز إليها على حساب الحقيقة.

[1]-الفيوضات الربانية (50)

أحمد ولي شريف حسن

باحث صومالي مقيم في غاريسا-كينيا، مهتم بالشعر والكتابة
زر الذهاب إلى الأعلى