قوانين الصومال، نظرة من الداخل (8-8)

التجربة الدستورية الصومالية

تعريف الدستور:

هناك معياران يتبعهما الفقهاء عادة عند تعريف الدّستور، أحدهما شكليّ يعطي الأهمّيّة للإجراءات المتّبعة، وهو الذي نأخذ به عند حديثنا عن الدّساتير الصوماليّة لأننا نتناول القواعد الدستورية من غير الوثائق المكتوبة كالأعراف وغيرها.

وثانيهما موضوعيّ يعطي الأهميّة لطبيعة القواعد الدستوريّة بصرف النظر عن الإجراءات المتّبعة في إصدارها وتعديلها.

ويمكننا أن نعرّف الدستور بأنّه: مجموعة القواعد القانونية التي تتضمنها الوثيقة الدّستوريّة الّتي تضعها السلطة المختصة، وتتطلّب إجراءات خاصة عند وضعها وتعديلها، مختلفة عن الإجراءات المتبعة في القوانين العادية.

الدّستور الصومالي 1960م.

بعد أن تأكّد أن الصومالين سينالان استقلالهما عقد مؤتمر في مقديشو في الفترة 16- 23/4/1960م حول توحيد الإقليمين وتأسيس جمهوريّة موحدّة على أسس ديمقراطية نيابية ، وتشكيل حكومة مؤقتة.  [1]

وانتخب السيد آدم عبد الله عثمان رئيس المجلس التشريعي لصوماليا الوصية، رئيسا للدولة في الفترة الانتقالية.

واعتمد المجلس الجديد المكون من المجلسين التشريعيين بين صوماليا الوصية ومحمية الصومال على مشروع دستور جديد للجمهورية الصومالية، وتم الاستفتاء عليه في 20 يونيو 1961م. وقد حصل على أغلبية ساحقة.  وصدّقت المحكمة العليا على صحة النتيجة في 4 يوليو 1961م.

مزايا الدستور الجديد.

كان هذا الدستور أوّل دستور ديمقراطيّ للصّومال، وقد حدد الحريات الأساسية للمواطن، والحقوق والواجبات، وكان نقطة تحول كبير من المجتمع البدائي إلى الدولة الحديثة.

ومن أكبر المزايا التى يتمتع بها هذا الدستور أنّه تمّ وضعه بأكثر الطرق ديمقراطيّة، وهي الاستفتاء الدّستوري، حيث عرض على الشعب في 20 يونيو ،ووافق عليه بأغلبية.

وقد أعطى هذا الدستور الشعب حرية التنظيم، وحق التنافس في العمل السياسي، وكفل لخصوم الدولة حرّية النقد، ونشر أفكارهم ، كما ضمن حق تداول السلطة بصورة سلمية.

وقد حسم في المادة الأولى شكل الدولة الصومالية حيث نصّ على أنّ الصومال دولة مستقلة ذات سيادة، وهي جمهوريّة ديمقراطيّة نيابيّة موحدة، والشعب الصومالي شعب واحد لا يتجزأ.

وحدّد أيضا في المادة الأولى علاقة الدين بالتشريع، حيث نصت على أنّ الإسلام دين الدّولة، وأن الشريعة الإسلاميّة هي المصدر الرئيسي للتشريع.

عيوب الدّستور الجديد

انتهج هذا الدستور نهج الدساتير الأوروبية وأقرّ نظام التّعدّديّة الحزبيّة كأسلوب لتداول السلطة بطريقة سلمية. وتكونت أحزاب سياسية غالبيتها لم تكن أحزابا بالمعني الصحيح، بل هي تجمعات عشائرية، وبلغ عددها 88 حزبا للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وبرزت فكرة تسييس العشيرة كوسيلة لتحقيق أطماع سياسية، ووصل الأمر إلى أن يملك كلّ فرد حزبًا سياسيًّا لتكون الصومال بذلك أكثر بلدان العالم من حيث الأحزاب حينها.

والدستور بهذا لا يترجم عن البيئة الصوماليّة، والدساتير لابد أن تترجم عن البيئة التي وضعت لها أو وضعت فيها.

ومن عيوب هذا الدستور أنه لم يتحدث عن لغة الدولة وإنما أغفلها وسكت عنها، وهي الوثيقة الدستوريّة الوحيدة التي لم تتحدث عن لغة الدولة الرسمية.

وكان هناك صراع قائم في تلك الفترة حول اللغة التى تعتمد كلغة رسميّة للبلد.

[1] – د. حسن البصري. استقلال الصومال وانضمامها إلى الأمم المتحدة. الحلقة الـ23 من سلسلة الصومال في القرن العشرين. مركز مقديشو للبحوث والدراسات 26/1/2016 على الرابط : http://mogadishucenter.com/2016/01/06/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%84%D9%82%D8%A9-23/

علي شيخ آدم يوسف

محامي وباحث صومالي، درس بكلية القانون بجامعة الأحقاف في اليمن، دبلوم في العلاقات الدولة والدبلوماسية من الجامعة الألكترونية الدولية بمصر، حاصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون بجامعة مقديشو عن دراسة " الثغرات القانونية في الدستور الفيدرالي٢ ٢٠١م دراسة قانونية نقدية" حاصل شهادة المهنية القانونية من مركز العون القضاء بجامعة مقديشو، حاصل شهادة الماجستير في القانون العام بجامعة أفريقيا العالمية في السودان عن دراسة " العلاقة بين السلطة الاتحادية والولائية - دراسة تطبيقية على دستور الصومال الانتقالي ٢٠١٢م". عمل مستشارا قانونيا لوزارة العدل، وله اصدارات قانونية منشورة في عدد من الدوريات والمراكز البحثية .
زر الذهاب إلى الأعلى