هل بات برنامج الأغذية العالمي لللأمم المتحدة أزمة إضافية تنتظر منا الحلّ أيضاً؟

لا جديد في فضيحة الأغذية الفاسدة التابعة لبرنامج الأغذية العالمي التي ضبطتها سلطات الأمن في المطار أمس الثلاثاء، فقد تكون هذه أول مرّة يتم الكشف فيها رسميًّا من قبل السلطات عن فضيحة تتعلق ببرنامج الأغذية العالمي، ولكن سبقتها الشكاوى المتكررة من الأهالي في مناطق مختلفة من البلاد، ليس فحسب من توزيع أغذية فاسدة متغيرة اللون والرائحة غير صالحة حتى كعلف لبهائمهم ، وما يعنيه ذلك من إسقاط كلّيّ لاعتبارهم الإنساني. بل أيضا من تعمّد البرنامج غيابه وقت الكوارث والحاجة إلى الإغاثة، وتوزيع إغاثاته من الأغذية بالتزامن مع موسم الحصاد، مما يتسبب في تضرر المزارعين اقتصاديًّا نتيجة انخفاض أسعار المحاصيل الزراعية وكسادها مع إغراق الأغذية الإغاثية من نفس الأصناف للسوق واستغناء العملاء عن شرائها لتمكنهم من الحصول عليها بشكل إغاثيّ أو بأسعار رمزية من متلقّي الإغاثة الذين يعيدون بيعها بغرض التثمين، إضافة إلى ما يترك تكرار ذلك في معنويات المزارعين من إحباط وخيبة أمل سوف تلقي بظلالها على المدى الطويل على مستقبل مهنتهم ومن ثمّ على مستقبل الإنتاج الزراعي بالبلاد عموماً.

وحيث لم يكن أحد يحمل تلك الشكاوى على محمل الحقيقة فيما سبق، وظلّ الجميع يداري نفسه عن تصديق شبهات من هذا النوع تحوم حول منظمة أمميّة بمستوى برنامج الأغذية العالمي لها رمزيتها الخاصّة في مجال العمل الإنساني ومكافحة الفقر حول العالم، محيلا الأمر على أسباب ومبرّرات من قبيل حدوث خطأ بالصدفة أوحدوث خطأ يجد مبرراته في عوامل خارجة عن الإرادة أثرت في ترتيبات تقديم الإغاثة، أوعلى اعتقاد بعدم صحة هذه الشكاوى ودخولها في سياق عمل دعائيّ من جهات معادية للبرنامج الأممي. فالآن وبعد كشف الفضيحة على يد السلطات وبكل أسف، تأكّدت حقيقتها المرّة على أنها واقعة بسابق إصرار وتخطيط، بفعل منظومة فساد متلاعبة في توجيه البرنامج الأممي.

وقد سارعت السيدة ليلى علي مسؤولة العلاقات العامة في مكتب برنامج الأغذية العالمي في الصومال إلى نفي وجود موادّ غذائية فاسدة لدى الهيئة في مخازنها في مقديشو، وأشارت إلى احتمال تعرّض الموادّ الغذائيّة المضبوطة للفساد والتّلف نتيجة حفظها في ظروف تخزين غير لائقة. لكنّ هذا النفي لا ينبغي الركون إليه والاطمئنان بناء عليه إلى أنّ ما حدث كان بسبب خطأ فنّي في ظروف التخزين، ونفض اليد من الملف، فهو لا يعدو كونه احتمالاً ضعيفًا إزاء تكرر هذه الاتّهامات من قبل الأهالي على مدى سنوات، ولا بدّ من تحرّك الجهات المعنيّة لتقصي ملابسات القضية وتحرّياتها للكشف عن الجهات المتورّطة في هذا الفساد، وتقديمها للمساءلة القانونية ومعاملتها بما تستحق.

وسواء كان هذا الفساد في البرنامج العالمي للأغذية في صفوف الطواقم المحلّيًّة فقط أو ذا امتداد خارجيّ فإنّ المنظمة من أعلى مستويات إدارتها في الداخل والخارج تتحمل مسؤولية الجريمة التي ترتكب تحت غطائها. ويجب عليها أن تتعاون مع السلطات للكشف عن الأسباب الحقيقية بل وتساعدها في تطبيق العدالة بحق المتلاعبين في البرنامج في حال ثبت وجودهم.

زر الذهاب إلى الأعلى