كيف تصبح رائد أعمال ناجحٍ؟

تحدثنا في الحلقات السابقة من مقالات ريادة الأعمال عن مفهومها والمجالات الأكثر  حيويّة في الصومال، ووقفنا على نماذج حيّة من الشركات المحليّة التى نجحت في تحقيق أهدافها.

وفي هذه الحلقة سنتطرق إلى نصائح عامة للاسترشاد بها لمن يرغب في بدء مشروعه الخاص.

وبداية أن تكون رائد أعمال لا يعنى  بالضرورة أن تكون متخصصًا في مجال التجارة أو أن تنحدر من أسرة ذات مقام كبير  في مجال الأعمال الحرّة، فكل ما تحتاجه الآن هو أن تنمّي مهاراتك التجارية، وأن تستكشف عن المجال الذي يحقق طموحاتك.

ويوجد حاليّاً مواقع تهتم بمجال ريادة الأعمال وتقدم برامج مفيدة وجلسات مع روّاد الأعمال الناجحين في جميع المجالات القابلة للاستثمار، ورغم سرعة تطور العالم فيما يتعلق بريادة الأعمال وظهور منصات ومواقع تقدم لروّاد الأعمال الجدد نصائح واستشارات حصرية إلّا أن من النادر أن تجد “رجل أعمال صوماليّ” ناجحًا يساعد روّاد الأعمال الصِّغار (الجدد) بخبراته،لقلّة اهتمامهم بإفادة غيرهم من أصحاب الشركات الناشئة، فرغم بروز بعض المنصات الصومالية التى تحاكى المنصات العاليمة إلاّ أن الفجوة لم تزل موجودة بين رواد الأعمال الجدد وبين روّاد الأعمال السابقين.

استفاقة روّاد الأعمال الصُوماليين:

وفي العام الماضي دُشن في مدينة مقديشو “ستارتب جريند مقديشو  ” Startup Grind Mogadishu، المنصة العالمية للشركات الناشئة، كأول منصة من نوعها في الصومال وبدعم من مؤسسة “جوجل لروّاد الأعمال”، وهي منصة عالمية تواظب عملها في 85 بلدًا، ولديها فروع فى 200 مدينة في العالم، وتنظم المنصة جلسات شهرية مع روّاد الأعمال الذين نجحت أفكارهم وحققوا إنجازا باهرًا في داخل الصومال وخارجه– كما هو حال الفروع الأخرى للمنصة في العالم -، واستضافت المنصة رائد الأعمال الصوماليّ بشير عثمان – المالك لفنادق السلام في مقديشو– في خلال مشاركته في افتتاح المنصة ستارتب جريند حيث تحدّث عن الوضع الحاليّ  لروّاد الأعمال الجُدد في مقديشو، وكان من حديثه أنّ: “مدينة مقديشو لديها فرص شرائية كبيرة، ولكن المشكلة تكمن في من يملك الأفكار الابتكارية التى يستطيع من خلالها تحقيق النجاح، فلكى تكون رائد أعمال ناجحٍ من الضروري أن تكون صاحب أفكار إبداعية قبل أن تجد الاستثمار لفكرتك وأن تقدر على أن تتوقع مسبّقًا كآفة الاحتمالات التى يمكن أن تساعد مشروعك أو تعرقلها”.

وتقول ليلي علي عبدالله – ليلي حِيس –  صاحبة مشروع “صديق الجيب Jeeb U Roon” بعد تجربتها في مجال تصميم أزياء النساء في غروي،  إنها اضطرّت لمكوث سنتين في غروي لكى تخطط لتحقيق حلمها الذي راودها منذ صغرها، وقد رجعت إلى الوطن بعد دراستها في مجال التصميم في المملكة المتحدة، وتقول: من أكبر المشاكل التى واجهت مشروعها في عام2013م مشكلة التسويق، بحيث لجأت منذ أن دشنت مشروعها إلى تسويقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الألكترونية، مما لم يكن له أيّ أثر تسويقي يذكر. وبعد فترة قدّمت إعلاناتها إلى الإذاعات المحليّة لترويج مشروعها، عند ذلك وجدت صدى من المجتمع، ولم تزل ليلى تكافح لأجل تثبيت مشروعها في أرض الواقع ولديها مدرسة لتعليم فنّ تصميم الأزياء.

وأقيم في غروي في شهر نوفمبر الماضي من هذا العام 2016 مهرجان لتقديم أصحاب الشركات الناشئة، وقد وجد إقبالاً كبيراً لرواد الأعمال. فهذه الاستفاقة لأصحاب الشركات الناشئة لمواكبة الفعاليات العالميّة من شأنها أن تساهم في ميلاد أفكار إبداعية جديدة في الصومال، فالعالم أصبح قرية صغيرة فمن الممكن أن تجد تجارب ناجحة وملهمة في المنصات المتخصصة في تنمية الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى مشروع ملموس.

ماذا تحتاج لكى تكون رائد أعمال؟

النجاح يحتاج بصورة عامة إلى العمل الجادّ والمثابرة، فمعظم أصحاب الشركات الصغيرة الناجحة لديهم عادات قابلة للتنفيذ، فإذا توفرت لديك هذه السلوكيات لا شك أنك ستتمكن من تحقيقها، وسنقدم بعض النقاط الضرورية التى يجب أن تكون متوفرة لكل من يريد ولوج هذا العالم.

  • التخطيط الجيد قبل بدء المشروع

يقول الدكتور سعيد على شري صاحب كتاب “مفتاح التجارة  Furaha Ganacsiga” : “إن ريادة الأعمال تمنحك نظارة تستطيع من خلالها أن ترى ما لا يستطيع أن يراه الرجل العاديّ- أي التاجر -، وكذلك تمنحك المعرفة بأنشطة السُوق المربحة، وأعود وأكرر: قبل أن تبدأ بأيِّ مشروع خاصٍ؛ تعلّم عن ريادة الأعمال”. فتعلم ريادة الأعمال يقصد بها الدكتور أن تكتسب المهارات التى تؤهلك للاستمراريّة في السوق، وأن تعمل “دراسة جدوى – Feasibility study-  قبل أن تؤسس الشركة الصغيرة.

فنلاحظ أن أغلب الشركات التى تؤسس في الصومال وخارجها لا تمكث طويلاً في المنافسة حيث تنتهي إلى تصفيتها لأسباب يمكن معالجتها وتجاوزها، وليس هذا في الصومال فقط؛ بل تقول أفضل الإحصائيات أن 90% من الشركات الناشئة تفشل في أوّل عام أو عامين، وتنجح فقط 10% من الشركات الناشئة التي تكون قادرة على المنافسة والاستمرارية.

  • تكوين فريق عمل متناغم

وبعد أن تقوم بدراسة الجدوي تحتاج أن تكوّن فريق عمل قادر على تحويل الأفكار إلى واقع عملي ناجح، وتقول المقولة: أول خمسة موظفين في الشركة، يحددون ما إذا كان مصير الشركة النجاح أم الفشل، وأول 20 موظفاً في الشركة، يحددون ما إذا كانت الشركة تستطيع النمو وريادة أعمالها وأرباحها بشكل تدريجي أم لا، فالموارد البشرية وإدارتها بصورة جيدة هي التى تحدد مصير ما كنت مشغوفا بتحويله إلى مشروع حقيقي يحقق النجاح المرجو منه.

  • مراعاة القرارات

ومن ثم على رائد الأعمال أن يراعي قراراته التى تمثل النقطة الجوهرية لتحقيق حلمه، ويقول أحمد البدر وهو أحد مؤسسي استوديوهات أوزون لإنتاج المحتوي المرئي للتلفزيون والإنترنت ومهتم بشؤون ريادة الأعمال أنّ ” كل قرار يؤخذ في شركتك من أكبر إلى أصغر موظف يصبح مسئوليتك أنت، كل قرار يخرج سيؤثر إمّا بشكل إيجابي أو سلبي على الشركة، في بعض الأحيان ستجد أن عليك اتخاذ قرارات في وقت ضيق تتعلق بأمور في غاية الأهمّية، مع مرور الوقت سترتكب الكثير من الأخطاء وستتخذ بعض القرارات غير الصحيجة، لا تقلق يمكنك تصحيح ذلك مع الوقت، فقط كن مسئولًا عن كل ما تقوم به بشكل كامل”.

  • التسويق المثالي للمشروع

التسويق الجيد قبل انطلاق مشروعك الصغير، وهو من أهم الأشياء التى تجلب الربح، وتقربك إلى تحقيق أهداف الشركة، فالعالم الآن يتميز بسهولة تمرير الإعلانات الترويجية، وذلك بفضل شبكات التواصل الاجتماعية، وأمّا في المجتمع الصوماليّ الذي يستمع ويشاهد أكثر مما يقرأ فتحتاج أن تعلن في الإذاعات المحلية والقنوات الفضائية عن المزايا التى يتمتع بها منتجك.

فهذه مفاتيح ونصائح تُمثل جزءا بسيطاً من النصائح التى يمكن أن تساعدك في مشروعك التجاريّ، فثمة فرص متوفرة في السوق حالياً بعضها لم يكتشف بعد، وتحتاج إلى شخص يمتلك الروح الريادية، ولديه الجرأة الكافية للتمرد على الواقع و التفكير “التجاري” السائد في سوق العمل.

 

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى