دوافع تعيين الجنرال غافو رئيسا مؤقتا لجهاز الأمن والاستخبارات

في  مرسوم أصدره الرئيس مساء الثلاثاء الماضي 14من حزيران/يونيو الجارى تمّ إعفاء رئيس جهاز الأمن والإستخبارات “نيسا” عبد الرحمن توريرى من منصبه وتعيين الجنرال جافوا الذي كان يشغل منصب مدير إدارة الجوازات والهجرة والجنسية رئيساً مؤقتاً للجهاز،

مسألة إقالة رئيس جهاز الأمن والاستخبارات لم تكن مفاجئة ، بسبب مقدّماتها وتراكماتها السابقة فيما أثير حول الرجل من اتهامات بتجاوزات متكررة، و بفشله في إدراة الجهاز، وما كان يحوم حوله من شكوك بالاستخدام المفرط للقوة وعمليّات التعذيب ضد معتقلين، وانتهاكات لحقوق الإنسان ، وتجنيد أطفال  تحت السن القانونيّة ، وما إلى ذلك مما تطول به القائمة ،  لكن أن يكون الجنرال جافو هو من يخلف توريرى هو ما أثار تساؤلات عدة لدى المراقبين فى الشأن الصومالي حول مدى قدرته على الاضطلاع بمهمّة الجهاز في هذه الفترة التي تقبل فيها البلاد على انتخابات غير مباشرة، والمتمثلة في تأمين تلك الانتخابات وضمان سيرها بسلاسة دون حدوث أي خلل أمني قد يعرقل مسيرتها. مع عمره البالغ ثمانين عاما، وجدّته في المنصب.

 لدينا اعتقاد بوجود أسباب ودوافع خفيّة وراء تعيين الجنرال جافو لهذا المنصب الحساس في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد حاليًا. أهمّ هذه الأسباب:

  • رغبة الرئيس في استبعاد غافو عن منصبه كمدير لإدراة الهجرة والجوازات والجنسية، وكانت محاولات متكررة من الرئيس لإعفاء غافو من ذلك المنصب الذي مكث فيه طويلا، وكان غافو يستخدم كل خبراته ومعارفه ونفوذه الواسع التي كونها خلال وجوده في الإدارة لصالحه للحيلولة دون إعفائه من منصبه، كما كان يحظى بدعم لا محدود من عشيرته مرسذى، فكان لزاما على الرئيس ليقوم بتنحية الرجل من منصبه ، أن يقوم بمواربات أخرى بدل الإعفاء المباشر، وفي هذا السياق جاء تعيينه في منصب آخر ولو بصورة مؤقتة قبل الإعلان عن إقالته رسميّا من هذا المنصب.
  • وتأتى هذه الترتيبات في إطار تحسين العلاقات من قبل الرئيس مع بعض قبائل الهوية القاطنة في العاصمة وما حولها، ذلك بمغازلتها واستمالتها إلى صفه ليحظى بتأيدهم خلال تصويت أعضاء البرلمان في انتخابات الرئاسة القادمة. وينحدر غافو من قبيلة مرسذى نفس القبيلة التي ينحدر منها عبد الحكيم أحمد فري مدير أحد الفروع الأمنية المهمة في الجهاز، وقد ترددت أنباء عن وجود خطة لتعيين وزير الإعلام الأسبق مصطفى شيخ على طحلو في هذا المنصب خلفاّ لعبد الحكيم، وينحدر هو الآخر من نفس القبيلة.
  • غربلة المناصب الحساسة في الدولة قبل حلول الانتخابات بشهرين تعطي الرئيس نوعاً من دفعة معنوية في سباق الانتخابات، حيث إنّ منحه امتيازات لبعض القبائل يشفع له في أن يكسب أصواتهم في الانتخابات، والرئيس بقراره هذا قد ضرب عصفورين بحجر واحد. بإبعاده شخص غافو من منصبه، وكسب رضا القبيلة.

إذن ليس تعيين الجنرال غافو على رأس جهاز الاستخبارات مبنيّا على ثقة بمؤهلات وكفاءات يتميز بها على أسلافه، جعلت من المتوقع منه أن يستطيع تحقيق إنجاز عجزوا عنه. وإنما جاء تعيينه بمثابة نقلة في شطرنج السياسة على رقعة القبائل والأشخاص.

عبد النور معلم محمد

كاتب وباحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى