حيادية اللجنة الوطنية للانتخابات هل هي على المحك؟

أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في يوم الجمعة الماضي 17 من شهر يونيو الجاري عن أسماء اللجنة الوطنية للانتخابات، والمكلفة بتنظيم الانتخابات غير المباشرة المتوقع إجراؤها في الصومال نهاية شهر أوغسطس المقبل.

وتضم اللجنة عددا من الوزراء في الحكومة الاتحادية وفي الحكومات الإقليمية، ونواب في البرلمان الاتحادي بالإضافة إلى عدد من المثقفين المقرّبين من الحكومة المركزية أو من الإدارات الاقليمية في البلاد.

ومن بين أبرز أعضاء اللجنة الوطنية للانتخابات: عبد الرحمن أودوا وزير الداخلية في الحكومة الفيدرالية وهو من أبرز المقربين إلى رئيس الجمهورية ، ومحمد جامع مرسل وزير البريد والاتصالات في الحكومة الفيدرالية وهو مسؤول مقرّب إلى رئيس ولاية جوبالاند أحمد مذوبي ، وعبدالله حرسي عبد الولي وزير التجارة في ولاية بونت لاند، وآدم إبراهيم أو حرسي وزير العدل في حكومة جوبالاند، ومحمد عبدي نور الأخ غير الشقيق لرئيس إدارة جنوب غرب الصومال وهو من أبرز المقربين إلى رئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن شيخ آدم، وحسين قاسم يوسف والمعروف بإيذو وزير الدّولة في شؤون رئاسة حكومة جلمدغ وأحد المقرّبين من رئيس الولاية.

وفور إعلان رئيس الجمهورية عن أسماء اللجنة الوطنية للانتخابات ، شهدت الساحة الصومالية نقاشات حادة حول شرعية اللجنة الوطنية للانتخابات وحياديتها؟

وترى الحكومة الصومالية أن أعضاء اللجنة الوطنية للانتخابات جاءوا بتوافق من المشاركين في المنتدى الوطني للتشاور ، وأن عملية تعيينهم خضعت لمعايير وتفاهمات ومناقشات شارك فيها ممثلوا المجتمع الصومالي في المنتدى الوطني للتشاور.

كما ترى أنّ اللّجنة الوطنيّة تضمّ وزراء وخبراء في مجال الانتخابات مما يجعلهم جديرين بالثقة في قدرتهم على إيصال البلد إلى إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في أغسطس  من هذا العام.

في حين يرى معظم الأحزاب السياسية في البلد ومنظمات المجتمع المدني وبعض المثقفين والأكاديميين والسياسيين الصوماليين أنّ الحكومة الاتحاديّة والحكومات الولائيّة شكلت لجنة تمثل مصالحها الخاصة ، حيث إن معظم أسماء اللجنة الوطنيّة المشكّلة تمثل جهات معينة في الوطن ، حيث إن اللجنة تضم بين جنباتها وزراء في الحكومة الاتحادية وأشخاص يوصفون بالخبراء يعملون في مكاتب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان ، وزراء من الولايات الفيدرالية ، مما يدل على أن اللجنة الوطنية للانتخابات لم يراع في تشكيلها استقلاليتها وحيادها.

وقد عقدت الأحزاب السياسية الصومالية اجتماعا طارئا يوم السبت في مدينة مقديشو لمناقشة التطورات السياسية في البلد وخاصة شأن اللجنة الوطنية المكلفة بالإشراف على الانتخابات غير المباشرة في أغسطس القادم.

وأصدرت الأحزاب السياسية بيانا صحفيا حصل موقع مركز مقديشو على نسخة منه، حيث وصفت الأحزاب السياسية المرسوم الرئاسي بشأن تشكيل اللجنة الفيدرالية للانتخابات بأنه غير شرعي باعتباره يؤدّي إلى أن تكون الانتخابات مزورة، مما يتسبب في إثارة حرب أهلية بين القبائل.

وأشارت الأحزاب إلى أن اللجنة تضم تسعة وزراء، معظمهم مرشحون للجلوس على مقاعد في البرلمان القادم، بالإضافة إلى موظفين في مكاتب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان باسم المثقفين، حيث اعتبرتهم الأحزاب يخدمون لتحقيق المصالح الخاصة بهذه المكاتب الثلاثة، معربة عن قلقها حيال إجراء انتخابات حرة تتسم بالنزاهة والشفافية وتحظي بثقة الشعب والمجتمع الدولي.

كما شدّدت الأحزاب السياسيّة على أن رئيس الجمهورية ليس من حقه تعيين وزراء وموظفين موالين له، وأنه كان ينبغي تشكيل لجنة فنية مستقلة، على غرار اللجان الفنية التي أشرفت على الانتخابات في عام 2012.

وألقت الأحزاب السياسية باللائمة على رئيس الجمهورية الذي وصفته بأنه كان من دأبه انتهاك الدستور ومؤسسات الدولة ليتمكن من العودة إلى كرسيّ الرئاسة، مشيرة إلى أن قادة الدولة يتحملون مسؤولية الأوضاع المزرية التي تمر بها البلاد حاليا، كما حذّرت الأحزاب من أن سوء إدارة الانتخابات سيؤدي إلى انهيار العمليّة السياسية وحرب أهلية.

إلّا أن كثيرا من المراقبين للوضع في الصومال يرون – رغم أنّ الحكومة الاتحاديّة والولايات الفيدرالية عقدوا العزم على تعيين أعضاء يمثلون مصالحهم الخاصة – أنه من الصعوبة بمكان توافق أجندة ومصالح الحكومة الاتحادية والولايات الفيدرالية نظرا لتضارب المصالح بين رؤساء الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الفيدرالية ، مما يجعل من توافقهم على إعادة الوضع كما هو عليه الآن أمراً صعباً.

إلّا أنّ بعضا من المحللين يرون أنه كان من الأجدر تشكيل لجنة فنية مستقلة للانتخابات حتى تتمكن من تأدية واجبها المنوط بها بالشكل الأمثل دون استثارة المعارضات والاحتجاجات من الشعب والدولة والأحزاب السياسية الصومالية.

عموما هناك جدل واسع لدى الأوساط الصومالية في شرعية وحيادية اللّجنة الوطنيّة للانتخابات بتشكيلتها الحاليّة، ويتساءل البعض عن التأثير الذي يمكن أن ينتج من هذا الجدل حول اللجنة وكيفية إشرافها على الانتخابات ، وما إذا كان سيساهم هذا النفوذ الكبير من أصحاب المصالح في توجيه بوصلة اللجنة الوطنية للانتخابات ، وهل سيتوافق أصحاب المصالح على الاتجاه الذي يتمّ توجيه بوصلة الانتخابات إليه؟ هذا مما ستجيب عنه الأيام القادمة وسيتضح هذا الجدل خلال تأدية اللّجنة الوطنيّة للانتخابات عملها خلال الأيام القادمة.

عبدالله عبدالقادر آدم

كاتب وباحث صومالي، خريج كلية الشريعة والقانون بجامعة افريقيا العالمية، حاصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة الزعيم الازهري
زر الذهاب إلى الأعلى