المأمول من مؤتمر القادة فى بيداوة

مؤتمر بيداوة للتّشاور الأخير جاء على وقع الضّغوطات الدّوليّة لإجراء الانتخابات فى وقتها المحدّد بمنتصف أغسطس القادم بعد إشارة السيد كيتنغ – صاحب الكلمة الأخيرة-  أنّ سياسة المماطلة والتّأخير لا تجدى معه فى شيء , ولهذا فإنّ المؤتمر بمثابة وضع اللّمسات الأخيرة قبل الخوض فى المعمعة الكبرى.

إنّ من يتتبّع مسار العمليّة الانتقاليّة لا يكاد يُصدّق أنّ البلد مُقبل على تغيير برلمانى ورئاسىّ فى غضون أقلّ من شهرين نظراً للبطء الشّديد  الّذى يرافق عمليّة التّحضير , والذي يراه الكثيرون أسلوبا تلجأ إليه الإدارة الحاليّة عن عمد ليكسبوا أسابيع وربّما شهورا إضافيّة.

وحتّى الأصوات المعارضة الّتى كانت تتعالى من هنا وهناك لم يعد ضجيجها مسموعا، فى حين أنّ جلّ رموز المعارضة إن لم يكن كلّهم يتواجدون حاليّا خارج البلاد، وفى فنادق نيروبى أمثال غراند روجنسى وسكس ايتى وهلتون , ربما لأنّهم عرفوا محدوديّة فرصهم أمام المرشّح الأوفر حظّا (الرّئيس الحالى) وبالتّالى اقتنعوا بعدم جدوى مقارعته فى النّزال القادم؟ من باب اعتبارها تحصيل حاصل.

مع وجود أسباب أخرى لبقاء رموز المعارضة خارج البلاد؛ حيث يصعب دوما على القيادات المعارضة الإقامة فى مقديشو والمكوث فيها لفترات طويلة لأسباب ليست أمنيّة فحسب، وإنّما لاعتبارات أخرى منها تحاشى الاستجداءات الماديّة من قبل المتردّدين عليهم خصوصا من الوسط المقتات على السّياسة “الشّحّاتين”, فرغم أنّهم لا يوجد لهم مركز يذكر على مستوى صنع القرار إلّا أنّ باستطاعتهم التنكيل الإعلامى بأيّ سياسىّ يتجاهلهم، خصوصا فى المواسم الانتخابيّة مثل الّذي نعيشه هذه الأيّام، حيث أنّ هذه العصابات غير المنتظمة تلعب دور الإعلام الغائب فى التّرويج والدّعاية وتسهيل شراء الولاءات والذّمم.

كذلك قد يكون من الأسباب أنّه من خبرات الدّورة الانتخابية السّابقة أنّ أوّل المندفعين إلى الحلبة يتخافت بريقه كلّما أتى بعده منافس جديد، وبالتّالى فإن التّريّث وعدم الإقدام إلّا قبل فترة وجيزة من المعركة الحقيقيّة أسلوب ثبتت نجاعته فى المشهد الصوماليّ أوّلا: لأنّ العقل الصومالى عاطفى وسريع النسيان بشكل لا يسعفه إلّافي استحضار الماضى القريب، وثانيا: لأنّ الفترة الزّمنيّة القصيرة تختصر للمرشّح الوقت وتوفّر له المال والجهد.

فى مثل هذه الأوقات من عام 2012 كان يسود أجواء مقديشو صخب الحركة والمنافسة، وكانت الفنادق مكتظّة بالنّزلاء سواء من الدّاخل أو من المغتربين المتدفّقين من الخارج، الّذين كان يملأهم الفأل ويدفعهم الأمل الكبير فى استعادة البلد عافيته، بحيث كانوا توّاقين إلى رصد الحدث بأنفسهم.

قد يكون السّبب في اختفاء الجلبة والضجّة هذه المرّة أنّ الحمّى الانتخابية ستتوزّع على مختلف الولايات الإقليميّة بحيث لم تعد مقديشو المركز الوحيد للفعاليات الانتخابيّة كما كانت، وعلى العموم تبدو الصّورة قاتمة والأفق منسدًّا وقلّما تجد أحدا يعوّل كثيرا على تغيّر قادم، أو يعقد آمالّا كبيرة على ما ستسفر عنه الانتخابات القادمة نتيجة الإحباط من أداء الحكومة الحاليّة.

تؤكّد المصادر أنّ اجتماع بيدوة الّذى تبدأ أعماله اليوم سيخرج بقرارات توافقيّة بالإجماع لوضع جدول زمنىّ مفصّل للعمليّة الانتخابية القادمة، بيد أنّ هناك بعض المسائل الخلافيّة الّتى استدعت عقد هذا المؤتمر من أساسه منها:

تمثيل مقديشو فى مجلس الشورى (المجلس الأعلى)

يحاول بعض القادة ومنهم الرئيس حسن إثبات جدارته وقدرته على انتزاع بعض الحقوق لأهالى مقديشو لكى يكون ذلك رسالة إلى الخصوم  وورقة انتخابيّة فى آن واحد, وفى المقابل فإنّ عبد الولى غاس يرى أنّ أىّ زيادة فى المجلس ستفقده القليل من الامتياز الّذى حصل عليه عبر عدّة جولات من المفاوضات الماراثونيّة، وتعتبر هذه أكثر التّحدّيات خطورة

التّعديل فى قائمة الأعيان الـ 135

تشير بعض التسريبات الموثوقة إلى أنّ بعض الفرقاء لديهم نية مبيّتة فى إسقاط بعض زعماء العشائر من القائمة وإحلال آخرين محسوبين عليهم مكانهم، بدعوى أنّ مركزهم متنازع عليه وأنّهم سيخضعون للفحص والمراجعة تمهيدا لفصلهم, من بين المتحمّسين لتلك الفكرة كل من رئيس ولاية بونت لاند عبدالولى غاس ، ورئيس ولاية الجنوب الغربى شريف حسن شيخ آدم. وبخصوص الموضوع فإنّ المصادر تؤكّد رفض المبعوث الدّولى إجراء أىّ تغيير فى القائمة، لأنّ من شأن ذلك أن يفتح أبواب الجحيم على مسار العملية فى هذا الوقت الذي لم يبق فيه من الزمن سوى القليل.

إرجاء موعد الانتخابات

لقد أعرب السيد شرماركى رئيس الوزراء عن أمنيتّه فى الحصول على شهرين أو ثلاث شهور إضافية لإتاحة فرصة أكبر للحكومة لتستعدّ للتّحضير للحدث , ومع أنّه قوبل بالرّفض والازدراء من البرلمان وقتها إلّا أن القيادة المتشاورة فى بيدوة لديها صلاحيّة اتّخاذ مثل هذا القرار فى حال إجماع الأطراف عليه.

على كلّ فإنّ هذا المؤتمر قد يكون صافرة بداية النّزال المرتقب، ومن المؤكّد أنّ المرحلة المقبلة ستكون فى غاية الظّلاميّة فى حال الفشل والاختلاف فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى