الكتاتيب وما أدراك ما الكتاتيب!!

ظهر الكُتّاب عند المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشر مع انتشار الإسلام في مختلف البلدان وأُنشئ لتعليم الصغار القراءة والكتابة ومن ثم حقظ القرآن وقد تمتع بمكانة كبيرة عند المسلمين، وعادة ما يكون هناك توجهاً نحو  التبكير في التعلم فمنذ سن الخامسة أو السادسه ينظم الصبيان لتلك البيئة،ومما لاشك فيه أن الأهالي كانوا يدرسون كل شيء قبل ارسال ابنائهم لتلك البيئة ابتداءاً من اختيارهم معلماً فيه من الإستقامة وحسن الخلق والعدالة والعفة  مع الخبرة العامة  بالقرآن وعلومة،بالإضافة إلى كونه مهيباً لامعّنفاً مرفقاً بالصبيان دون لين،ثم إنهم كانوا حريصين على سلامة البيئة التي يدرسون فيها للمحافظة على صحة اطفالهم وبالتالي المجتمع، إلى ذلك حرصوا على تأمين من يرافقهم في غدوهم ورواحهم إلى الكُتّاب…

لنسقط قليلاً من هذا على الكتاتيب المنتشرة في أرجاء وطننا وكيف يراها المجتمع سوف  تشاهد أمور تقشعر منه جلود الذين يملكون قليلاً من الإحساس،

بداية مع إشراقة شمس الصباح تسمع طفلاً يبكي  بأعلى صوته يسحبه أبوه أو قريب له، يتمرغ في التراب يستبين لك من بين صرخاته  كلمة (لا أريد) يكون الرد بالصفعات حتى يتم تسليمه  لمعلمه  المتواجد في  تلك الغرفة المصنوعة من  الصفيح ،تكاد لا تصدق ماتبصره عيناك داخلها تكدس لعدد من الأطفال بأعمار مختلفة ،نظراتهم  تشي بالخوف على عكس مايتلونه بصوت عذب والذي يبعث بالطمأنينة،  انعدامٌ في التهوية، فروة رأس  بعض الصغار عليها لطخات أو رقع مستديرة خالية من الشعر مغطاة بقشور  تخبرك بوجود عدوى فطرية وهو معروف بأنه مرض فطري معدي واسع الإنتشار .

أمّا عن المعلم  فهيئته لا تبعث بالطمأنينة في الغالب ، يبدوا أنه ورث المهنة من والده ،حديثه مع الصغار عن طريق عصاه ينهال على الواحد منهم إن أخطأ حتى تترك أثراً في جسده،ولا أُخفيكم سراً أن شعبيته مرتفعة بين أوساط المجتمع يسمونه المُربي،القوي ،الشديد….

أعلم عزيزي القارئ أنك تعتقد بأني أُبالغ وانه ربما رأيت هذه الأشياء بالريف ، لا ..لا..هَوّن على نفسك شاهدتها  بالمدن الكبيرة ومنها العاصمة.

أُشير هنا  أنّي لست ضد فكرة الكتاتيب، كثير منا تعلم فيها وتخرج منها حافظاً للقران ونفع الله بعلمه الأُمة … لكن بالشكل الذي رأيته لا يرضاه الله ورسوله،ولا يفوتني ان  أنوه إلى أنه يجب على تلك البرامج التي تدعوا الأُمة الصومالية للتبرع لإنشاء كتاتيب أن يحرصوا  على الإتقان والإحسان عند بناء هذه الكتاتيب من تأمين وسائل الراحة والسلامة…

باختصار….وزارة الأوقاف هل تسمعينني؟؟؟مالذي يمنع تنظيم الكتاتيب، وتدريب  واختيار المعلمين الأكفاء الثقة، وهل نحن بحاجة لمعجزة ليتم  دراسة البيئة الصحية التي يستحقها أطفالنا وتوفيرها ومن ثم متابعتها .

رسالة/كلكم راع ومسؤول عن رعيته أيها الآباء والأمهات بربكم هل ترسلون أطفالكم إلى الكتاتيب  لمجرد أن تتفاخروا أمام الناس ؟؟ ابني يبلغ من العمر تسع سنوات ويحفظ القران كاملاً، ثم تتفاجئون أن ابنكم قاطع طريق بعد عشر سنوات…

اتقوا الله في أولادكم واحسنوا في تربيتهم وتعليمهم..

د. خديجة عبدالله علي حسن

خريجة جامعة دمشق كلية الطب البشري ، علمت مع منظمة الامم المتحده القسم الطبي بدمشق لمدة عام، كما عملت في عدد من المستشفيات في العاصمة الصومالية مقديشو، تقيم حاليًا في جمهورية مصر العربية.
زر الذهاب إلى الأعلى