الاحتياجات المتزايدة للطباعة في الصومال

عاشت الصومال في عهد محمد سياد بري 1960-1991، عصرا ذهبيا من حيث الكتابة والنشر، وشهدت البلاد بعد كتابة اللغة الصومالية عام 1972 حملة واسعة لصوملة المناهج التعليمية والكتب الثقافية والجرائد،  وتوجيه المواطنيين إلي القراءة والتأليف، ولعبت مطابع الدولة دورا متميزا في توفير اجتياجات المواطنين من الكتب والكرسات والأوراق، وتغطية احتياجات الحكومة .

لم تكن هناك مطبعة حكومية عند الاستقلال يوليو تموز عام 1960 غير مطبعة قديمة في مقديشو ،  وكانت هذه المطبعة تستعمل في طبع الجرائد الحكومية  والنشرات الرسمية إلى جانب قيامها بطبع الاستمارات المختلفة التي تحتاج اليبها الحكومة في تسيير أعمالها ووظائفها وبطبيعة الحال لم تكن هذه المطبعة قادرة على القيام بجميع الأعمال المطلوبة منها وبالتالي كان هناك حاجة ماسة وعاجلة إلى انشاء مطبعة أكبر وأحدث من الأولي..

 وفي عام 1965 افتتحت مطبعة جديدة كانت هدية من الاتحاد السوفتي ، ولكي تستطيع المطبعة الحديثة بالقيام بتلبية طلبات الشعب للطباعة على أسس تجارية بالاضافة إلى طبعها لما قد تحتاج إليه الحكومة، انشأت مؤسسة مطابع الدولة تحت اشراف وزارة الإعلام.

وفي اكتوبر 21 تشرين الأول عام 1972 عندما تم الاعلان عن الأبجدية الجديدة  المختارة لكتابة اللغة الصومالية قامت حكومة الثورة بتأميم جميع المطابع الخاصة في البلاد ووضعها تحت اشراف المؤسسة وذلك بغية تسهيل طبع الجرائد والصحف والكتب المدرسية والثقافية المطلوبة لتنفيذ القرار التاريخي ولانجاح محاولات محو الأمية وصوملةالإدارة العامة والتعليم المدرسي بالاضافة الي تحقيق رغبة الحكومة الثورة  في توفير تسهيلات الطباعة في الاقاليم المحتلفة تحقيقا لمتطلبات اللامركزية الديمقراطية التي أعلنت عنها ثورة سياد بري .

هذا وقد قامت المؤسسة بتنفيذ جميع الواجبات الملقاة على عاتقها عن كفاءة وجدارة وستحقاق حازت اعجاب الجماهير الشعبية والحكومة اذ قامت المؤسسة  جميع الاعداد الهائلة من الكتب المدرسية للمرحلة الأولية  والوسطى باللغة الصومالية وفي الوقت المحدد  بالاضافة الي طبعها للحرائد والصحف والاستمارات الحكومية  وذلك بصرف النظر عن وفائها باحتياجات الجماهير المتزايدة تزايدا لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد. وفي نفس الوقت قامت المؤسسة بتوسيع نشاطها جارج العاصمة وقامت بفتح مطابع اقليمية في كل من هرجيسا وبرعو وبوصاصو وبيدوة وكسمايو.

ولماكانت المؤسسة وكالة مستقلة كأية وكالة حكومية أخرى قانها تحتكر جيمع وسائل الطبع في البلاد بالاضافة إلى كونها الناشر الوحيد لمطبوعات الدولة من النشرات الرسمية  والجرائد والصحف الحكومية التي تقوم بطبعها وبيعها في جيميع انحاء البلاد  وفي نفس الوقت تقوم المؤسسة باستيراد وبيع جميع اللوازم المدرسية والمكتبية من الورق  والاقلام والدبابيس وغير ذلك من  في مكاتب تجارية افتتحتها لهذا العرض في بعض أحياء العاصمة وفي المدن الرئيسية في الاقاليم وترمي سياسة المؤسسة إلى تعميم مثل هذه المكاتب وكذلك إلى التسهيل المطبعية في جميع الاقاليم.

ومن أعمالها التجارية مع زبائنها من جماهير الشعب والوزارات والوكالات العامة، كانت تكسب المؤسسة ارباحا كبيرة كل عام، وكانت تستعمل جزء من الارباح في توسيع نشاطاتها فقد صرفت ملايين الشلنات في بناء وتجهيز المبنى الرئيسي الذي تم مؤخرا بالمعدات والآلات الطبع اللازمة.

وكان يعمل في المؤسسة أكثر من الف عامل فنى وإداري عام 1979.

وفي 1991م فقد النظام سياد بري سيطرت على الوطن بأكمله، ورضخ لمطالب المعارضة المسلحة، مما أدي إلى ولوج الوطن – بأكمله – حالة من اللادولة والاحتراب الداخلي، وقد دُمر مرافق الدولة المركزية في فترة حروب الأهلية، وكان من ضمن الأماكن التى تأثرت في تدمير وسرقة ممتلكات الدولة المطبعة الوطنية، وفقدت الصومال وشعبها كنزاً من كنوز الدولة الصومالية.

 وبعد سنوات من الكفاح لإستعادة الصومال من نظامها المؤسسي ونهوض من كبوتها، لا يوجد –  حتّى الآن – من يفكر لإعادة مطبعة الوطنية في الصومال، ولم تعطي الحكومة الحاليّة من ضمن أولوياتها كما هو ظاهر في أجنداتها اليومية.

ولسوء الحظ فإن الوزارة التربية والتعليم العاليّ لم تطبع حتى الآن منهجاً دراسياً موحداً، ويوجد في الوطن حالياً مناهج دراسية أجنبية متعددة، وذلك قبل أن تضع الاتحاد الأوروبي ويونسيف ومكتب معونات الأمريكية لمفردات المنهج الصوماليّ وقدم هذه المفردات لمدن التى تسيطر الحكومة الصومالية وبعض الادارات الفيدرالية، ومن المحتمل أن تطبع المنهج الصومالي في الخارج كما طبع مفرداته في الخارج، وذلك لأن الوزراة التربية والتعلم والحكومة الصُومالية ليس لديهما إمكانية لتوفير مطبعة وطنبية تغطي تكاليف الطباعة أو حتّى شراء مكينة الطباعة في الخارج.

ونستنتج بكل هذا السّرد إن غياب الطباعة لا شك أنه أثر بشكل كبير في أعمال الوزراة التربية التى لا تسطيع بالطباعة مقررات الدراسية لطلابها كما أثر أعمال القطاعات التجارية الخاصة، ولذا فإن الوطن بات بأمس الحاجة لتوفير مطبعة وطنية قادرة على  تلبية احتياجات القطاعات الحكومة والخاصة إلي الطباعة، وأن هناك فرصة واعدة للمستمرين المحليين والأجانب في الاستثمار في قطاع الطباعة ولا شك أن هذا القطاع سيحقق ارباحا سريعا نظرا للاجتياجات المتزايدة من الطباعة في الصومال.

زر الذهاب إلى الأعلى