الصومال في القرن العشرين ( ركن إسبوعي 3)

الوضع الاجتماعي والسياسي للصومال قبل الإستعمار.
إن المجتمع الصومالي يتميز بمميزات كثيرة ، تميزه عن المجتمعات الأخرى، فهو يتميز بالوحدة اللغوية والدينية والإجتماعية ، ولذلك يتساءل بعض الناس: ما أصل هذه الشعب؟ وماذا تعنى كلمة الصومال؟ ومن أين أشتقت؟.
فبالنسبة لأصل هذه الكلمة، هناك اختلاف حولها، فبعضهم يشير إلى: أنها محرفة من الكلمتين العربيتين”ذو مال” بمعنى صاحب مال، فحرفوها إلى صومال، بعد فترة من الزمن. والبعض الآخر يذكر:أن الإسم يرجع إلى وادى الصومال الواقع شمال صنعاء حيث جاء منه مهاجر مع القرن الثالث الهجري، فتزوج فتاة حامية وأنجب منها تسعة أولاد فتناسلت منها القبائل الصومالية.
كما أن هناك من يشير إلى أنها محرفة من كل كلمة حبشية “سوماهة” أي الكفار وهي تسمية أطلقها الأحباش على الصوماليين أثناء غزوات الإمام أحمد جرى، ولكن رُد تفسير ذلك لأن الكلمة عُرفت قبل أحمد جرى ، بحيث ذكر أنها وردت فى الأناشيد والأغانى التى كان الحبشيون يرددونها عندما انتصروا على بعض الإمارات الصومالية، مثل: (إفات) بقيادة ملكهم “إسحاق” فى عام 1414م.
وهناك تفسير آخر أقرب إلى الواقع، وهو أن الكلمة مركبة من كلمتين صوماليتين هما”سو” بمعنى إذهب و “مال” ببمعنى أحلب، فيكون معناها “إذهب واحلب” مما يشير إلى أن الحليب هو الغذاء الرئيسى للصومالييين. وهو أفضل ما يقدم للضيوف، إذا فالأجانب والمهاجرون الذين يرتادون هذه المنطقة أطلقوا عليها هذا الإسم لأنهم كانوا يسمعونها كثيرا من الرعاة.
وبالنسبة لتاريخ استيطان الصوماليين للقرن الإفريقي وأصلهم فيذكر: أنهم ينتمون إلى المجموعة القوقازمية، وقد نزحت الجماعات الحامية إلى أرض الصومال فى موجات متقاربة، ومن آسيا.
ويُذكر أيضا أن تاريخ استيطان الصوماليين للقرن الإفريقي يرجع إلى عام 1000 ق.م، حين هاجرت قبائل من الجزيرة العربية إلى منطقة خليج عدن من الجانب الإفريقي وعلى امتداد سبعة قرون انتشرت هذه القبائل فى المنطقة حتى وصلت إلى نهر تانا جنوب كينيا، واستقر الشعب الصومالي الذى تكون من هذه القبائل العربية فى المنطقة.
ويوافق د. حسن مكي على هذه الرواية ، فيقول: إن معظم القبائل الصومالية تعود انسابها إلى أصول عربية ، وتفتخر قبائل الشمال بأصلها العربي، وإن وجدت بعض القبائل بالجنوب تركز على أن أصولها أفريقية.
ويقول الكاتب “محمد إبراهيم ليقليقتو” صاحب كتاب “تاريخ الصومال” باللغة الصومالية” إن هناك رواية تقول: أن اصل المصريين القدماء والصوماليين واحد بدليل أنهم يشتركون في صفات كثيرة، وبنهما تشابه كبير، إضافة إلى الآثار التى وجدت، ومعنى هذا فإن الصوماليين لم يتغيروا والشيء الوحيد الذى تغير هو الأسماء والعادات والتقاليد بسبب تقلبات الزمن وانتشار الإسلام بينهم، وهذا يعنى أن وجود الصوماليين يرجع إلى آلاف السنين قبل الميلاد.
ويذكر صادق باشا فى كتابه “رحلة الجبشة من الآستانة إلى أديس أبابا” 1896م وقد قام نفسه بهذه الرحلة “إن أصل الصوماليين ليس من أفريقيا بل هم هنود، حيث جاء أحد ملوك الهند بحرا بجيش عظيم على مضيق باب المندب فى القرن الحادى عشر الميلادي، واستولى على ساحل إفريقيا واستوطن هناك، إلى أن جاء أمير مسقط- عمان بجيش كبير استولى على تلك البلاد باسم الإسلام، فخرب المعابد الوثنية، وحولها إلى مساجد، وأخذ الصوماليون يدخلون فى الإسلام حتى صاروا كلهم مسلمين، بمعنى أن الصوماليين من ذرية هؤ لاء الهنود الذين تحولوا إلى الإسلام.
ويقول عبدالله المشد، ومحمود خليفة، اللذين زارا منطقة القرن الإفريقي عام 1951م، وكتبا تقريرا عنها: “ظهر لنا مما شاهدناه فى بلاد الصومال أن شكانها يرجعون إلى أصلين: فبعضهم عرب خلص ممن كانوا ينزحون إلى هذه الجهات قبل الإسلام وبعده للتجارة، وبعضهم نشأ من التزاوج الذى حصل بين قبائل الغالا التى انحدرت من غرب إثيوبيا وهاجرت إلى الصومال وبين العرب الوافدين من الجزيرة العربية.
وعلى كل فالمتتبع لهذا الآراء وحال الصوماليين وملامحهم فإنه يجد أن الصوماليين عبارة عن خليط من الشعوب الحامية والسامية والزنجية، أما توزيع الصوماليين الحالي من حيث توسعهم فى مناطق كثيرة فى القرن الأفريقي ما هو إلا نتيجة لسلسة من التحركات عبر قرون عديدة، سببتها حرفة الرعي التى يمارسها الصوماليون.
ومع ذلك فهناك صفات عامة يشترك فيه أغلب الصوماليين ومنها: البشرة السمراء، وطول القامة، ونحافة البدن، والأنف المستقيم، والشفاه الرقيقة.

المراجع

[1] . حسن مكى محمد، السياسات الثقافية فى الصومال الكبير، “قرن إفريقيا” 1887 -1786م ، المركز الإسلامي للطباعة ، الخرطوم،1990، ص19

[1] . أنظر:  www.answers.com/topic/history-of-somalia أو عبد الرزاق حسين حسن، المرجع السابق، ص11.

[1] . عبدالرزاق حسين حسن، المرجع السابق، ص 12-13.

[1] . محمود يوسف موسى، القبيلة وأثرها فى السياسة الصومالية، (1960 – 1997م)، د ن، د ت ص 24.

[1] . صادق باشا، رحلة الحبشة من الأستانة إلى أديس أبابا 1996م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيرون، ط1، 2001، ص: 64.

[1] .  عبدالله المشد، محمود خليفة، تقرير عن أحوال المسلمين فى بلاد الصومال وأراتيريا وعدن والحبشة، مطبعة الأزهر، 1951م، ص 11-12.

الدكتور حسن البصري

رئيس جامعة إمام، حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة بحر الغزال - الخرطوم ، عام 2011م، ودرحة الماجستير في التاريخ الحديث من جامعة النيلين - الخرطوم، السودان عام 2006م، وحصل البكالوريوس من جامعة مقديشو كلية الآداب، قسم التاريخ. عام 2001م
زر الذهاب إلى الأعلى