الطريقة الربيعية في الصومال (تمووين):(الجزء الثاني)

تحدثت في الحلقة السابقة عن أهم معالم هذه الطريقة، وطبيعة تأسيسها ومقرها الرئيسها، والآن أكمل في هذه الوريقات بما من شأنه أن يجلو الغموض عن هذه الطريقة ليتعرف القارئ إليها عن كثب.

القطبانية:

إن القطبانية مرتبة ومنصب لزعامة الأولياء حسب الرواية الربيعية وتتجلى -كل عصر-في شخص يتقلدها حتى إذا وافته المنية خلفه آخر، وتأتي بالتعيين والتتويج من قبل الشيخ قطب الأقطاب الشيخ عبد القادر الجيلاني. ومن ظريف ما يتداولونه ويتناقلونه فيما بينهم أن لصا سطا في جنح الظلام على بيت الشيخ الجيلاني في هزيع الليل المتأخر، وفي  تلك اللحظة بالذات، كان قطب الزمان يحتضر في مكان آخر فلم يزل كذلك حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وكانت مهمة الشيخ عبد القادر تعيين من يخلفه في هذا المنصب في ذلك الوقت، فجال بنظره في العالم – بالكشف طبعا- فوجد الجميع غارقين في الرقاد إلا هذا اللص، فعينه خلفا للأول فصار السارق قطب زمانه ويعدّون هذا من غريب المصادفة وفي هذا يقول الشيخ قاسم محي الدين البراوي:

بك سارق صار قطبا يا تارك الوسن

والمقصود أن الشيخ محمد ربيع كان قطب زمانه وفريد دهره حسب اعتقاد الربيعية.

جلسة الأولياء ( الصالحين):

في اعتقاد الربيعية يتم في كل ليلة أربعاء من الأسبوع عقد مؤتمر يشارك فيه جميع الأولياء ( الصالحين)، الأحياء منهم والأموات، برئاسة الشيخ عبد القادر الجيلاني، ويتم طرح الأحداث والقضايا الساخنة للنقاش فيها ثم يبرمون الأمر في نقاط معينة وهذا ما يسمونه بجلسة الأولياء.

طبيب الأولياء:

الشيخ عبد الرزاق الدنكلي المعروف عند الربيعية ب(طبيب الأولياء) هو الذي يتولى ملف العلاج ومكافحة الأمراض في وسط الطريقة، ويباشر –حسب اعتقادهم –معالجة المرضى من المريدين من جميع الأسقام والأدواء، ولذلك عندما يصاب الربيعي بالوعك والحمى يستغيث بهذا الشيخ ويناديه.

القات والسجائر:

أفراد هذه الطريقة -عدا النزر اليسير ممن هم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود-يمضغون القات ويتعاطونه لدرجة الإدمان، وهم مشغوفون به، وفي مركز الطريقة يخصص مكان لاجتماع المريدين فيه لمضغ القات، يسمونه المجلس، وفيه في ضحوة كل يوم يقومون قبل توزيع القات بتنظيفه وتطييبه بتجميره بمجمرة، وينشدون بكل حيوية وحبور قصيدتين إحداهما جيلانية وأخرى في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.

مطلع القصيدة الأولى

يا ربنا بأحمد **صل على محمد**وصحبه والآل

ومطلع القصيدة الثانية:

مدد مدد أشاه **مثواه من أشاه **مدد مدد جيلاني

ويبدأ أحدهم بسرد ما يسمونه (بالمذاكرة) وهو ما أثر عن الشيخ من النصائح والمواعظ، وكذلك ما نقل عنه من الكرامات، وبعد برهة يبدأون بقرآة قصائد، ثم يأخذون استراحة حتى يعاودوا الكرة لإكمال الطقس ببعض القصائد.

ولدى ذوي الشعر القليل آفة أخرى وهي التدخين – وقل من ينجو منهم من ذلك – وأما ذوو الشعر الكثير فهم يتعاطون القات فقط ولكنهم لا يدخنون، ويسمون القات بقوت الأولياء والسجائر بالمسك في محاولة لتجميلهما والدفاع عنهما من الهجوم المتواصل عليهما من أتباع المدرسة السلفية والتي كرست جهودها لمحاربة تعاطي القات والتدخين.

ويشتد العكوف عند الطريقة على القات وتعاطيه في وقت مزاولة الأنشطة الطرقية والاجتماعات الموسمية.

وفي الأيام الأخيرة من حياته تفطن الشيخ محمد ربيع لمضار القات، وكيف أنه مثبط وعائق عن النجاح؛ فإنه يشغل صاحبه عن الواقع المحيط به ويفقده الوعي والإدراك كما أنه من دواعي الكسل والتخلف والإخفاق في ممارسة الحياة الطبيعية وتحقيق الغاية المنشودة. وهذه الأمور كلها لمسها ولاحظها في أتباعه، فبدأ يحثهم على ترك القات ومنع السيجارة على ذووى الشعر، لكن هذه النصحية لم تجد آذانا صاغية، لصعوبة الإقلاع عن هذه المكيفات لمن اعتاد عليها.

ترك الجُمَع:

من الأمور التي اشتهرت بها هذه الطريقة إهمال الجٌمَعِ وتركها حيث يصلون الظهر في وقت الجمعة في مراكزهم، و لم يمكني الاطّلاع على تبريرهم المسوّغ لهذا الأمر، مع العلم بأن إقامة الجمعة واجبة في جميع المذاهب، وهي من شعائر الإسلام المعروفة.

رؤية الهلال:

في الأعياد الإسلامية وصيام رمضان تتكرر اختلافات باتت مألوفة في الوسط الصومالي بين الصوفية والسلفية، بخصوص رؤية الهلال، وأحيانا يصل الاختلاف لدرجة التراشق بالكلمات النابية عبر المنابر، ونادرا ما يجتمع الطرفان على رأي في هذا الصدد، وبالتالي ينقسم الجماهير بين متابع للتيار السلفي يصوم ويفطر معه، وبين من يعطي الولاء للتيار الصوفي ويتبعه في هذه الأمور.

وللطريقة الربيعية في جميع مراكزهم رأي موحد، حيث ينتظرون الإذن من المقر الرئيسي الذي يتحرى في شأن الهلال، ولا يكترثون برأي بقية الصوفية، والغالب كانت الصوفية تتأخر عن السلفية بيوم واحد وأما الربيعية فتتأخر عن الصوفية بيوم كذلك، فهم مرتبطون بمدينة يغوري، ويجرون اتصالات معهم حتى يتلقوا الإذن المبرم في الإفطار أو الصيام.

كيفية العلاج للمسحور:
أولا يتم التعاقد مع أهل المسحور وذويه على أن يدفعوا مبلغا معينا ويشتروا نوعا خاصامن العطور فيحضر المسحور والمصاب بالأرواح والمس في وسط الحلقة فيقرأ عليه القصيدة الخمرية من كتاب المناقب وهي قصيدة يقول عنها منتقدوها أن فيها مخالفات صريحة للشريعة، وفي أثناء المعالجة يأخذ أحدهم العطر فيلقيه في نار موقدة لهذا الغرض لتنتشر رائحته، ثم يقرأ عليه سورة يس ويؤمر يإحضاره إلي السمط لمدة أسابيع.

بعض من أعلام هذه الطريقة:

الشيخ علي عرب

الشيح أحمد محمد عامر

الشيخ محمد إسما عيل محمود المعروف بحيس

الشريف محمود                    الشيخ علي محمود

الشيخ عبد الرحمن حمزة              الشيخ عبد الغفار شيخ علي

الشيخ بشير بن الشيخ علي عرب       الشيخ محمود ياسين

الشيخ عبد الرزاق أحمد ياسين                  الشيخ خليف بن الشيخ محمد ربيع

الشيخ سعيد أغون

وآخرون كثيرون:

وأصحاب الأقلام منهم ممن يدونون اتجاهات الطريقة ويرسمون معالمها، مع التصدّي للمخالفين، وتفنيد أفكارهم هم-حسب علمي-الشيخ علي عرب المعروف بعريب البان له عديد من الرسائل وهو مأخوذ بالسجع وتحري الأساليب البلاغية في رسائله وله كتاب مسجوع كله من ألفه إلى يائه، ومن أهم كتبه

زناد الأشواق لأصحاب الأذواق في سيرة الشيخ محمد ربيع

له رسالة في سيرة الشيخ عبد الرحمن الزيلعي

وله كذلك رسالة في ترجمة الشيخ يوسف الكونين

رسالة بعنوان/ إرواء الظمآن في رد خوارج الزمان

وكذلك فلذة كبده ووارث علمه الشيخ محمد بشير شيخ علي عرب له العديد من الرسائل في الرد على السلفية، من بينها إرشاد الغبي في إثبات أولية نور النبي صلى الله عليه وسلم . ولي رسالة نقدية لهذا الكتاب لم تر النور بعد. ونجله الآخر الشيخ عبد الغفار شيخ علي عرب له رسالة باسم مفتاح الهدى لمعرفة فضائل السعدا.

عدم الاختلاط:

من مميّزات هذه الطريقة وإيجابياتها أن لها موقفاً حاسماً تجاه مسألة الاختلاط بين الرجال والنساء حيث تمنع ذلك منعا باتا، وفي الحفلات الموسمية؛ حيث تحضر النساء للنشاطات والفعاليات وكذلك في وقت أخذ الإجازة والعهد، يفصل بين الرجال والنساء بستار يمنع كلًّا من الجنسين من رؤية الآخر.

أحمد ولي شريف حسن

باحث صومالي مقيم في غاريسا-كينيا، مهتم بالشعر والكتابة
زر الذهاب إلى الأعلى